أمام السفارة الليبية

  • 2018/08/12
  • 1:55 ص
محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

محمد رشدي شربجي

يحيى، ككثيرين ملأ الأمل قلوبهم بعد إسقاط حسني مبارك، ذهبت إليه بعدها بدقائق، وجدته مع إخوته ونبيل متسمرين أمام شاشة الجزيرة، ثم قرروا الذهاب إلى السفارة المصرية للاحتفال هناك، فلم يجدوا إلا المخابرات في انتظارهم.

أمام السفارة الليبية تعرّف على فتاة رأى فيها فتاة أحلامه، التقى بها مرتين في مكان عام، ثم اعتقلت هي مع بداية الثورة، واعتقل هو وتفرقت بهما السبل، كانت قصة حب قصيرة بلا خاتمة.

في مساء الخامس عشر من آذار بدا متشائمًا، قلة قليلة استجابت وشاركت في المظاهرات في سوق الحميدية، أمام وزارة الداخلية، في اليوم التالي اعتقله الأمن وأخذ منه هويته، غافلهم وهرب وأمضى بقية حياته دون هوية.

بعد جمعة العزة -الجمعة الثانية في الثورة السورية- كان في قمة تشاؤمه، كان يرى أننا غير مستعدين، وأن الهزيمة سلميًا خير من النصر بالحرب. السلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيًا.

نبيل، لم يكن المعهد الزراعي ليرضي طموحه، فبدأ دراسة الصحافة وما أنجزه منها كان بتفوق، في الثورة رأى حلمه يتحقق في جريدة عنب بلدي، لم تدم علاقته مع هذا الحلم طويلًا، اعتقل بعدها بأيام قصيرة، من حسن حظه أن الحلم استمر وتوسع وترسخ.

كان أمام السفارة الليبية عندما هاجم الأمن المجتمعين وتلقى منهم عصا غليطة على ظهره، رأيته وهو يركض ضاحكًا، “كانت أطيب عصاية أكلتها في حياتي”، قال لي فيما بعد. السلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيًا.

إسلام، لسبب لا أعرفه، كنت أشعر بجانبه بالأمان، كان لا يخاف، على عكس ما يتوقع المرء من شباب جيلنا، بسيط وملتزم بلا تعقيدات. أراد أن يعطي وحوش الأسد الورود والمياه بنفسه، لم يكن قرارًا صائبًا حينها. ينسب لغاندي القول إنه لولا شرف الشرطة البريطانية لما نجح اللاعنف في الهند، وهو ما لم يأخذه بالحسبان حين توجه إليهم.

أمام السفارة الليبية كان يغني بأعلى صوته أغنية شيخ إمام التي تعلمناها من الثورة المصرية “شيد قصورك”، ثم دفع الجموع للتوجه من حديقة المدفع حيث كان الاجتماع إلى السفارة الليبية. السلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيًا.

على ذكرى الشهداء أن تبقى حية في وجداننا، الطرق على الذاكرة وعدم التطبيع النفسي مع المجرم بأي شكل، وتنشئة أنفسنا وأبنائنا على “حلم العودة” والقصاص.

طريق الحرية صعب وشاق وطويل، خاصة حين يكون عدوك هذا العالم القذر.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي