خورشيد محمد – الحراك السّلمي السّوري
«إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين»
مع كل يوم أزداد إيمانًا أن إسهاب القرآن في قصة بني إسرائيل لم يكن عبثًا… مرة أخرى يفاجئني التشابه الدقيق بين قصة موسى في سورة الشعراء والواقع السوري… النظام يبحث عن أي ذنب ليشوّه صورة الثوار حتى لو دفعهم لذلك دفعًا لكن موسى لم يحاول التبرير والكذب بحجة أن الحرب خدعة وأنه يجب أن يحافظ على صورة الثورة مشرقة ملمعة بل قال: «قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّين» … فأسقط في يد النظام ورد على حجته (نحن علمناكم مجانًا مدارس جامعات مشافي وأنتم عم ترفسوا النعمة وتعضوا اليد التي امتدت لكم) بأن رد الأمر إلى أصله بأن هذه أموال الشعب وأنه هو الذي بحاجة لنا ومن ثم يرد علينا ما يبقينا أحياء لكي نستمر عبيدًا وخدمًا لرفاهية حياته: «وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ».. ثم تأتي معركة إسقاط الحجج والأقنعة ويفقد فرعون شرعيته وهي
بته.. يحاول أن يلملم ما تبقى من سلطانه من خلال تخويف الشعب والإيحاء إليه أنه يتبع مشورتهم «يرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ»… ثم يصور كيف أن أتباع النظام يعبدون المال وكيف أنه لا يكتفي بالاستجابة لطلبهم بل يزيدهم بوعود السلطة (وعده للسحرة بالسلطة والمال) ثم تأتي حكمة موسى وكيف استطاع أن يؤمّن أكبر تغطية إعلامية ممكنة لثورته عندما طلب أن يحشر الناس في وقت الضحى (عندما تكون الرؤية واضحة) وفي يوم الزينة (حين يكون هناك أكبر عدد من المشاهدين )… وتستمر القصة لتبيّن لنا أنه يمكن لأعتى الشبيحة أن يؤمنوا ويسجدوا لرب الثوار بعد أن كانوا يهتفون بحياة بشار ويعبدونه علنًا «بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون» ويواجهوا التعذيب والتقطيع… فقط عندما نعرف كيف نسقط المبررات ومن ثم نملأ الفراغ بالحجج المناسبة… جن جنون النظام فأرسل في المدائن حاشرين: هذه عصابات مسلحة… مخربين… إرهابيين… حاقدين على العلوية… نحن أقوياء عنا سلاح… عنا الحكومة… بدنا نلعن أبوهم !!!!
«فأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ .إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ… وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ… وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ»…. لكن النتيجة ….
«فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ… وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ… كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ… فما بكت عليهم السماء وما كانوا منظرين» .. في قلب المعركة يشكك الثوار في موسى فيتمسك بربه وينفلق البحر كالطود العظيم (منظر تقشعر له الأبدان) ينجو صاحبه ويغرق الآخرون … «إن في ذلك لآية «ولكن» ما كان أكثرهم مؤمنين» سيقولون لك ذلك موسى وانتهى زمن المعجزات والمدد الإلهي …عندها تتوالى القصص تترى في السورة لتبين أشكال مختلفة لقانون واحد وهو نجاة المؤمنين المحسنين «كذلك ننجِ المؤمنين» و «كان حقًا علينا نصر المؤمنين» … وهل يضيع حق عند الحق !!!
والحمد لله رب العالمين