مبادرات مدنية لجمع مكونات السويداء في “تحالف موحد”

  • 2018/08/05
  • 1:12 ص

شخصيات من حركة رجال الكرامة في تعزية لأحد قتلى هجوم تنظيم الدولة على السويداء - تموز 2018 (رجال الكرامة)

السويداء – نور نادر

“في الحرب تسود العصبية الطائفية، وفي السلم تسود العصبية العشائرية”، تصف الباحثة بريجيت شيبلر طبيعة تكوين المجتمع الدرزي في كتابها “انتفاضات جبل الدروز”، المجتمع الذي بدت تركيبته أوضح في الأيام الماضية، بعد الهجوم الذي بدأه تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدينة السويداء وريفها الشرقي.

تبعات الهجوم لا تزال حتى اليوم، سواء على الأرض بالتحركات المستمرة للتنظيم في بادية المحافظة أو على المستوى الداخلي، والذي تشغله قضية النساء المختطفات بشكل أساسي، والمرحلة المقبلة التي ستعقب الانتهاء من أي عمل عسكري في محيط المنطقة.

وشهدت المحافظة في الأيام الماضية تحركات مدنية لجمع المكونات والقوى العاملة فيها على الأرض في تحالف لمواجهة القضايا الاجتماعية والخدمية وحتى العسكرية منها بشكل منظم، في خطوة تعتمد على وضع الخلافات جانبًا سواء على الصعيد السياسي أو العشائري.

اجتماع مرتقب

في 4 من آب الحالي، اجتمعت بعض المبادرات الشبابية التطوعية وفرق العمل المدني و”أصحاب الأيادي البيضاء” في السويداء بعد دعوة نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وحضر الاجتماع وفد من جهة تحاول أن تلتقي بمشايخ العقل وجميع الفصائل والقوى المؤثرة على الأرض، لتشكيل غرفة عمليات خاصة بتنظيم آليات الاستجابة والدفاع عن الجبل من جميع السيناريوهات المُحتملة.

ورجح مصدر مطلع، من المشاركين بالتحركات، التوصل إلى اجتماع بين جميع القوى في السويداء (رجال الكرامة، مشايخ العقل، الدفاع الوطني، الحزب القومي، رجال مشايخ العقل) وأطراف أخرى فاعلة في المحافظة، من أجل تنظيمهم وحل الخلافات فيما بينهم، كخطوة لـ “الدفاع عن الجبل”.

خالد، ناشط وصحفي (طلب عدم ذكر اسمه كاملًا)، يقول إن “التحالف” الذي تدعو له الفعاليات المدنية من المفترض أن يعمل على رفض أي تدخل دولي في المحافظة، أو سحب السلاح من يد التشكيلات المحلية.

ويعتبر في حديث لعنب بلدي أنه في حال تشكيل “التحالف الموحد” سيكون “الوجه الواعي للجبل تجاه مخططات النظام في إعادة بسط سيطرته على المحافظة، وسحب المتخلفين عن الخدمة، كما سيعمل على تنظيم الجهود والمقاومة”، مؤكدًا “سواء كانت داعش ورقة لبث الفوضى أو لشن حالة حرب في المحافظة سيعمل التحالف على مجابهتها”.

وجاءت فكرة تشكيل التحالف على خلفية عدم مشاركة قوات الأسد بصد هجوم التنظيم، إذ اقتصر التصدي فقط على التشكيلات المحلية من أبناء المحافظة.

وعقب الهجوم بساعات تغنى النظام السوري عبر وسائل الإعلام الرسمية بمشاركة قواته في طرد تنظيم “الدولة” من محافظة السويداء، لكن ناشطين في المدينة أكدوا إحجام قوات الأسد عن المشاركة في المعارك، وأثار حديثه غضب مواطنين في السويداء وخاصة المقاتلين المحليين.

ولم يكتف النظام بالإحجام عن المشاركة، بل استمر بطلب السلاح من الفصائل المسلحة.

وقالت ناشطة من قرية الشبكي بريف السويداء الشرقي لعنب بلدي، إن قوات الأسد طلبت في الأيام الماضية من الفصائل المسلحة في القرية تسليم السلاح الذي سيطرت عليه من التنظيم في أثناء دخوله للمنطقة، لكن المقاتلين رفضوا الطلب وهددوا العناصر بـ “نفاد صبرهم”.

“علاقة متينة” رغم الخلافات

تختلف محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية عن غيرها من المحافظات السورية من ناحية التكوين المجتمعي المشكل لها، والذي يشهد ترابطًا بين جميع العائلات، رغم الخلافات بينها، والتي لا تظهر على الواجهة.

ومن سمات الترابط المجتمعي ما شهده اليوم الأول من هجوم التنظيم، إذ وصلت تعزيزات من مقاتلين دروز من مختلف المناطق السورية، من جرمانا وصحنايا والجولان وجبل العرب وجبل الشيخ للمشاركة في المواجهات إلى جانب التشكيلات المحلية في السويداء.

ولم يقتصر الأمر على الناحية العسكرية، بل تحركت القوى المدنية الدرزية في دول عديدة بمظاهرات و”وقفات مناصرة” أضاء فيها الناشطون الشموع، وحملوا علم “الخمسة حدود” والبيارق، وهي رموز دينية للطائفة في كل من ألمانيا وبلجيكا والسويد ولبنان والجولان والأردن.

يقول أحد الباحثين في تاريخ الجبل والتكوين المجتمعي للطائفة الدرزية (طلب عدم ذكر اسمه) إن الدروز في جميع الدول والمناطق تربطهم علاقة متينة، بعيدًا عن “العصبية العشائرية” التي نشبت بين العائلات الصغيرة والكبيرة بينهم.

ويضيف لعنب بلدي أن “الصراع الوجودي لدى الأقليات يخلق حالة من العصبية الطائفية في الحرب مع جهة خارجية (خارج الدين التوحيدي) تجعلهم يتكاتفون للصراع من أجل البقاء”.

ويعتبر أنه ورغم تحضر المجتمع الدرزي والانفتاح الكبير الذي يظهر عليه، إلا أن هذا الانفتاح يخفي وراءه “خوفًا أقلويًا” لا أصلًا فكريًا، أي أنهم يجدون أن التعصب وبناء جماعة معادية لجماعات أخرى يؤثر على وجودهم، وأن الانفتاح على المجتمعات الأخرى يحميهم.

وعلى المستوى السوري، لمس أهالي السويداء نوعًا من التعاطف في العديد من المناطق السورية على اختلاف توجهها لم تشهده مناطق تعرضت لهجمات مماثلة، وخاصة في السلمية وحمص واللاذقية.

روسيا تتولى مفاوضات المختطفات

أبرز التبعات التي تركها هجوم التنظيم هي النساء المختطفات اللاتي لا يزال مصيرهن مجهولًا حتى اليوم، إلى أن أعلنت روسيا دخولها في عمليات التفاوض الخاصة بهن.

وبحسب الشيخ يوسف الجربوع، أحد مشايخ الموحدين الدروز في سوريا تولت روسيا التفاوض مع تنظيم “الدولة” سعيًا لإطلاق سراح المختطفات لدى التنظيم قبل أكثر من أسبوع.

وقال الجربوع لوكالة “فرانس برس”، في 3 من آب الحالي، إن “الجانب الروسي يتولى التفاوض بالتنسيق مع الحكومة السورية”، مشيرًا إلى أن التنظيم “خطط لاختطاف رهائن بهدف الضغط على الدولة السورية لتحقيق مطالب معينة”.

وفي المفاوضات الأولى رفض الوفد المفاوض شروط التنظيم التي تتضمن إطلاق أسرى له من نساء ورجال من سجون النظام السوري، ووقف الحملة العسكرية على حوض اليرموك بالدرجة الأولى.

ومن ضمن الشروط المطروحة انسحاب قوات الأسد من أراضي السويداء، وعدم مشاركة أبناء الجبل بأي معركة إلى جانبها، بالإضافة لمنع استخدام أراضي السويداء في المعارك ضده.

لكن الشيخ يوسف جربوع لم يحدد ما هي مطالب تنظيم “الدولة”.

وبلغ عدد المخطوفين 21 سيدة إلى جانب ثمانية أطفال، ولم يصدر عن النظام السوري أي تصريحات حول التفاوض وتلبية شروط التنظيم، أو تحديد مصير المختطفات.

–         شن تنظيم “الدولة الإسلامية”، في 25 من تموز، هجومًا على مدينة السويداء وريفها أسفر عن مقتل أكثر من200  شخص، بينهم مقاتلون محليون ومدنيون.

–         اعتبرت الهجمات أكبر حادثة تمر على تاريخ المحافظة، منذ مطلع الثورة السورية.

–         ألمحت الأمم المتحدة إلى تورط النظام السوري بالهجوم، بنقل مقاتلي التنظيم من جنوبي دمشق إلى بادية المحافظة.

–         الخارجية الروسية نفت صلة النظام بالهجوم،  وقالت إن الناشطين بحقوق الإنسان، حاولوا سلوك طريق المتاجرة بالسويداء لإلقاء اللوم على دمشق.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا