دمشق – ماري العمر
مع عودة الحياة إلى مدينة المليحة في ريف دمشق تدريجيًا، يفكر محمد، ابن المدينة، بشكل جدي بالعودة إليها بعد غياب دام لأربع سنوات، قضاها متنقلًا بين منازل العاصمة دمشق في أحياء الميدان والسبع بحرات وشارع بغداد.
لم يتحمل محمد (رفض الكشف عن اسمه كاملًا لأسباب أمنية) نفقات الإيجار، فقرر مشاركة أحد أقربائه في استئجار منزل في مدينة دمشق، لكن الكثير من العوائق وقفت بوجه راحته وراحة عائلته، منها إصابة عمل تعرض لها عام 2010 وأقعدته عن العمل منذ ذلك الوقت.
ونتيجة إصابته، يعتمد محمد (73 عامًا) على زوجته في تأمين مصروف المنزل، ويسهم فيه بشكل محدود، لكن ما يجنيانه لا يكفي لإعالة أسرة مؤلفة من أب وأم وولدين، وتأمين مصاريف الإيجارات الشهرية، وفق ما أكده في لقاء مع عنب بلدي، لافتًا إلى أن الضيق المادي هو ما يدفعه للعودة مجددًا إلى منزله في المليحة.
عودة تدريجية
قرر محمد العودة إلى مدينته بعد أن بسطت قوات الأسد سيطرتها على المنطقة وسمحت لبعض العائلات من المليحة الدخول إليها والإقامة بها.
يقول محمد إنه فوجئ بأن منزله لم يكن مدمرًا بسبب القصف الذي تعرضت له المليحة خلال الحملة التي شنها النظام لاستعادة المدينة عام 2014، ولكنه لم يجد فيه أيًا من ممتلكاته التي تركها فيه، إذ تعرضت جميعها للسرقة.
إضافة إلى محمد وعائلته، تشهد مدينة المليحة في الغوطة الشرقية عودة تدريجية لسكانها، بالتزامن مع فتح الطرقات وإزالة الأنقاض ومخلفات القصف الناجم عن المعارك.
وكانت قوات الأسد مع حلفائها من مقاتلي الميليشيات الموالية سيطرت على المدينة بعد معارك استمرت لمدة 135 يومًا مع فصائل “الجيش الحر” بالمنطقة عام 2014.
لا تشكل النسبة العائدة من السكان إلى البلدة سوى أقل من ثلثهم إلى المناطق البعيدة عن مقر “إدارة الدفاع الجوي”، والتي لم تلق النصيب نفسه من القصف الذي ناله الجزء الغربي منها، وفق ما أكدته مصادر محلية لعنب بلدي.
وكان عدد سكان المليحة يفوق 23 ألفًا وفق التعداد السكاني لعام 2004، الصادر عن المكتب المركزي للإحصاء.
جهود ذاتية لإعادة الحياة
يقول محمد لعنب بلدي إنه بمساعدة بعض الجمعيات وأقاربه تمكن من صيانة بعض الأضرار التي تعرض لها المنزل وشراء بعض الحاجيات، لكنه يفضل البقاء في منزله بدمشق حتى يتمكن من إعادة صيانته بشكل كامل.
ويعمل العائدون من الأهالي بشكل طوعي على إزالة ركام منازلهم ريثما تكمل بلدية المليحة عمليات إزالة الأنقاض في المدينة كاملة.
كما وعدت البلدية الأهالي بافتتاح مستوصف صحي في المنطقة وترميم المركز الصحي السابق، إلى جانب عودة الخدمات للمنطقة من مياه وكهرباء وافتتاح الطريق التجاري مع دمشق بشكل كامل.
ورغم الوعود الحكومية، والعودة التدريجية، لا يزال هناك تخوف لدى الأهالي الذين غادروا المنطقة من التكاليف الكبيرة التي ستترتب عليهم لترميم منازلهم في حال قرروا العودة، ومن التدقيق الأمني الكبير الذي تشهده الغوطة الشرقية بشكل عام.