كشفت وكالة “رويترز” عن مذكرة روسية أرسلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للحصول على تعاون أمريكي، لتنفيذ الخطة الروسية المزدوجة بشأن إعادة الإعمار وعودة اللاجئين إلى سوريا.
وقالت الوكالة اليوم السبت 4 من آب، إن المذكرة أرسلها رئيس الأركان العامة للجيش الروسي، فاليري جيراسيموف، إلى نظيره الأمريكي، جوزيف دنفورد، في تموز الماضي، بشكل سري.
مضمون المذكرة الروسية
حملت المذكرة اقتراحًا روسيًا إلى الجانب الأمريكي، يدعوه للتعاون في دعم مشروع إعادة الإعمار، والمساهمة في إعادة اللاجئين وبسط الاستقرار في سوريا.
وجاء في نص الاقتراح الروسي أن “النظام السوري يفتقر إلى المعدات والوقود والمواد الأخرى والتمويل اللازم لإعادة بناء البلاد من أجل استيعاب عودة اللاجئين”، لكن وبحسب الوكالة، فإن الاقتراح يشمل مناطق سيطرة الأسد فقط.
كما كشفت الوكالة عن خطاب محلق من الجنرال الروسي إلى نظيره الأمريكي، يطلب من خلاله تحويل التعاون الأمريكي الأردني حول اتفاق “تخفيف التوتر”، إلى لجنة لتنفيذ خطة إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار في سوريا.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت عن خطة مشتركة عرضتها على واشنطن لإعادة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن إلى سوريا، وذلك خلال قمة هلسنكي التي جمعت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بنظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في تموز الماضي.
ورفضت وزارة الدفاع الروسية والكرملين التعليق على المذكرة، بحسب “رويترز”.
بماذا ردت واشنطن؟
وبحسب الوكالة، فإن واشنطن استقبلت الاقتراح بفتور، وقالت إنها تدعم هذه المبادرة إذا تم التوصل إلى حل سياسي ينهي حالة الحرب المستمرة في سوريا، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأوضحت أنها لن تساعد بعودة اللاجئين، إلا إذا كانت “عودة آمنة وطوعية وبكرامة”.
ونفت المذكرة أن يكون هناك أي تغيير في السياسات بين واشنطن وموسكو، بعد قمة هلسنكي الأخيرة، بين الرئيسين دونالد ترامب، وفلاديمير بوتين، خلافًا للتصريحات الروسية حول ذلك.
وجاء في الرد الأمريكي على التصريحات الروسية “شارك دبلوماسيون روس ومسؤولون آخرون في حملة شرسة لوصف المبادرة في عواصم أخرى بطريقة توحي بأنها نتيجة القمة الأمريكية الروسية في هلسنكي. وهو ليس صحيحا… نكرر ليس صحيحًا“.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، اشترطت رحيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عن السلطة، مقابل تقديم مساعدات تفضي للاستقرار في سوريا، وهي التي تحمله مسؤولية الدمار والقتل.
ونقلت الوكالة عن المتحدثة باسم الأركان الأمريكية، باولا دون، إن الجنرالين الروسي والأمريكي اتفقا على إبقاء المحادثات سرية، لتجنب الطرفين أي فهم خاطئ يؤدي لحرب بينهما.
وفي وقت سابق ردت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، على المطالبات الروسية بموقف إيجابي من واشنطن، بقولها، “نحن ندعم عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، على أن تكون العودة آمنة وطوعية وكريمة (…) لا أعتقد أن الوضع يسمح بذلك حاليًا وفقًا لما تقوله المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.
وقال وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس، في نهاية تموز الماضي، “لن يكون هناك تعاون بين الجيش الأمريكي والقوات الروسية في سوريا في الوقت الراهن، سواء على الصعيد العسكري أو على صعيد اللاجئين”، وهذا ما أكدته المذكرة السرية بين الطرفين، والتي نفت بشكل قاطع الادعاءات الروسية.
روسيا والخطة المزدوجة
استخدمت وزارة الخارجية الروسية أذرعها الإعلامية لإبلاغ شركائها الرسميين بالنهج الروسي للشروع الفوري في العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين والمشردين المؤقتين.
وتقدر الأمم المتحدة حاجة سوريا إلى 300 مليار دولار على الأقل لإعادة إعمار البنى التحتية، فيما يتحدث رئيس النظام السوري، بشار الأسد عن أن “إعادة البنية التحتية يكلف 400 مليار دولار على الأقل، ويلزم لهذا وقت من عشرة إلى 15 عامًا”.
وكانت مفوضية اللاجئين أبدت استعدادها للتنسيق مع روسيا والنظام السوري بشأن ملف عودة اللاجئين، مشترطة أن تكون العودة “طوعية” و”آمنة”.
ويقدر عدد اللاجئين السوريين حول العالم بنحو 5.6 مليون، وفق أرقام الأمم المتحدة، إلا أن وزارة الدفاع الروسية قالت، أمس، إن عددهم يصل إلى سبعة ملايين لاجئ سوري، مشيرة إلى أن 1.7 مليون بإمكانهم العودة “في أقرب وقت”.
وتدخلت روسيا في أيلول 2015، وأسهمت عبر ترسانتها العسكرية، بترجيح الكفة لصالح حليفها بشار الأسد، على حساب المعارضة وسط مقتل آلاف الضحايا المدنيين، وتدمير واسع للمدن والبنى التحتية في سوريا.
لكن صراعًا روسيا- أمريكيًا يختبئ في طيات الملف السوري، وتحاول موسكو دائمًا التغلب على الوجود الأمريكي في سوريا، ومطالبة واشنطن بالانسحاب ووقف الدعم لحلفائها في جنوب وشمالي سوريا.
ومع انتهاء العمليات العسكرية في الجنوب السوري، كشفت روسيا عن خطة لإعادة اللاجئين وإعادة الإعمار في سوريا، عبر حشد دولي بدأته من واشنطن، بما يوحي بنية الروس الهيمنة الكاملة على الملف السوري.