دخلت أنقرة وواشنطن في أزمة دبلوماسية تعتبر الأكبر بين البلدين منذ عقود على خلفية اعتقال تركيا للقس الأمريكي أندور برانسون، الذي تتهمه أنقرة بضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة، في تموز 2016.
وتدهورت العلاقات بين الدولتين بعد إعلان وزارة الخزانة فرض عقوبات اقتصادية على وزير العدل، عبد الحميد غول، والداخلية، سليمان صويلو، التركيين.
وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على الوزيرين، تشمل تجميد الأصول المالية المحتمل وجودها في الولايات المتحدة التابعة للوزيرين.
وقالت ساندرز، في بيان، “بتعليمات من الرئيس ستفرض وزارة الخزانة عقوبات على وزيري الداخلية والعدل، اللذين لهما دور في حبس القس برانسون”.
وردت أنقرة على القرار الأمريكي بتوعدها بفرض عقوبات “مماثلة” بشكل فوري.
واستنكر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قرار واشنطن حول العقوبات المفروضة.
وقال أوغلو في تغريدة عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، الأربعاء 1 من آب، إن “سعي الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على وزيرينا لن يبقى دون رد”.
وتعتبر هذه المواجهة هي الأسوأ دبلوماسيًا بين البلدين منذ أزمة احتلال تركيا للقسم الشمالي من جزيرة قبرص عام 1974.
تهديدات سبقت العقوبات
هدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق بفرض عقوبات “كبرى” على أنقرة في حال لم تطلق سراح القس الأمريكي.
وقال ترامب في تغريدة عبر “تويتر”، 27 من تموز الماضي، إن “الولايات المتحدة ستفرض عقوبات كبرى على تركيا بسبب احتجازها الطويل للقس آندور برانسون”، مضيفًا أن “هذا الرجل البريء يعاني بشدة ويجب إطلاق سراحه فورًا”.
وفي الجهة المقابلة، نددت وزارة الخارجية التركية فيما اعتبرته “تدخلًا” من الرئيس الأمريكي في شؤون القضاء التركي.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أقصوي، إنه “لا يمكن لأحد أن يعطي الأوامر لتركيا أو يهددها، ولا يمكن القبول باستخدام خطاب تهديدي ضد تركيا”.
وأشار أقصوي إلى أن تركيا تبدي إرادة سياسية من أجل تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، مضيفًا “لا يمكننا القبول برسائل التهديد من الإدارة الأمريكية، التي تتجاهل علاقات التحالف والصداقة بين بلدينا”.
وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية أن قضية القس الأمريكي برانسون متعلقة بسلطة القضاء “المستقل”، وأنه تم شرحها للإدارة الأمريكية في عدة مناسبات.
ما هي قضية القس؟
ألقت السلطات التركية القبض على القس الأمريكي أندور برانسون، في 9 من كانون الأول 2016، بعدة تهم تضمنت “ارتكاب جرائم” باسم منظمتي “غولن” و”حزب العمال الكردستاني” (بي كي كي)، الذي تعتبره تركيا منظمة “إرهابية”، تحت مظلة رجل دين.
وذكرت لوائح الاتهام أن القس “كان يعرف الأسماء المستعارة لقياديين في منظمة غولن”، وفق ما قالت وكالة “الأناضول” التركية.
وأوقفت السلطات التركية القس 21 شهرًا بتهمة دعم جماعة فتح الله غولن، التي تتهمها أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب، في منتصف تموز 2016، قبل أن تحيله إلى الإقامة الجبرية.
وتطالب تركيا الولايات المتحدة بتسليمها فتح الله غولن وأفرادًا من منظمته، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
كما تضمنت اللائحة محتوى رسالة بعثها برانسون، لأحد العسكريين الأمريكيين، يعرب فيها عن حزنه لفشل محاولة الانقلاب، ورسالة كانت على هاتفه تقول، “كنا ننتظر وقوع أحداث تهز الأتراك، وتشكلت الظروف المطلوبة لعودة عيسى (النبي)، ومحاولة الانقلاب صدمة، والكثير من الأتراك وثقوا بالعسكر كما السابق ولكن هذه المرة كان الآوان قد فات، وهذه هزة أخرى بعد محاولة الانقلاب، وأعتقد أن الوضع سيزداد سوءًا، وفي النهاية نحن سنكسب”، وفق ما نقلت وكالة “الأناضول”.
وذكرت الوكالة أن الفحص التقني التقط إشارات لهاتفي برانسون، والهارب بكر باز، الذي نفى القس لقاءه، 293 مرة في مكان قريب جدًا من بعضهما البعض.
ولا تنفي واشنطن ضلوع القس في محاولة الانقلاب لكنها تطالب أنقرة بالإفراج عنه.
–