المعتقلون السوريون قانونيًا.. معتقلو رأي أم سياسيون؟
يحاول النظام السوري إظهار نفسه بمظهر المتمسك بالقانون وتطبيقه، كما يحصل في ملف المعتقلين وقوائم القتلى التي يرسلها يوميًا إلى دوائر النفوس.
لكن لو أن هؤلاء المعتقلين خضعوا لأحكام قانون العقوبات وفق الدستور السوري، لكانوا في أسوأ حالاتهم يقضون فترة من الحبس أو الأشغال الشاقة، في سجن يراعي الحدود الدنيا لحقوقهم الإنسانية.
الفرق بين معتقل الرأي والمعتقل السياسي
تخلط وسائل الإعلام بين مصطلحي “معتقل الرأي” و”المعتقل السياسي”، والحقيقة أن القانون الدولي لم ينص على تعريف محدد لهما، لكن الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، أكدا على أن “الحق في الحياة” هو حق ملازم للإنسان حتى لو كان سجينًا.
وأول مرة يذكر فيها مصطلح “المعتقل السياسي” في تشريع دولي كان في العراق، بعد التدخل الأمريكي تحت اسم “قانون مؤسسة السجناء السياسيين” رقم 4 لعام 2006.
وورد في المادة الخامسة من هذا القانون المحلي التعريف التالي للسجين السياسي: وهو من حبس أو سجن بسبب معارضته للنظام في الرأي أو المعتقد أو الانتماء السياسي أو تعاطفه مع معارضيه أو مساعدته لهم.
وخلص فقهاء القانون إلى عدة تعريفات للمعتقل السياسي، تقاطعت جميعها بخلاصة، أن “المعتقل السياسي” هو كل من حجزت سلطات بلده حريته، بسبب رأيه السياسي، أو انتمائه لحزب معارض.
في حين عرّف فقهاء في القانون مثل ميشيل فوكو “معتقل الرأي” بأنه من يعتقل بسبب التعبير عن رأيه، سواء كان سياسيًا أو إنسانيًا، أو اجتماعيًا، أو دينيًا، أو بسبب انتماءاته العرقية أو الدينية.
وبذلك يكون مصطلح معتقل الرأي أعم وأشمل من المعتقل السياسي، فكل معتقل سياسي هو معتقل رأي، بينما ليس كل معتقل رأي معتقلًا سياسيًا.
قانون العقوبات السوري والجرائم السياسية
عامل النظام الناشطين السلميين معاملة من يصنفهم بـ “المجرمين السياسيين”، منذ بداية الثورة، إذ كان يحول نسبة قليلة من المعتقلين وبشكل دوري من الأفرع الأمنية إلى محكمة الإرهاب، التي أحدثها النظام عام 2013، بديلًا عن محكمة أمن الدولة، التي كان الغرض منها محاكمة “المجرمين السياسيين”.
ويعتبر قانون العقوبات السوري جرائم (التظاهر، النيل من هيبة الدولة، تحقير رئيس الدولة، تعكير الصفاء، إلحاق الأضرار بأملاك الدولة، بالإضافة إلى الجرائم الواقعة على الدستور من عصيان وتغيير الدستور)، بالإضافة إلى جرائم أخرى، جرائم سياسية، تتراوح عقوباتها بين الحبس لمدة ثلاثة أشهر إلى الأشغال الشاقة المؤقتة مدة 15 عامًا.
والجرم الوحيد الذي يستحق عقوبة الإعدام بموجبه القانون السوري هو جرم الخيانة.
وتدل هذه العقوبات على أن مكان تنفيذها هو السجن، الذي تفرض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق السجناء معاملتهم بإنسانية، والحفاظ على كرامتهم الإنسانية الأصيلة، والتمتع بالحقوق المتعارف عليها في المواثيق الدولية، كحق المعتقل في التظلّم مما يتعرض له في السجن من ممارسة غير قانونية من قبل السلطة.
ولا يجوز أبدًا أن تستخدم أدوات تقييد الحرية كالأغلال والسلاسل والأصفاد وثياب التكبيل كوسائل للعقاب.
كما يجب أن يعرف أسباب اعتقاله، وحق الإدلاء بالأقوال في أقرب وقت والدفاع عن نفسه والاستعانة بالمحامي، والحق في الحصول على المعلومات عن حقوقه والحق في تبليغ الأسرة بالمكان الذي تم نقله إليه، والحق في الاتصال وتوفير زيارة الأسرة، والحق في أن يكون قريبًا من الأسرة وفق القواعد النموذجية لمعاملة المسجونين، واحترام حقوقه دون تمييز.
بينما في السجون السورية التي تعج بآلاف المعتقلين، على خلفية الثورة، تنتفي أبسط حقوقهم كالحق في تبليغ الأسرة بمكان المعتقل، ومصير الآلاف منهم مجهول عدا عن التعذيب الممنهج والظروف الموغلة في لا إنسانيتها.
ومع غياب الأرقام الرسمية، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وجود أكثر من 118 ألف معتقل سوري بالأسماء، 88% منهم موجودون في معتقلات النظام السوري، لكن التقديرات تشير إلى أن العدد يفوق الـ 215 ألف معتقل.
كما وثقت مقتل أكثر من 13 ألف شخص تحت التعذيب في سوريا، 99% منهم على يد النظام.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :