حمص – عروة المنذر
عانى التركمان في سوريا كغيرهم من مكونات الشعب السوري من حرب السنوات الماضية، وكانوا من أكبر المتضررين جراء التهجير القسري في حمص وريفها، إذ كانوا يقطنون في أحياء الوعر وبابا عمرو والقصور، وفي أكثر من 50 قرية في أرياف حمص.
لا توجد إحصائية رسمية حسب التصنيف العرقي للسكان في سوريا تشمل التركمان، ولذلك لا يمكن معرفة أعدادهم بدقة عند العودة إلى سجلات النفوس، فتسجيلهم كان على أساس ديني كونهم مسلمين.
في حين يشير كتاب “الصراع لأجل السلطة في سوريا” للكاتب “نيكولاس فان دام”، والذي يعد أحد أهم الكتب التي تطرقت لتعداد التركمان في المنطقة، إلى أن نسبة التركمان السوريين تشكل 3% من التعداد الكلي للسكان.
ويقدر عددهم بـ 484 ألف نسمة من أصل ما يزيد على 16 مليونًا، بحسب أرقام عام 1997.
كما تشير بعض المراجع إلى أن التركمان بين من يعلمون بأصولهم التركية ومن لا يعلمون، وفي مختلف مراكز وجودهم في سوريا، تتراوح أعدادهم بين 3 و3.5 مليون تركماني.
نزوح ثم تهجير من ريف حمص الشمالي
تعرض التركمان في محافظة حمص للتهجير منذ عام 2014، إذ هجرت قوات الأسد ما يزيد على سبعة آلاف من أهالي قرى الزارة والحصريجة والشواهد وقلعة الحصن في ريف مدينة تلكلخ في ريف حمص الغربي، وتقع هذه القرى في محيط علوي إلى جانب بعض قرى وبلدات وادي النصارى ذي الغالبية المسيحية.
ويقول أبو قاسم عجو، من سكان قرية الزارة، لعنب بلدي، إنه منذ انطلاق الثورة السورية ودعم تركيا للمعارضة السورية، بدأت المضايقات من القرى المجاورة، فاتهم بعض المقاتلين الموالين للنظام السوري التركمان بـ “العمالة”، وبعد سيطرة قوات الأسد على قراهم تم تهجيرهم، ولم يسمح إلا لبعض العائلات بالعودة، وتم نصب حاجز في بداية كل قرية لمنع العائدين، وسط مطالبتهم بنقلهم إلى تركيا، ما دفعهم للنزوح المتكرر إلى وجهات متفرقة، منها تلكلخ ولبنان وريف حمص الشمالي، ثم أخيرًا إلى عفرين في شمالي سوريا.
وفي 2016 هُجر أهالي قريتي قزحل وأم القصب الواقعتين على طريق مصياف والبالغ عددهم ثمانية آلاف مدني إلى ريف حمص الشمالي، بعد مجزرة راح ضحيتها 18 شابًا.
وفي “اتفاق التسوية” مطلع العام الحالي، خرج سكان بقية قرى التركمان في سهل الحولة (برج قاعي والسمعليل) إلى الشمال السوري مع بقية مهجري ريف حمص.
ويقول أبو غنام سليمان، من قرية السمعليل، لعنب بلدي إنه “مع اتفاق ريف حمص الشمالي هجر 90% من تركمان حمص النازحين أصلًا”، مشيرًا إلى أنه لم يبق في قرى التركمان سوى بعض كبار السن والمتعاونين مع النظام من التركمان.
وعود تركية بالتوطين
مع سيطرة فصائل “الجيش الحر” بدعم تركي على مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، بدأت الوعود لتركمان ريف حمص الشمالي وتركمان الجولان، المهجرين مؤخرًا من قرى الجولان السوري في اتفاق الجنوب السوري، من قبل المجلس الأعلى للتركمان في تركيا بالتوطين في القرى التي يقطنونها حاليًا.
ويقول محمد التركماني، من تركمان قرية السمعليل، لعنب بلدي، إنه منذ مجيء التركمان إلى الشمالي السوري طلب قادة تركمان في “الجيش الحر” منهم بالتوجه إلى قرى عفرين، وقطعوا وعودًا على لسان شخصيات في المجلس الأعلى للتركمان بالتوطين في قرى الكرد المهجرين إلى شرق الفرات، الأمر الذي اعتبره محمد تغييرًا ديموغرافيًا ضحيته الكرد كما التركمان.