داعش الأسد.. من الرقة الى السويداء

  • 2018/07/29
  • 12:07 ص

إبراهيم العلوش

منذ الأيام الأولى للثورة السورية اعتمد النظام سلاح الجريمة في مواجهة الشعب السوري، وما جريمة المذابح في السويداء يوم الأربعاء الأسود 25 من تموز 2018 إلا استمرارًا لنهج النظام في استعمال الجريمة ضد كل من تسول له نفسه بمعارضة نظام المافيا الأسدية.

داعش، التي نقلها النظام من مخيم اليرموك والحجر الأسود في دمشق وأسكنها في بادية السويداء القريبة من اللجاة، وفتح الطرقات أمامها للدخول إلى قلب المدينة التي ترفض أن ترسل خمسين ألفًا من أبنائها لقتل أبناء درعا، تنوب اليوم عن شبيحة النظام بارتكاب هذه الجريمة الجديدة.

تتزامن جريمة الأربعاء الأسود مع جرائم أخرى، مثل تدمير وتعفيش المدن والبلدات في درعا، وجرائم توزيع قوائم الموت على السوريين المنتظرين لأبنائهم الذين اعتقلوا منذ سنين طويلة، ففي اليوم الذي ارتكبت فيه داعش هذه الجريمة تم الكشف عن مئات الأسماء من أبناء داريا وحدها، ممن قضوا تحت التعذيب في فروع مخابرات النظام ومؤسساته الأمنية.

اعتمد النظام على أجهزة الأمن ذات النواة الطائفية، والتي صممها الأسد الأب، واستعملها بكفاءة في أحداث الثمانينيات، والتي عززت ابتسامته الصفراء الحقودة، وهو يحصد عشرات ألوف الشباب السوريين، تحت شعار مكافحة التطرف الذي يرتعد منه الغرب، وبعده جاء الأسد الابن وعزز إرهاب النظام بإطلاق آلاف المجرمين الجنائيين بعد تعهدهم بالإسهام في قمع المظاهرات السلمية، وكان خطاب بشار الأسد فاصلًا في 20 من حزيران 2011، عندما أعلن عن نيته العفو عن ستين ألف مجرم جنائي. ولكن ما لم يقله في ذلك الخطاب، أنه أطلق معهم قادة التطرف الديني من تنظيم القاعدة وأمثاله، والذين كان يستعملهم في الهجوم على العراق وابتزاز الأمريكيين بهم هناك.

الاستعمال الكبير لمجرمي التطرف الديني كان في الرقة عام 2013، ففي غضون أربع وعشرين ساعة، اختفى قادة النظام من المدينة مطلع آذار، وتحجج رئيس فرع أمن الدولة بأنه يريد أن يلعب الرياضة الصباحية، قبل أن يهرب ببيجامته الرياضية إلى جهة مجهولة، وعندما احتلت النصرة مدينة الرقة، وكانت حاملًا في أشهرها الأخيرة بمولودها داعش، كان شبيحة النظام يبتسمون بخبث ويرددون أن الرقة في أيد أمينة. وقد ظلت داعش تتاجر مع النظام وتبيعه المحاصيل الزراعية والبترول، وترفع قوائم الحضور والغياب للموظفين إلى دوائر النظام بدمشق، وكانت تضبط حركة الرواتب والتجارة حتى الأشهر الأخيرة لوجودها في الرقة، قبل أن تعقد صفقتها الشهيرة في أيلول 2017 مع البي كي كي والأمريكيين، عندما رحّلوا مقاتليها إلى بادية دير الزور، كقتلة مأجورين يعملون لمن يدفع أكثر.

بعد مفاوضات شاقة مع أعيان السويداء، فشل الضباط الروس في إجبار أهالي المدينة على تسليم أبنائهم للفيلق الروسي الخامس، ولجيش التعفيش والبراميل، وفي اليوم التالي لتلك المفاوضات أطلق النظام دواعشه في قلب مدينة السويداء وبعض قرى ريفها الشرقي، ليرتكبوا فظائع القتل والاغتصاب والخطف، وتحت نظر سلاح الجو الروسي، وأمام مقاتلي حزب الله، والميليشيات الإيرانية، وبقايا جيش الأسد الذي رفض التدخل حتى المساء. أهالي السويداء سيطروا على الوضع بأسلحتهم البسيطة، ودون أي عون من أجهزة النظام، التي كانت تتشفى بأهالي السويداء المنكوبين، وسقط أكثر من مئتي شهيد وثلاثمئة جريح وتم خطف أربعين رجلًا وامرأة وطفلًا.

تكاد هذه الجريمة تتطابق في مجرياتها مع جريمة الحولة في 25 من أيار 2012، التي كانت من أوائل جرائم النظام الطائفية، ومن أشهر الجرائم التي تسببت بقتل واغتصاب المدنيين في الحولة بريف حمص والتي تمخض عنها شعار الشبيحة “الأسد أو نحرق البلد”، بعد أن استشهد في القرية 120 مدنيًا وتم اغتصاب نساء فيها أمام ذويهن.

أما جريمة النظام بحق الرقة وتسليمها للدواعش فقد تسببت بتدمير المدينة، وتهجير سكانها، وتسليمها للمحتلين الأمريكيين وأعوانهم، وجريمة الحولة ومثيلاتها سلمت البلاد للإيرانيين وللروس.

فهل جريمة السويداء اليوم هي تمهيد لتدمير المدينة بحجة محاربة الإرهاب، أم هي تمهيد للهندسة الإسرائيلية لجنوب سوريا بمشاركة روسية مع النظام، أم أن هذه الجريمة هي رسالة من النظام وأعوانه تشرح الصيغة التي سيحكم النظام بها سوريا القادمة، تحت عنوان سوريا الأسد وأعوان آل الأسد من المحتلين الروس والإيرانيين؟

السوريون الذين صمدوا أمام كل هذه الجرائم، لا يزالون يرددون بإصرار مع الراحلة مي سكاف: هذه سوريا العظيمة، وليست سوريا الأسد!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي