قضم إدلب مقابل مكاسب في حلب

  • 2018/07/29
  • 12:04 م

مقاتلون من فصائل المعارضة في أثناء خروج مقاتلي كفريا والفوعة - 18 من تموز 2018 (AFP عمر حاج قدور)

عنب بلدي – خاص

لا تزال التساؤلات تدور حول مستقبل محافظة إدلب، والمصير الذي ينتظرها في المرحلة المقبلة، خاصةً أنها المنطقة الأبرز التي بقيت بيد فصائل المعارضة السورية، بعد التقدم الذي أحرزته قوات الأسد، وآخره في الجنوب السوري.

شهد الأسبوع الماضي تطورات عديدة بخصوص إدلب، بدءًا من إخلاء بلدتي كفريا والفوعة، حتى التهديد الأخير لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، بأن المحافظة ستكون أولوية لقوات الأسد في المرحلة المقبلة.

وتتميز المحافظة عن المناطق المعارضة الأخرى في سوريا بعدة نقاط، فقد تحولت إلى خزان بشري بعد استقبالها الآلاف من المدنيين والعسكريين، بموجب حملات التهجير الأخيرة من محيط العاصمة دمشق، وآخرها من ريف حمص الشمالي، كما أنها المعقل الأبرز لـ “هيئة تحرير الشام”، التي تصنفها الأطراف الدولية الفاعلة في سوريا على قائمة “الإرهاب”.

ورغم أن الحديث الذي دار حتى اليوم عن مستقبل إدلب يبقى رهن التكهنات، تدور مؤشرات حاليًا من شأنها أن تؤكد جزءًا منه.

وفي حديث لعنب بلدي، عرض مصدران عسكريان (طلبا عدم ذكر اسمهما) خطة النظام السوري في إدلب في الأيام المقبلة، والتي تتضمن قضم أجزاء من المحافظة على الشريط الغربي والجنوبي.

جسر الشغور وسهل الغاب

بحسب المصادر، ستتقدم قوات الأسد إلى مدينة جسر الشغور وستسيطر عليها بشكل كامل، إلى جانب مدينة محمبل، والقرى الواقعة في الريف الغربي لجسر الشغور، في خطوة لوصل المدينة بمنطقة سهل الغاب، وصولًا إلى معسكر جورين القاعدة العسكرية “الأبرز” في ريف حماة الغربي.

وقال المصدران إن التطورات العسكرية السابقة سيقابلها إعادة النظام السوري لمؤسساته الإدارية إلى داخل مركز محافظة إدلب، من أجل تسيير الأمور، وكي يضع يدًا له من الناحية الخدمية، استباقًا لنوايا الجانب التركي.

وكانت قوات الأسد استقدمت في الأيام الماضية تعزيزات إلى ريف اللاذقية، وفي محيط المنطقة الفاصلة بين ريف إدلب الغربي، المتمثل بجسر الشغور، وريف اللاذقية الشمالي.

وجاءت التعزيزات بعد معلومات نشرتها وكالة “سبوتنيك” الروسية نقلًا عن مصدر في قوات الأسد تفيد بأن قوات الأسد تحشد لإنهاء نفوذ المعارضة في الريف الشمالي الشرقي لمدينة اللاذقية، وما تبقى من مرتفعات جبلية مطلة على جسر الشغور في ريف إدلب الشمالي.

ورجحت المصادر أن تتجه قوات الأسد كمرحلة أولى إلى فصل الريف الغربي لمحافظة إدلب ومناطق سيطرة المعارضة في ريف اللاذقية، على غرار ما اتبعته في المناطق الأخرى، ضمن سياسة تقسيم المناطق المستهدفة إلى جيوب صغيرة.

وأوضحت أن دخول قوات الأسد إلى جسر الشغور لن يشهد أي مواجهة “صعبة”، في إشارة إلى أمور مرسومة لتسليم المنطقة للنظام “دون مقاومة”، كما حصل في مناطق شرق سكة الحديد.

وبحسب ما قالته وكالة “سبوتنيك”، في 23 من تموز الحالي، ستسيطر قوات الأسد على عدد من القرى بسهل الغاب منها قسطون والزيارة والحويز وفورو، والتي تعتبر مفتاح تقدم للجيش باتجاه جسر الشغور، مشيرًة إلى أنه “من المتوقع أن يتركز العمل العسكري على فتح طريق حلب اللاذقية”.

معركة “صعبة” شمالي حماة

لن تتوقف مساعي النظام في إدلب على الشريط الغربي، بل سيكون جزء من معركته في ريف حماة الشمالي، والذي سيحاول السيطرة على مدنه البارزة الخاضعة لسيطرة المعارضة، من حلفايا إلى كفرزيتا واللطامنة، حتى حدود خان شيخون.

وأشار المصدران إلى أن العملية العسكرية الأساسية ستتركز في الريف الشمالي لحماة، والذي سيشهد مواجهات “عنيفة” بين النظام وفصائل “الجيش الحر”، وقد تشارك قوات كردية فيها، خاصةً بعد إبداء الاستعداد مؤخرًا من قيادي كردي للمشاركة في المعارك.

وبحسب معلومات حصلت عليها المصادر، سيقابل التطورات العسكرية السابقة في الريف الغربي وريف حماة الشمالي، تحرك لفصائل “الجيش الحر” باتجاه مدينة منبج، والتي ستخضع لسيطرة كاملة لها، بعيدًا عن أمريكا، وبمباركة روسية.

وتعمل عدة فصائل في ريف حماة، بينها “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” التي تشكلت مؤخرًا من اندماج فصائل “الجيش الحر”، بالإضافة إلى فصيل “جيش العزة” الذي يتركز عمله بشكل خاص في أرياف حماة.

وسيتوقف تقدم قوات الأسد في حال سيطرتها على مدن ريف حماة، وبالتالي تكون قد تمكنت من تأمين مدينة حماة بشكل كامل من جهة، ومناطقها الاستراتيجية في ريف اللاذقية وحماة الغربي من جهة أخرى.

نفوذ “الحر” يبقى في ريف اللاذقية

ورغم العملية العسكرية المرتقبة لقوات الأسد في ريف اللاذقية، ستحتفظ فصائل “الجيش الحر” ببعض المواقع التي تعمل فيها حاليًا، بحسب المصادر.

وأشارت إلى أن الأمر سيكون بتوافق روسي- تركي، يقضي بإبقاء نفوذ للفصائل في المنطقة، بعيدًا عن “تحرير الشام” و”جبهة تحرير سوريا”.

ويرتبط الحديث المذكور مع الاتفاق الذي أعلن عنه مؤخرًا من قبل “تيار الغد السوري” مع الروس، والذي ضم ريف اللاذقية وريف حمص الشمالي.

وقالت مصادر معارضة، في 17 من تموز، إن الاتفاقين حملا صيغة “وقف إطلاق النار” برعاية المخابرات العامة المصرية وبضمانات روسية ومن رئيس “تيار الغد”، أحمد الجربا.

وأضافت المصادر (طلبت عدم ذكر اسمها) أن ممثلين عن فصائل معارضة في الساحل وريف حمص فوضا “تيار الغد” بالتوقيع كطرف ضامن ومسيّر للاتفاق.

وجاءت صيغة اتفاق اللاذقية بـ “المشاركة في جهود مكافحة الإرهاب والعمل على تسوية سياسية للأزمة السورية، وعودة اللاجئين والنازحين لمناطقهم والإفراج عن المعتقلين”.

ورفضت المصادر ذكر أسماء فصائل المعارضة التي وقعت على الاتفاق، “كون الأمر حساسًا يتعلق بطبيعة المنطقة”، مشيرةً إلى أن روسيا ستسمح للفصائل بالسيطرة على مناطق انسحبت منها مؤخرًا كبلدة سلمى، لكن الأمر سيكون تحت إشرافها، وبتبعية كاملة لها.

الطريق الدولي

في سياق الأحداث التي ستمر على إدلب، سيفرض على النظام والمعارضة الانسحاب من طرفي الطريق الدولي المار من إدلب، على أن يفتح الطريق بين دمشق وحلب.

وفي المقابل تنسحب المعارضة والنظام من طرفي الأوتوستراد الدولي، إضافة إلى فتح الخط بين دمشق وحلب، على أن يتم الالتزام بعدم استهداف أي رتل على الطريق من الطرفين.

وقال المستشار العسكري السابق في “الجيش الحر”، إبراهيم الإدلبي، في وقت سابق لعنب بلدي، إن الأوتوستراد الدولي دمشق- حلب المار من سيطرة المعارضة في إدلب ستتولى دوريات مشتركة (روسية، تركية، إيرانية) عملية تأمينه، على أن تكون مسافة عشرة كيلومترات على جانبيه مؤمّنة بشكل كامل.

وأضاف في أيار الماضي أن الدوريات المشتركة ستنتشر في المنطقة العازلة، والتي ستتولى موضوع فتح الطريق الدولي، بعيدًا عن الفصائل العسكرية التي لن يكون لها أي دور فيها.

وتمتد المنطقة منزوعة السلاح بين سكة القطار والأوتوستراد الدولي.

ولا توجد مدة زمنية محددة لفتح الطريقين، وسيكونان مفتوحين أمام المدنيين والعمليات التجارية.

خريطة توضح المناطق المتنازع عليها بين المعارضة والنظام السوري موضح فيها اوتستراد دمشق حلب – 28 تموز 2018 (عنب بلدي)

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا