ورقة لعنب بلدي
أعدها البرنامج السوري للتطوير القانوني
السؤال المطروح حول مصير الاتفاقيات الدولية المُبرمة من قبل الجمهورية العربية السورية (في بقية الورقة “الحكومة السورية”) على أي نظام/حكومة سورية مستقبلية يثير العديد من التساؤلات. ما هو النظام القانوني الذي يحكم هذه الاتفاقيات؛ هل هو القانون الدولي أم القانون المحلي السوري أم الروسي؟ ما هي الأرضية التي سيتم “فرضًا” على أساسها المطالبة بإنهاء أو تعديل هذه الاتفاقيات أو الخروج عنها وماهي والوسائل الممكنة والقنوات المتاحة لإنهاء هذه الاتفاقيات أو تعديلها أو الخروج منها.
ستقوم هذه الورقة في القسم الأول بتقديم المبادئ العامة التي تحكم المعاهدات بين الدول. ثم تتنقل في القسم الثاني للحديث حول شروط تعديل المعاهدات الدولية، وشروط انقضاء العمل بها حسب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. وفي القسم الثالث تتناول التغيير الثوري المؤثر على التزامات الدول التعاقدية. وتقدم الورقة في القسم الأخير منها أمثلة عن الحالات التي أنهت فيها حكومات روسيا والصين وإيران التزاماتها التعاهدية بسبب تغييرات ثورية حاصلة في تلك البلدان.
القسم الأول: المبادئ العامة التي تحكم المعاهدات بين الدول
تحكم اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، والتي دخلت حيز التنفيذ في كانون الثاني/يناير 1980، المعاهدات المعقودة بين الدول.1 هذه الاتفاقية هي الأداة الرئيسية التي تنظم المعاهدات، حيث تحدد كيفية صياغة المعاهدة وتعديلها وتفسيرها وكيفية عملها وإنهائها. لا تُنشئ هذه الاتفاقية حقوقًا أو التزامات محددة على الأطراف وإنما تُنشئ حقوقًا والتزامات على الدول في علاقاتها الدبلوماسية.2 تعرف الاتفاقية “المعاهدة” بـ “الاتفاق الدولي المعقود بين الدول في صيغة مكتوبة والذي ينظمه القانون الدولي، سواء تضمنته وثيقة واحدة أو وثيقتان متصلتان أو أكثر ومهما كانت تسميته الخاصة”.3
تنطبق أحكام هذه الاتفاقية على الدول الأطراف فيها فحسب. انضمت الجمهورية العربية السورية لهذه الاتفاقية بتاريخ 2 تشرين الأول/أكتوبر 1970 وتحفظت سوريا على هذه الاتفاقية كالتالي:
أ – إن قبول الجمهورية العربية السورية لهذه الاتفاقية وتصديقها عليها من جانب حكومتها لا يعني بأي حال الاعتراف بإسرائيل ولا يمكن أن يكون نتيجة لذلك إقامة أي اتصال يحكم أحكام هذه الاتفاقية.
ب ـ تعتبر الجمهورية العربية السورية أن المادة 81 لا تتماشى مع أهداف ومقاصد الاتفاقية من حيث أنها لا تسمح لجميع الدول، دون تمييز أو تمييز، بأن تصبح أطرافًا فيها.
ج- لا تقبل حكومة الجمهورية العربية السورية، على أي حال، عدم تطبيق مبدأ تغيير جوهري في الظروف فيما يتعلق بالمعاهدات التي ترسي الحدود، المشار إليها في الفقرة 2 من المادة 62 (أ)، حيث يعتبر هذا انتهاكًا صارخًا للقاعدة الإلزامية التي تشكل جزءًا من القانون الدولي العام والتي تعترف بحق الشعوب في تقرير المصير.
د – تفسر حكومة الجمهورية العربية السورية الأحكام الواردة في المادة 52 على النحو التالي:
ويمتد تعبير “التهديد بالقوة أو استخدامها” في هذه المادة أيضًا إلى استخدام الإكراه الاقتصادي والسياسي والعسكري والنفسي وإلى جميع أنواع الإكراه الذي يقيد الدولة لإبرام معاهدة ضد رغباتها أو لمصالحها.
هـ – إن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى هذه الاتفاقية والتصديق عليها من جانب حكومتها لا ينطبق على ملحق الاتفاقية، الذي يتعلق بالتوفيق الإلزامي”.4
هنا لا بد من الإشارة أنه عندما تتحفظ دولة ما على أحكام معينة من أحكام اتفاقية دولية فإن هذه الأحكام لا تنطبق ولا تطبق على هذه الدولة ويخضع هذا الأمر للعديد من المبادئ التي تحكم تطبيقه. فصلت معاهدة فيينا هذه المبادئ في موادها ذوات الأرقام 19، 20، 21، 22، 23. 5 إذًا فعند قراءة نصوص اتفاقية فيينا للمعاهدات فيما يتعلق بتطبيقها على المعاهدات التي تعقدها سوريا، يجب إبقاء هذه التحفظات بالحسبان.
ولأغراض هذه الورقة، فإن جمهورية روسيا الاتحادية هي أيضًا طرف في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، حيث انضمت بتاريخ 29 نيسان/أبريل 1986. 6 وعليه فالاتفاقيات الدولية التي تعقدها روسيا محكومة من حيث المبدأ بموجب هذه الاتفاقية. وكما هو الحال بالنسبة لسوريا، قامت روسيا بالتحفظ على عدد من مواد هذه الاتفاقية، كالتالي:
“لا يعتبر اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية نفسه ملزمًا بأحكام المادة 66 من اتفاقية فيينا بشأن قانون المعاهدات، ويعلن أنه من أجل أي نزاع بين الأطراف المتعاقدة بشأن تطبيق أو تفسير المواد 53 أو 64 تقدم إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ قرار بشأن أي نزاع يتعلق بتطبيق أو تفسير أي مواد أخرى في الجزء الخامس من الاتفاقية تقدم إلى لجنة التوفيق للنظر فيها، وموافقة جميع الأطراف على ذلك. والنزاع مطلوب في كل حالة منفصلة، وأن الموفقين الذين يشكلون لجنة التوفيق قد يكونون فقط أشخاصًا معينين من قبل أطراف النزاع بموافقة مشتركة.
وسوف يعتبر اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية أنه غير ملزم بأحكام الفقرة 3 من المادة 20 أو المادة 45 (ب) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، لأنها تتعارض مع الممارسة الدولية الراسخة.
إعلان:
يعلن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية أنه يحتفظ بالحق في اتخاذ أي تدابير لحماية مصالحه في حالة عدم امتثال الدول الأخرى لأحكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات.7
كما تجدر الإشارة إلى أن إيران وقعت على هذه الاتفاقية بتاريخ 23 أيار/مايو 1969، ولكنها لم تصادق عليها أو تنضم لها8 وبالتالي فإن أحكام هذه الاتفاقية لا تنطبق على المعاهدات الدولية التي توقعها إيران مع أي دولة.9
القسم الثاني: شروط تعديل المعاهدات الدولية، وشروط انقضاء العمل بها حسب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات
بداية تجدر الإشارة، لأغراض الإجابة عن السؤال المطروح في هذه الورقة حول مآل الاتفاقيات المعقودة من قبل الحكومة السورية في المستقبل، إلى أن اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات تنظم، أيضًا، حالات تعديل المعاهدات. وذلك في المواد ذوات الأرقام 39، 40 و41. 10
القاعدة العامة بالنسبة للتعديل هي أنه “يجوز أن تعدل المعاهدة باتفاق أطرافها”،11 فبحسب الترجمة غير الرسمية لبنود الاتفاقية الروسية السورية حول توسيع مركز الإمداد المادي والتقني الروسي في طرطوس12 يجوز تعديل هذه الاتفاقية أو استكمالها بالموافقة المتبادلة من الأطراف.13 كما نصت ذات الاتفاقية في مادتها رقم 23 على أنه يتم حل جميع النزاعات والخلافات المتعلقة بتطبيق أو تفسير أحكام هذه الاتفاقية من قبل الأطراف من خلال المشاورات.14
وهنا ننتقل للحديث عن حالات بطلان المعاهدات وانقضاؤها وإيقاف العمل بها. تفصل الاتفاقية في جزءها الخامس وهو الأطول في الاتفاقية، قواعد بطلان المعاهدات وانقضاؤها وإيقاف العمل بها.15 وهنا، لغرض الإجابة عن السؤال المطروح في هذه الورقة، حول مصير الاتفاقيات الدولية المعقودة من قبل الحكومة السورية، نفرق بين حالتيين رئيسيتين وهي حالة إنهاء العمل بالاتفاقيات الدولية أو انقضائها وحالة بطلان الاتفاقية.
أولًا: إنهاء العمل بالاتفاقيات الدولية أو انقضائها
تفرق اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات بين حالتين رئيسيتين فيما يتعلق بإنهاء العمل بالاتفاقيات الدولية أو انقضائها. الحالتين هما أن يتم إنهاء العمل بالاتفاقية أو انقضائها بناء على اتفاق الأطراف أو يتم ذلك من غير اتفاق بين الأطراف.
1) إنهاء العمل بالاتفاقية أو انقضائها بناء على اتفاق الأطراف، تنص المادة (54) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات 1969 على أن “إنهاء المعاهدة أو انسحاب أحد أطرافها يجوز أن يتم:
أ- وفقًا لأحكام المعاهدة.
ب- أو في أي وقت باتفاق جميع الأطراف بعد التشاور مع بقية الدول المتعاقدة”.
كما نصت المادة (57) على أنه “يجوز إيقاف العمل بالمعاهدة بالنسبة لجميع أطرافها أو لطرف معين فيها
(أ) وفقًا لنصوص المعاهدة؛ أو
(ب) في أي وقت، برضاء جميع الأطراف وبعد التشاور مع الدول المتعاقدة الأخرى”.
وعلى ذلك بموجب هذه النصوص فإنه هناك حالتين رئيسيتين لإنهاء أو انقضاء الاتفاقيات الدولية، كالاتفاقيات المعقودة بين سوريا وأي دولة أخرى بشرط أن تكون هذه الدولة طرفًا في اتفاقية فيينا كما ذكر سابقًا.
هاتان الحالتان هما أن تكون نصوص الاتفاقية تتضمن نصوصًا وأحكامًا حول كيفية إنهاء أو انقضاء المعاهدة، أو أن يتم ذلك عبر اتفاق لاحق للاتفاقية بين الدول المتعاقدة16. وعليه، عند دراسة كيفية إنهاء أي اتفاقية عقدتها الحكومة السورية، يجب النظر أولًا لنصوص الاتفاقية ذاتها أو أي اتفاقات لاحقة متعلقة بذات الاتفاقية.
2) إنقضاء المعاهدة أو إيقاف العمل بها دون اتفاق الأطراف؛ تنص المواد (60) إلى (64) على حالات إيقاف العمل بالمعاهدات دون اتفاق أطرافها. هناك أربع حالات أساسية وهي، أولًا: الإخلال الجوهري ببنود المعاهدة، وثانيًا: استحالة التنفيذ، وثالثًا: التغير الجوهري في الظروف، ورابعًا: ظهور قاعدة آمرة جديدة من قواعد القانون الدولي العام تتعارض مع بنود الاتفاقية.17
لن ندخل في تفاصيل هذه الحالات جميعها وإنما سنقوم بشرح حالة التغير الجوهري في الظروف، كونها الحالة الأكثر إمكانية للاستخدام في الحالة السورية.
تنص المادة (62) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات على التالي:
1- لا يجوز الاحتجاج بالتغيير الجوهري غير المتوقع في الظروف التي كانت سائدة عند عقد المعاهدة كأساس لانقضائها أو الانسحاب منها إلا بتحقق الشرطين الآتيين:
(أ) أن يكون وجود هذه الظروف مثل سببًا رئيسيًا لرضا الأطراف الالتزام بالمعاهدة؛ و
(ب) أن يكون من شأن التغيير أن يبدل بصورة جذرية في مدى الالتزامات التي ما زال من الواجب القيام بها بموجب المعاهدة.
2- لا يجوز الاحتجاج بالتغيير الجوهري في الظروف كأساس لانقضاء المعاهدة أو الانسحاب منها في إحدى الحالتين الآتيتين:
(أ) إذا كانت المعاهدة تنشئ حدودًا؛ أو
(ب) إذا كان التغيير الجوهري في الظروف ناتجًا عن إخلال الطرف الذي يتمسك به إما بالتزام يقع عليه في ظل المعاهدة أو بأي التزام دولي آخر مستحق لطرف آخر في المعاهدة.
3- إذا كان للطرف، طبقًا للفقرات السابقة، أن يتمسك بالتغيير الجوهري في الظروف كأساس لانقضاء المعاهدة أو الانسحـاب منها فيجوز له أيضًا التمسك بالتغيير كأساس لإيقاف العمل بالمعاهدة.18
تثير حالة إنهاء الاتفاقية أو إنقضائها حالة من عدم التوافق بين باحثي وأكاديمي القانون الدولي، فجاءت معاهدة فيينا لتحديد الشروط الواجب توافرها لاعتبار حالة التغيير الجوهري في الظروف قائمة،19 وهي كالتالي:
1- أن يكون التغيير جوهريًا في الظروف التي أبرمت في ظلها المعاهدة
2- ألا يكون ذلك التغيير متوقعًا وقت إبرام المعاهدة، فلو أن أطراف المعاهدة توقعوا مثل ذلك التغيير، وضمنوا المعاهدة نصوصًا معينة لمواجهة هذه الاحتمالات فإنها تصبح واجبة التطبيق عند حدوث التغيير الجوهري في الظروف، دون أن يكون للأطراف المعنية الحق في الاحتجاج بها للتحلل من إلتزاماتهم وفقًا للمعاهدة.
3- أن يتناول التغيير الجوهري الظروف التي كانت أساسًا لرضاء الأطراف، والفيصل في ذلك هو أن أطراف المعاهدة لو أنهم بصروا بهذا التغيير الجوهري في الظروف التى أبرموا المعاهدة في ظلها لما أقدموا على إبرامها. أو بعبارة أخرى، أن هذه الظروف الجديدة لو كانت موجودة في الوقت الذي أبرمت فيه المعاهدة لما قام أطرافها بإبرامها.
4- ينبغي أن يترتب على تغيير الظروف تبديل جذري في نطاق الالتزامات الواقعة على أطرافها.20
وهنا سندخل بتحليل إمكانية الدفع بتغيير جوهري في الظروف لإنهاء أو انقضاء أي من الاتفاقيات الدولية التي عقدتها الحكومة السورية. لإثبات ذلك يجب المرور على جميع الشروط الواجب توفرها بحسب اتفاقية فيينا للمعاهدات التي أطرت حالة التغيير الجوهري في الظروف المؤدية لإنهاء أو انقضاء المعاهدة الدولية. فالتغيير يجب أن يكون جوهريًا، أي مثلًا، تغيير جوهري في نظام الحكم كطرف لإبرام المعاهدة. ومن ثم إثبات أن هذا التغيير الجوهري في نظام الحكم لم يكن متوقعًا من أطراف المعاهدة. ومن ثم القول بأنه لو حصل التغيير الجوهري في نظام الحكم المدفوع به في هذه الحال، لما قامت الحكومة السورية وحكومة الدولة الطرف في المعاهدة بالإقدام على إنشاء التزامات تعاقدية. ومن ثم نهاية يجب النظر إلي الالتزامات التعاقدية الناشئة عن المعاهدة، والدفع بأن تغيير نظام الحكم، كتغيير جوهري في الظروف، أثر تأثيرًا جذريًا في نطاق الالتزامات الواقعة على الأطراف المتعاقدة.
ثانيًا: حالات بطلان المعاهدات الدولية
تفصل المواد من (46) إلى (53) من اتفاقية فيينا للمعاهدات حالات بطلان المعاهدات الدولية. حيث أجملتها بـ الغلط، والتدليس، وإفساد ممثل الدولة، وإكراه ممثل الدولة، إكراه الدولة بالتهديد باستخدام القوة، التعارض مع إحدى قواعد القانون الدولي الآمرة.21
وهنا عند النظر للحالة السورية، يجب تحليل كل من هذه الحالات تحليلًا دقيقًا للوصول، في حال كان هذا هو الهدف، المحاججة ببطلان المعاهدات المعقودة من قبل الحكومة السورية. فعلى سبيل المثال، عند الادعاء بأن الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة السورية مع روسيا باطلة كونها قامت على إكراه الدولة، يجب إثبات وقائع هذا الإكراه.22 وهنا على من يريد القول ببطلان اتفاقية ما وقعتها الحكومة السورية دراسة الحالة القائمة وقت توقيع المعاهدة إضافة إلى الوقت السابق للتوقيع، هذا يتضمن العودة للتصريحات من كلا الطرفين، إضافة إلى أي تحركات عسكرية يمكن تفسيرها على أنها تهدف لإيقاع شكل من أشكال الإكراه.
القسم الثالث: التغيير الثوري المؤثر على التزامات الدول التعاقدية
هناك مبدأ مقبول على نطاق واسع في القانون الدولي أن التغييرات في الحكومة لا تؤثر على التزاماتها في المعاهدات إلا أن هناك اتجاهات تؤكد أن التغييرات الثورية في الحكومات تؤثر على التزامات تلك الدول بالمعاهدات.23
للإجابة على السؤال المتعلق بالأحكام المنطبقة على حالات إنهاء المعاهدات بسبب التغيير الثوري، لابد من تحليل مبدأ الخلافة في المعاهدات.24 فبحسب الاتجاه التقليدي الحاكم لمبدأ الخلافة في المعاهدات فإن الثورات لا تؤثر على التزامات الدول بموجب المعاهدات. يُعبر عن أساس هذا الاتجاه اللورد McNair بقوله، “من الضروري أن نذكر أنفسنا من حين لآخر أنه عندما نقول إن الدولة هي موضوع القانون الدولي (…) نحن نعني الدولة نفسها، وليس حكومتها. الحكومات هي وكلاء أو ممثلو الدول (…) الأطراف في المعاهدات هي الدول… المعاهدات تبقى ﺳﺎرﻳﺔ المفعول على الرغم ﻣﻦ أي تغيير في شكل الحكومات…”25 هذا المبدأ تم اعتماده في نصوص الاتفاقيات كما أنه انعكس في ممارسات الدول.26
على الرغم من أن هذا المبدأ من الممكن أن يعكس قلة في مرونة القانون الدولي من هذه الناحية، إلا أن الأسباب الموجبة أو الحجج من وراء اعتماده تعكس أهميته. وفي هذا السياق، بالنسبة لسوريا، من الأهمية بمكان التأكيد على هذا المبدأ والذي على أساسه يُمنع الانسحاب من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعكس القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
هناك ستة حجج تدعم هذا المبدأ وهي كالتالي:
أولًا، الحفاظ على النظام الدولي؛ تأتي هذه الحجة من الإصرار مراعاة لمبدأ ضبط التدفق “floodgate principle”، 27 من هنا فإن على سوريا فأي حال من الأحوال ومهما حل بالنظام القائم حاليًا الاستمرار بالالتزام بتعهداتها بموجب القانون الدولي الحاكم لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ثانيًا، حرمة الاتفاقيات؛ هذه الحجة مستمدة من الحرمة الأخلاقية للاتفاقيات بين الدول. وتؤكد هذه الحجة على وجوب مراقبة المعاهدات بصرامة. تعتبر هذه الحجة، في بعض الأحيان، حجر الزاوية في القانون الدولي.28
ثالثًا، استمرارية الشخصية؛ شخصية الدولة تأتي من عناصرها، وعلى وجه الخصوص السكان والأراضي، وحيث أن الثورات لا تؤثر على هذه العناصر بشكل جوهري فإن الالتزامات التعاهدية للدولة لا ينبغي أن تتأثر بالثورات.29 ويؤكد على ذلك لوترباخت “Lauterpacht” بقوله، “بما أن المعاهدات ملزمة للدول المتعاقدة، فإن التغييرات في الحكومة، أو حتى في شكل حكومة… كقاعدة عامة، لا تملك أي تأثير مهما كانت على القوة الملزمة للمعاهدات…”30
رابعًا، تعريف مفهوم “الثورة”؛ في العالم الحديث، الأغلبية من التغييرات غير الدستورية في الحكومة تأخذ شكل انقلاب بتبادل الأفراد على قمة الهرم السياسي. ونادرًا ما يرافق هذا الحدث من خلال تغييرات كبيرة في الهيكل الاجتماعي أو الاقتصادي للدولة. لذا يبدو من الاستحالة وجوب تأثير مثل هذا التغيير على الالتزامات التعاهدية بموجب القانون الدولي.31
خامسًا، تعريف “خلافة الدول”؛ لا ينكر القانون الدولي أن الثورات يمكن أن تؤثر على بعض المعاهدات إلا أنه يحد من عدد المعاهدات التي يمكن أن تتأثر. حيث أنه على الرغم من بعض الالتزامات التعاهدية يمكن أن تتأثر بالثورات بموجب مذاهب أخرى إلا أن الإنهاء العام لولاية المعاهدات يمكن أن يحدث فقط إذا كانت الدولة قد خضعت لإحدى فئات خلافة الدول. تحدد بعض المصادر “خلافة الدول” على أنها تمتد فقط إلى الحالات التي يحدث فيها تغيير في السيادة على الأراضي، وحيث أن الثورات لا تنطوي عادة على تعديلات في الحدود الجغرافية للدولة فإن الثورات لا يمكن أن تؤثر على معاهدات الدولة عموما.
سادسًا، الحجة الأساسية؛ في تقييم الأسباب السابقة حول الاقتراح القائل بأن الثورات لا يمكن أن تؤثر على الالتزامات التعاهدية النظرية القانونية المهيمنة هي النظرية التقليدية الغربية في القانون الدولي. فالدول الغربية المهيمنة غالبًا ماعانت خسارات اقتصادية شديدة نتيجة للاضطرابات المرتبطة بالثورات.32
هنا لا بد من الوقوف عند الحجج المعارضة لهذا المبدأ، والتي تناقش أن التغيير في الحكومات الناتج عن تغييرات ثورية في الدول يؤثر على التزامات الدول التعاهدية. حيث نرى أنه لدى الباحثين والكتاب الذين يؤيدون هذا التأثير نهج مرن في نقاشاتهم. يمكن تلخيص هذه الحجج بالتالي:
1- معارضة فقهية؛ يرى ستارك، على سبيل المثال، أنه “قد يكون هناك تغييرات ثورية جوهرية مع مجيء حكومة جديدة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هذا يجعل من المستحيل تحميل هذه الحكومة الجديدة أعباء التزامات جدية”33.
2- تعارض هذا المبدأ مع مذاهب أخرى؛ عند مقارنة التغيير الحاصل في الحكومات بحالات أخرى ينتج عنها حكومات جديدة نجد أن هناك العديد من التشابهات. فالانفصال غير الدستوري يتشابه مع الثورات في كثير من النواحي كقيام الشعب بالإطاحة بنظام سياسي واجتماعي مفروض عليهم، كلا الحالتين قد تنطوي على العنف، كلا الحالتين تؤدي إلى إنشاء حكومات جديدة كليًا، وكلتاهما تؤدي إلى إنشاء وضع قانوني جديد في البلد. لكن على الرغم من هذه التشابهات فإن القانون الدولي يقول إن التغيير في الحكومات الناتج عن الانفصال يؤثر على الالتزامات التعاهدية بينما التغيير الناتج عن الثورات لا يؤدي إلى نفس النتيجة. يمكن المحاججة أيضًا باستخدام مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.34
3- العيوب الناتجة عن التطبيق العملي للمبدأ القائل إن الثورات لا تؤثر في التزامات الدول التعاهدية؛ هذه الحجة هي الأقوى من بين جميع الحجج. حيث ترفض الحكومات الثورية الالتزامات بمعاهدات واتفاقيات تعارض المصلحة الفضلى للدولة. يذكرنا غراهام أنه “جميع القوانين الفاعلة يجب أن تكون مُحترمة من قبل جميع المواطنين التي تنطبق عليهم. ولكي تكون هذه القوانين مُحترمة، يجب أن تكون مرتبطة بواقع السياق الاجتماعي الذي تعمل فيه”.35
وعلى ذلك، في حال حصول تغيير حكومي جذري في سوريا ناجم عن الثورة، يجب إبقاء هذه الحجج في الحسبان. حيث يمكن المحاججة بأن الأحكام القانونية التي تنطبق في حال حدوث انفصال يمكن تطبيقها على حالات التغيير الحكومي الناجمة عن ثورات لتشابه هذه الحالات من حيث الحيثيات والظروف إضافة إلى حق الشعب السوري بتقرير مصيره. والأهم من هذا كله، وبناء على الحجة الأخيرة أعلاه، فإنه من المنطقي المناقشة بأن الالتزامات التعاهدية الناتجة عن الاتفاقيات التي عقدها النظام/الحكومة السورية تعارض المصلحة الفضلى للدولة. وهنا لا بد من الدخول بتفاصيل هذه الاتفاقيات ودعم هذه الحجج بأبحاث وبيانات.
على سبيل المثال لا الحصر، فإن الاتفاقية التي عقدتها الحكومة السورية مع روسيا لتوسيع القاعدة البحرية العسكرية في ميناء طرطوس تتضمن شروط وأحكام مجحفة بحق الدولة السورية، حيث تعطي هذه الاتفاقية القوات الروسية ومعداتها حصانة كاملة من القوانين السورية.36 وهنا لا بد من الإشارة إلى أن عبء المحاججة بهذه الحجج سيقع بالدرجة الأولى على الحكومة الجديدة المُفترضة، وهنا سيكون لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية دور مهم بتقديم الدعم لهذه الحكومة من خلال إغناء حججها بالأبحاث والحجج الحقوقية التي تثبت، على سبيل المثال لا الحصر، أن الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة الحالية تُعارض المصلحة الفُضلى للدولة السورية.
القسم الرابع: أمثلة عملية عن حكومات أنهت التزاماتها التعاهدية بسبب التغييرات الثورية
الاتحاد السوفييتي
بعد قيام الثورة الروسية في عام 1917 التي أنهت الحكم القيصري وانتهت بإنشاء الاتحاد السوفييتي، قامت الحكومة الجديدة حينها، بإنهاء بعض من الالتزامات التعاهدية التي عُقدت في العهد القيصري وذلك بناء على حجة أن هذا التغيير الثوري أفضى إلى تغيير في الدولة ذاتها وليس فقط في الحكومة.
بحسب بيان وفد جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية وجمهوريات الاتحاد آنذاك فإن “ثورة 1917، التي دمرت تمامًا كل القديم من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وأحلت مجتمع جديد بدلًا من القديم ، ونقلت سلطة الدولة في روسيا إلى طبقة اجتماعية جديدة مبنية على سيادة الشعب… الذي ثار، وبالتالي قطعت خلافة الالتزامات المدنية التي كانت جزءا من العلاقات الاقتصادية للمجتمع الذي اختفى”37 بمعنى آخر، فإن التغيير المجتمعي الحاصل بسبب الثورة الروسية، بحسب هذا تصريح أدى إلى تغيير جذري في الحالة والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أي أنه غير جذريًا شكل المجتمع الروسي؛ وبالتالي فإن التزامات الدولة لم تعد كما كانت عليه في العهد الإمبراطوري.38 هنا حجة الاتحاد السوفييتي لإنهاء التزامات تعاهدية كانت أن الدولة بحد ذاتها تغيرت بسبب الثورة وليس فقط الحكومة، هذه الحجة لاقت نقدًا من الغرب ورجال القانون وحتى الكتاب الروس. بُني هذا النقد على أن التغيير الحكومي لا يمكن أن يكون تغيير في الدولة بحد ذاتها وبالتالي فهو لا يؤثر على التزامات الدولة التعاهدية. يُضاف إلى هذا النقد، أن الموقف القانوني الذي اتخذه الاتحاد السوفييتي حينها يمكن وصفه بـ “المتذبذب” بناء على المصالح السياسية لحكومة الاتحاد. على سبيل المثال، عند قيام الثورة الإيرانية عام 1979 طالبت الحكومة الإيرانية الجديدة آنذاك الاتحاد السوفييتي بإنهاء معاهدة صداقة كانت قد وُقعت زمن الشاه مع الاتحاد السوفييتي. أكد السوفييت، حينها، أنه لا يمكن أن يكون هناك مثل هذا الإنهاء الأحادي الجانب للالتزامات التعاقدية.39
من المثير للاهتمام أن حجج الاتحاد السوفييتي التي استخدمتها لإنهاء التزاماتها التعاقدية كانت مبنية على أن التغيير الحكومي بسبب الثورات لا يؤثر على التزامات الدولة التعاقدية بينما التغيير المؤثر على تلك الالتزامات هو التغيير في شكل الدولة التاريخي وهو ما حصل بنظر الاتحاد حينها40. ومن جانب آخر، الاتحاد السوفييتي لم يقبل بشكل كامل فرضية التغيير الجوهري في الظروف “doctrine of rebus sic stantibus” المؤثر جدلًا على الالتزامات التعاهدية بل هو على العكس ينقد بشدة الاستخدام المفرط لهذه الفرضية من قبل الغرب ويؤكد دومًا على وجوب الالتزام بحرمة المعاهدات.41
لذا من المهم أخذ هذه النقاط بعين الاعتبار في حال تحقق السؤال المطروح في هذه الورقة، ألا وهو محاولة أي حكومة جديدة في سوريا إنهاء التزاماتها التعاقدية بشكل أحادي مع روسيا. فلن تقبل روسيا بحجة مجرد التغيير الحكومي الحاصل نتيجة الثورة ولربما لن تقبل بحجة التغيير الجوهري في الظروف؛ لكن لربما الحجة الأقوى تجاه روسيا تكون هي أن التغيير الثوري أدى إلى تغيير جذري في شكل الدولة التاريخي.
الصين
بعد ثورة 1949، جادل ممثلو الحكومة الصينية أن التغيير الثوري الحاصل حينها يؤثر على التزامات الدولة التعاقدية وذلك بناء على فرضية التغيير الجوهري في الظروف “doctrine of rebus sic stantibus”. وهنا الحجة كانت أن الثورة بحد ذاتها هي تغيير جوهري في الظروف.
وهنا حاجج الصينيون أنه لابد من النظر لموضوع كل معاهدة على حدة ومدى تأثير الثورة على كل من هذه المعاهدات، أي أن التغيير الثوري لن يؤثر، بنظرهم، على جميع المعاهدات. وبحسب المادة 55 من البرنامج المشترك للمجلس الاستشاري السياسي للشعب الصيني إن “الحكومة الشعبية المركزية لشعب جمهورية الصين ستدرس المعاهدات والاتفاقات التي وُقعت بين الكومينتانغ “Kuomintang” والحكومات الأجنبية، ويجب، وفقًا لمحتوياتها، الاعتراف، وإلغاء، والمراجعة، أو التوفيق بينها..”42 على سبيل المثال، الحكومة الصينية آنذاك، صرحت أنها تعترف باتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وذلك كونها تخدم السلام العالمي ومتوافقة مع المبادئ الإنسانية. الاتجاه الذي اتبعته الصين آنذاك متوافق إلى حد كبير مع التوجه الغربي الذي يتعرف بفرضية التغيير الجوهري في الظروف “doctrine of rebus sic stantibus”. 43
إيران
وجهة نظر الحكومة الجديدة آنذاك لجمهورية إيران الإسلامية فيما يتعلق بتأثير ثورة 1979 على التزامات إيران التعاقدية معاهدة إيران غير واضح حتى الآن. الحجج التي نقلتها بشكل غير مباشر إلى محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بقضية الرهائن في طهران لا تعتمد على حق نقض/إنهاء المعاهدات ذات الصلة.44 حينها لم يبدُ أن المحكمة قبلت بحجة تأثير الثورة على التزامات إيران التعاقدية. إيران حينها أنهت بشكل أحادي اتفاقية توريد للغاز مع الاتحاد السوفييتي وذلك بعد أن رفض الاتحاد آنذاك التفاوض على زيادة التسعيرة المُتفق عليها سابقًا. وفي نفس الوقت، اعتمدت إيران على استمرار بعض الالتزامات التعاقدية مع أفراد عقب ثورة 1979.
بناء على ما سبق من الأمثلة العملية لدول قد وقعت الحكومة السورية اتفاقيات معها، فإن الحجج متغيرة بحسب الدولة، وفي حال تحقق الحالة الفرضية المطروحة في هذه الورقة لا بد من تفكير عميق وبحث موسع لبناء حجة لن يكون من السهل على الطرف الآخر نقضها. هذه الحجج يجب أن تعتمد على أبحاث تُثبت، على سبيل المثال، أن الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة السورية تتعارض مع مصالح الدولة والشعب السوري. كما يجب الأخد بعين الاعتبار مواقف تلك الدول السابقة فيما يتعلق بإنهاء المعاهدات بناء على تغيير ثوري.
[1] http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html المادة 1
[2] https://ruwanthikagunaratne.wordpress.com/2013/05/26/law-of-treaties-vienna-convention-on-law-of-treaties-1969/
[3] http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html المادة 2 – أ
[4] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[5] http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html
[6] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[7] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[8] يمكن الاطلاع على الفرق بين هذه المصطلحات ومعانيها وطرق استخدام كل منها في المادة الثانية من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات
http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html
[9] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[10] http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html
[11] http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html المادة 39
[12] http://docs.cntd.ru/document/420389892
https://legal-monitoring.ru/articles/laws/448/
http://sozd.parlament.gov.ru/bill/339138-7
http://asozd2c.duma.gov.ru/addwork/scans.nsf/ID/6C75570F03B300CC432581F50046B1D0/$FILE/339138-7_13122017_339138-7.PDF?OpenElement
[13] http://docs.cntd.ru/document/420389892 المادة 22
[14] http://docs.cntd.ru/document/420389892 المادة 23
[15] http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html
[16] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[17] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[18] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[19] https://www.jstor.org/stable/41393156?newaccount=true&read-now=1&seq=12#page_scan_tab_contents
[20] https://www.jstor.org/stable/41393156?newaccount=true&read-now=1&seq=12#page_scan_tab_contents
http://eidwa7da.blogspot.com/2011/08/1979.html
[21] https://treaties.un.org/PAGES/ViewDetailsIII.aspx?src=TREATY&mtdsg_no=XXIII-1&chapter=23&Temp=mtdsg3&clang=_en#EndDec
[22] https://www.researchgate.net/publication/228151653_Article_51_of_the_1969_Vienna_Convention_on_the_Law_of_Treaties_Coercion_of_a_Representative_of_State
[23] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 301
[24] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 302
[25] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 302
[26] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 302
[27] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 303
[28] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 304
[29] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 305
[30] https://academic.oup.com/ejil/article/21/1/173/363352
[31] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 305
[32] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 306
[33] http://www.austlii.edu.au/au/journals/AUYrBkIntLaw/2005/4.html#fnB6
https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr
[34] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 308
[35] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 309
[36] http://docs.cntd.ru/document/420389892
[37] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 309
[38] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 309
[39] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 310
[40] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 311
[41] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصحة 311
[42] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 312
[43] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 313
[44] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 313
[45] https://elibrary.law.psu.edu/cgi/viewcontent.cgi?article=1014&context=psilr الصفحة 314