كانوا من أوائل السوريين الذين وقفوا مع ثورة الشعب، ضد النظام، ودفعوا ثمن مواقفهم غربتهم عن سوريا، لكنهم لم يعلموا أنهم لن يعودوا إليها أبدًا، إذ حال القدر بينهم وبينها، وكانت يد المنية أطول.
لحقت الفنانة مي سكاف بركب من سبقها من فنانين رحلوا عن هذه الدنيا، ونعاها ناشطون وفنانون اليوم، الاثنين 22 من تموز، ولم يعرف بعد سبب الوفاة، في حين أشارت صديقتها الكاتبة ديمة ونوس إلى ظروف غامضة بانتظار نتائج التحقيق.
انضمت سكاف إلى صفوف المتظاهرين في دمشق منذ انطلاقة الثورة، واعتقلت لدى النظام السوري عدة مرات، إحداها من منزلها بمشروع دمر عام 2012، كما تعرضت للضرب من قبل مجموعة من مؤيدي النظام بعد إخلاء سبيلها بالقرب من قصر العدل بدمشق، إلى أن تمكن محامون ومدنيون من تخليصها منهم وإبعادها عن المكان.
غادرت سوريا متوجهةً إلى الأردن، ومن بعده إلى العاصمة الفرنسية باريس.
ولدت مي سكاف في العاصمة دمشق في 13 من نيسان 1969، ودرست فيها اللغة الفرنسية، وشاركت في تقديم العديد من الأعمال المسرحية بالمركز الثقافي الفرنسي.
وفي عام 1991 اختارها المخرج السينمائي ماهر كدو لبطولة فيلمه “صهيل الجهات”، وفيما بعد اختارها المخرج عبد اللطيف عبد الحميد لفيلم “صعود المطر”، وزاد نجاحها في دور “تيما” في مسلسل “العبابيد”.
عادت سكاف في عام 2017 إلى عالم السينما من خلال فيلم قصير تم تصويره في العاصمة الفرنسية باريس بعنوان “سراب”.
وفي لقاء سابق لها مع “مجلة دمشق”، الصادرة في عمان، قالت، “في هذه الثورة صرنا نحن السوريين جسدًا واحدًا وروحًا واحدة (…) لو في لحظة من اللحظات استشهدت ستكون تلك اللحظة الأسعد في حياتي”.
عامر سبيعي اختار الثورة بدل العائلة
وفقدت الثورة قبل سكاف فنانين من أهم رموزها، كان أولهم الفنان عامر سبيعي، الذي اختار طريق الثورة بدل العائلة، ليموت غريبًا عن سوريا عن عمر ناهز 57 عامًا، في تشرين الأول عام 2015، بعد أن غادرها باتجاه القاهرة، بسبب معارضته للنظام.
وعامر هو النجل الأكبر للفنان السوري رفيق السبيعي، الذي وقف منذ بداية الثورة موقفًا مؤيدا للنظام، وسبق أن قدم عدة أعمال غنائية مؤيدة لرئيس النظام.
وكان عامر سبيعي تعرض قبل سفره إلى مصر للخطف في سوريا من قبل “جبهة النصرة” في دمشق، وقال بعد الإفراج عنه إن عملية الاختطاف تمت بالخطأ، لاشتباههم بتأييده للنظام السوري، مشيرًا إلى أن عناصر من “الجيش السوري الحر” تدخلوا لإطلاق سراحه حينها.
وسبق أن قدم السبيعي أدوارًا في مسلسلات “مرايا”، “الدبور”، و”حمام القيشاني”، وكان أول ظهور له في مسلسل “وادي المسك”.
فدوى سليمان تركت الدراما وغنت للحرية
عقب اندلاع الثورة، أكدت فدوى سليمان مشاركتها على أساس أنها لا تنتمي إلى أي طائفة، وقالت، “الشعب السوري ليس طائفيًا بل النظام هو الديكتاتوري والطائفي”.
توفيت فدوى سليمان في باريس، منتصف آب عام 2017، ونعاها أصدقاؤها وكان أبرزهم الفنان فارس الحلو، الذي كتب عبر صفحته في “فيس بوك”، “الزميلة والصديقة والبطلة فدوى سليمان.. ننعي إليكم وفاة الفنانة السورية، التي أجبرت العالم على رؤية الحقيقة، إثر مرض عضال”.
وخرجت سليمان من سوريا عام 2012، بسبب موقفها الداعم للثورة السورية، بعد أن شاركت في عشرات المظاهرات في مدينة حمص، قادت بعضها على أكتاف المتظاهرين.
وكانت فدوى سليمان (47 عامًا) تخرجت في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخصصت في الأعمال المسرحية والسينمائية والدوبلاج، وقل ظهورها في المسلسلات التلفزيونية.
شاركت بعد الثورة في مسلسل “أمل”، كما شاركت قبل وفاتها بأعمال مسرحية أبرزها “العبور”، التي جابت بها مجموعة من المدن الفرنسية، كما نشرت دواوين شعرية أبرزها “كلما بلغ القمر” و”العتمة المبهرة”.
–