تفتقر كرة القدم الحديثة إلى المهاجم الهداف الذي كانت مهمته أن يقف داخل منطقة جزاء الخصم، لكي يحصل على الكرة ويسجل هدفًا، ليصير رأس الحربة من الماضي أو من الأساطير السابقة كالألماني جيرد مولر، ولينكر الإنكليزي، وإنزاغي الإيطالي.
اختفى مهاجم الصندوق ولم يبق مهاجمون من طينة هؤلاء، وانتهى مفهوم اللاعب الذي مهمته تسجيل الأهداف فقط، ولكن تكتيكيًا حل محله رجل ذو حلول أكثر، ليس لنفسه وإنما للفريق بشكل عام.
اللاعب الذي يتحرك باتجاه الأروقة والأجنحة ويعود إلى الوسط، ولكنه على الورق رأس الحربة، وهذا ما يمثله مهاجم ريال مدريد الفرنسي كريم بنزيما، وكذلك مثله أوليفر جيرو رأس حربة المنتخب الفرنسي، الذي لعب 545 دقيقة، دون أن يسدد على مرمى المنافسين.
وظف سباليتي فرانشيسكو توتي في مركز المهاجم الوهمي وكرر تجربته بيب غوارديولا مع ليونيل ميسي، فكانت مختلفة وأكثر نجاعة.
وبالعودة إلى جيرو الذي تغير دوره من التسجيل وتسديد الكرات إلى فتح المساحة لكريزمان وإمبامبي وبوغبا، أو اللاعبين المنطلقين من الأطراف ليسجلوا، وهذا ما حدث، ليكون جيرو، بعقمه التهديفي، إحدى الركائز الأساسية للمدرب ديديه ديشامب.
كذلك الأمر بالنسبة لبنزيما الذي امتلك قدرة على فتح مساحة للأجنحة أو للمهاجم الثاني ليكون قريبًا للمرمى، وكان له دور كبير في تسجيل الكثير من الأهداف، وعلى الرغم من كل ذلك تعرض لموجة كبيرة من الانتقادات، إلا أن تهافت الأندية وعلى رأسهم مانشستر يونايتد عليه في فترة من الفترات جعل حالة بنزيما محل استغراب من المتابعين، وزيادة على ذلك كان السير فيرغسون يفضل رقم تسعة المدريدي على إيتو وفيا في فترة من الفترات. السر هو أن بنزيما لم يكن يلعب ليسجل بل ليشغل المدافعين.
الواضح أن رأس الحربة الوهمي أو فاتح المساحة أصبح مركزًا أساسيًا لدى الكثير من المدربين، ولكن كرة القدم لا تتوقف عن التطور والنمو، فلا نستغرب مستقبلًا إذا ظهرت مراكز جديدة في خطط المدربين الذين يضفون على الخطط والأفكار التقليدية تعديلات جديدة أو إضافات تعطي القوة لخططهم وتربك خصومهم.