كتّاب عرب: بوتين وترامب أمام امتحان بعد قمة هلسنكي
تستحوذ القمة التي عقدت بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب على المشهد العالمي، كونها حدثًا بارزًا جاء بين “قطبين دوليين”، تدهورت العلاقات بينهما في السنوات الماضية إثر عدة خلافات، بينها ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، وما تبعه من اتهامات وجهت إلى موسكو حول التدخل بالانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
بعد يومين من انتهاء القمة التي عقدت في العاصمة الفنلندية هلسنكي تتجه الأنظار إلى النتائج التي ستخرج منها على الصعيد الدولي من جهة، والصعيد العربي ويتصدر الملف السوري قائمة التطورات الخاصة به، والذي وصل إلى مرحلة “حاسمة” بعد سنوات من النزاع المسلح بين النظام السوري والمعارضة.
وتناولت الصحف العربية اليوم، الأربعاء 18 من تموز، مساحةً واسعة للحديث عن القمة الثنائية، والتنبؤات المتعلقة بنتائجها، إن كانت ستقدم جديدًا على الملف السوري، والمصير الذي تنتظره الأطراف الفاعلة فيه.
سوريا لإسرائيل وروسيا
الكاتبة اللبنانية،رندا تقي الدين، كتبت مقالًا في صحيفة الحياة، تحت عنوان “ترامب يسلم سورية لإسرائيل وروسيا”، اعتبرت فيه أن الرئيس الأمريكي سلم مفتاح الحل السوري لإسرائيل، التي تريد بقاء بشار الأسد على كرسي الحكم خدمة لمصالحها ولروسيا.
وقالت الكاتبة إن “الصفقة التي تمت بين ترامب المستسلم كليًا للرئيس بوتين، هي الاعتراف له بالدور الأساس في مستقبل سوريا، شرط أن يضمن ما ترغب به إسرائيل، ما يعني إخراج الحرس الثوري الايراني وحزب الله”.
ورأت أن “إخراج إيران من سوريا سيكون مهمة صعبة لبوتين، لأن الأسد لا يمكنه الاستمرار بلا الحرس الثوري إلا في حال اعتمد في بقائه على حماية إسرائيلية معززة”، مشيرةً إلى أن حماية إسرائيل لنظام الأسد ليست جديدة، لكن إذا وافق الأسد على إخراج “الحرس الثوري” سيكون ذلك في صفقة إسرائيلية- روسية- أمريكية مقابل ضمان استمراره بمعزل عن مستقبل أو مصير الشعب السوري.
وتصدر الوجود الإيراني في سوريا دائرة الحديث العسكري والسياسي لسوريا مؤخرًا، وخاصة بعد سيطرة النظام السوري بدعم روسي على مناطق واسعة في سوريا، والحديث عن الانتقال إلى رسم المستقبل السياسي للمنطقة مستقبلًا.
وبينما شددت أمريكا على فكرتها بضرورة الانسحاب الإيراني من سوريا، اتجهت موسكو لمنحى مغاير، اعتبرت فيه أن انسحاب إيران من المنطقة بشكل كامل أمر لا يمكن تحقيقه.
وكان الأمر اللافت الآخر خلال المؤتمر الصحفي المشترك بين بوتين وترامب قول بوتين، “إننا سنربط جهودنا في العمل في مسار أستانة حيث تعمل روسيا مع إيران وتركيا مع ما يعرف بالمجموعة الصغرى للدول المعنية بسوريا”.
وأوضحت الكاتبة أن تقارب مجموعة “أستانة” و”المجموعة الصغرى” جاءت بمبادرة من الرئيس الفرنسي ماكرون لدفع مسار جنيف، لكن بوتين بعد الاستسلام الأمريكي له لن يأخذ برأي فرنسا وأوروبا حول مستقبل سوريا، لأن ترامب اعترف له بالهيمنة في الموضوع السوري.
امتحان سوري
في ذات السياق لكن بعين أخرى، تساءل الكاتب اللبناني خير الله خير الله عن مدى نجاح بوتين في مناوراته السياسية خارج سوريا، بعد نجاحه في دورة كأس العالم.
وقال في مقال له في جريدة “العرب اللندنية” تحت عنوان “بوتين وترامب والامتحان السوري”، إن الشيء الذي لا يمكن المفر منه هو الاعتراف بأن بوتين استطاع في السنوات القليلة الماضية وضع الولايات المتحدة في موقع دفاعي، وعرف جيدًا كيفية التعاطي مع باراك أوباما مستفيدًا من نقطة الضعف الأساسية في سياسته الخارجية.
وكان همّ أوباما محصورًا طوال سنوات في كيفية استرضاء إيران، ولم يكن يريد إزعاجها بأي شكل، وذلك خشية أن تنسحب من المفاوضات في شأن ملفّها النووي.
وأضاف خير الله أن بوتين تسلل من هذه الثغرة كي يجعل من روسيا اللاعب الأول في سوريا، وحقق ما لم يستطع أي زعيم روسي تحقيقه، وذلك منذ حلم القياصرة بإيجاد موطئ قدم في المياه الدافئة أي في البحر المتوسط.
النقطة الأهم التي ركز عليها الكاتب هي أن مرحلة ما بعد قمّة هلسنكي امتحان لبوتين وترامب في آن واحد.
وسيكون الامتحان لبوتين في سوريا في لعب دور إيجابي يذكر بنجاحه الداخلي، خصوصًا في الإعداد لدورة كأس العالم، وفي حال نجح بوتين في سوريا، أي في إخراج إيران منها، سيكشف أنه رجل قادر على تحمل مسؤولياته وليس مجرد رئيس دولة تمتلك سلاحًا جويًا قادرًا على إلحاق تدمير كبير بالمدن والبلدات السورية خدمة لنظام أقلوي يشن حربًا على شعبه.
أما بالنسبة لترامب، فإن سوريا ستكشف أيضًا هل هو أفضل من سلفه باراك أوباما، أم أنه سيكون مجرد دمية في يد الرئيس الروسي، الذي أقنعه في مثل هذه الأيام من العام 2013 بغض النظر عن استخدام بشّار الأسد السلاح الكيميائي في سياق حربه على السوريين.
“صفقة كبرى”
صحيفة “القدس العربي” كان لها مشاركة في استشراف المرحلة المقبلة بعد قمة ترامب وبوتين، وقالت في مقالة لها اليوم، إن المنزلق الذي يمكن أن يمضي إليه ترامب هو توهم إمكانية التوصل مع بوتين إلى تفاهمات ملموسة حول ما بات يُعرف باسم “الصفقة الكبرى”، والتي تدور جوهريًا حول اتفاق واشنطن وموسكو على ضمان أمن إسرائيل.
وأشارت إلى أن ما تسرب من خطوط عريضة حول هذه الصفقة يشير إلى استعداد إدارة ترامب لتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بسبب التدخل العسكري في أوكرانيا، ثمّ الاعتراف بالاحتلال الروسي لجزيرة القرم، مقابل تعهد الكرملين بإخراج إيران عسكريًا من سوريا، أو على الأقل إبعاد وجودها مسافة 80 كيلومترًا عن خطوط الاحتلال الإسرائيلي في الجولان المحتل.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :