حماة بدون شبابها حتى إشعار آخر
سامي الحموي – عنب بلدي
عقب الأحداث التي مرت بها مدينة حماة عام 1982، بدا واضحًا لمن عاشوا تلك الحقبة والمجزرة التي راح ضحيتها حوالي 40 ألفًا من أبناء المدينة على يد قوات الأسد الأب، أن عنصر الشباب في المدينة بات نادرًا جدًا، لتتوزع فئات السكان بين عجائز وأطفال ونساء.
واليوم ومع اقتراب الثورة من عامها الرابع، وفي ضوء سيطرة نظام الأسد الابن على المدينة، واندلاع المعارك بين جيشه وقوات المعارضة على امتداد البلاد، تعود حماة لتفقد عنصر الشباب، ولو اختلفت المعطيات قليلًا هذه المرة.
منذ نحو عام ونصف بدأ النظام بسياسة جديدة مارسها مع أهالي المدينة، وهي تفريغها من الشباب، بذرائع عدة أهمها الملاحقة الأمنية والتجنيد الإجباري الذي لازال حتى اللحظة هاجسًا يؤرق من تبقى في حماة، إذ يقول عصام وهو طالب جامعي ترك المدينة منذ نحو عام «لوحقت أمنيًا عدة أشهر بسبب نشاطي الإعلامي وتسليط الضوء على واقع المدينة، ثم اضطررت بعدها إلى الخروج نحو تركيا لأبحث عن مصدر للدخل أعيش منه».
لم تقتصر الملاحقة الأمنية على المطلوبين للخدمة الإلزامية أو مناهضي حكم الأسد، بل تعدى ذلك إلى تجار حماة وصناعها من خلال سياسة الخطف والابتزاز والقتل العمد الذي مورس بحق عدد منهم.
وأفاد أبو علي وهو مالك لأحد مطاعم المدينة في حديثٍ لعنب بلدي «اضطررت للخروج من المدينة بعد أن خطفتني مجموعة من الشبيحة وابتزتني وعذبتني في فرع المخابرات الجوية، حيث تم نقلي إلى المشفى وبعدها غادرت المدينة، تاركًا ورائي أملاكي ورزقي».
ولم يكن حال عمر أحسن حالًا، فهو الآخر ترك حماة منذ نحو شهرين نظرًا لطلبه للاحتياط في جيش الأسد، وهو متزوج ولديه طفل، ما اضطره هو الآخر لمغادرة المدينة تاركًا عائلته ومحله التجاري، يقول عمر «العديد من أصدقائي وأصحاب المحلات والورش تركوا البلدة خوفًا من تجنيدهم ضد شعبهم… لم يتبقَ في حماة سوى أطفالنا ونسائنا والشبيحة».
عنب بلدي التقت عشرة شبان في مدينة اسطنبول، كانوا قد غادروا حماة قبل أسبوعين، وأكدوا أن المدينة اليوم باتت شبه خالية من عنصر الشباب، وأشار أحدهم إلى أن «هنالك مئات الشباب الذين تركوا المدينة خلال الشهرين الماضيين تخوفًا من التجنيد الإجباري؛ منهم من التحق بالمعارضة المسلحة ومنهم من يبحث عن عمل داخل تركيا».
ويرى أبو ذر وهو ناشط في المجال الإغاثي والإعلامي من حماة، أن «خروج الشباب من حماة ما هو إلا سياسة قد رسمها النظام مسبقًا لتفريغ المدينة، وفتح المجال أمامهم للهروب نحو الريف»، معتبرًا أن «النظام يلجأ لهذه الأساليب خوفًا من الشباب في حال اقتربت المعارك من المدينة والتحقوا بصفوف المعارضة».
الوضع في حماة ليس مختلفًا كثيرًا عن باقي المحافظات، حيث أكد ناشطون أن المدن التي ترزح تحت سيطرة الأسد تعاني من تهجير شبابها يوميًا خوفًا من الاعتقال، فيما تبقى المدن نفسها ساحة للميليشيات والعصابات الداعمة لقوات الأسد، محولين إياها لثكنة عسكرية تفتقد لمقومات الحياة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :