عنب بلدي – إدلب
لقبها “أم الأحرار”، مهنتها إعداد وجبات طعام وبيعها للناس في إدلب، قصتها تختزل واقع نساء سوريات وجدن أنفسهن في دوامة فرضت عليهن إعالة أسرهن وتحمل مسؤوليات لم تكن منوطة بهن قبيل سنوات الحرب.
بدأت فكرة خلود طرشة، الملقبة بـ “أم الأحرار”، بامتهان الطبخ، منذ عام 2015، حين كانت تعد وجبات الإفطار في شهر رمضان داخل مطبخ منزلها “المتواضع”، وتقدمها لقاء أجر مادي ساعدها في إعالة أسرتها المكونة من ابنتين وأخت تعاني من إعاقة في جسدها، معتمدة في ذلك على شغفها بالطبخ منذ أن كانت صغيرة.
تبلورت فكرة خلود بعد النجاح الذي حققه مشروعها في رمضان، إذ قررت افتتاح مطبخ خاص بها يعمل على مدار الأسبوع بإعداد وجبات الطعام وغيرها من الأطعمة التقليدية السورية (المونة)، وبالفعل بدأت تروج لمطبخها عبر الإعلانات والمنشورات الورقية، ليفتتح رسميًا مطلع العام الحالي، ومقره منزلها نفسه.
تقول خلود لعنب بلدي إنها بدأت العمل بإمكانيات بسيطة كانت تغطي تكاليف الطبخات فقط محققة أرباحًا مادية قليلة، أما الآن وبعد أن اشتهرت في مدينة إدلب، أصبحت تحقق أرباحًا مادية تكفيها لعيش “حياة كريمة”، كما وصفتها، إذ أصبح لدى “أم الأحرار” موظفات يساعدنها على إعداد الطعام، مشيرة إلى أنهن من النازحات إلى إدلب “اللواتي هن بحاجة حقيقية للعمل”.
على رأس لائحة الأطعمة في مطبخ “أم الأحرار” تندرج وجبات شرقية تشتهر بها محافظة إدلب، ومنها المحاشي بأنواعها والملفوف وورق العنب واليالنجي، بالإضافة إلى المناسف المختلفة باللحم أو الدجاج (كبسة، فريكة، مندي)، وأيضًا الكبب والمعجنات وبعض الوجبات الغربية، مثل البروستد والدجاج المكسيكي وغيرها.
وعن الأسعار أشارت خلود (44 عامًا) إلى أنها “مناسبة” مقارنة بالغلاء الذي تشهده مدينة إدلب، فعلى سبيل المثال، تباع وجبة كبسة الدجاج مع المكسرات بـ 550 ليرة سورية (1.25 دولار تقريبًا) وتكفي لخمسة أشخاص، فيما تباع وجبة الكبسة باللحم بـ 900 ليرة سورية (ما يعادل دولارين اثنين) وتكفي لنفس العدد من الأشخاص.
وتعتمد “أم الأحرار” في إعداد الطبخات على تواصي الزبائن، بالإضافة إلى برنامج طبخ يوزع على مدار الأسبوع، إذ تخصص وجبات معينة لكل يوم، تعلن عنها عبر مجموعات خاصة بمطبخها على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة “واتساب”.
وتقول إن طعامها يتميز بأنه “بيتوتي” ويختلف كثيرًا عن وجبات السوق، وأضافت، “العمل في إعداد الطعام ساعدني على تحقيق دخل شهري، وزاد من فاعليتي في المجتمع”.
لدى خلود ابنتان متزوجتان تعيشان في أطمة على الحدود السورية- التركية، وكانت المسؤولة عن تربيتهما بعد انفصالها عن زوجها قبل 20 عامًا.
قصة خلود تجسد قصة الكثير من النساء السوريات، اللواتي اتجهن نحو افتتاح مشاريع منزلية صغيرة، يواجهن بها تبعات الحرب، وعلى رأسها غياب المعيل الرجل، بين قتيل ومفقود ومعتقل.