عوائق قد تُفشل التحرك
حكومة الأسد تحاول تسريع الدورة الاقتصادية في الغوطة
عنب بلدي – محمد حمص
تحاول حكومة النظام تسريع عجلة الإصلاحات المتعلقة بالبنية التحتية في غوطة دمشق الشرقية، ومناطق أخرى في ريف دمشق التي سيطرت عليها مؤخرًا، سعيًا لتشغيل المنشآت الصناعية وتنشيط القطاع الزراعي فيها.
وشكلت وزارة الصناعة لجنة مركزية ولجنتين فرعيتين في محافظتي دمشق وريف دمشق للتواصل مع أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية لمعالجة صعوبات إعادة تشغيل منشآتهم، بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن”، المقربة من النظام، في 28 من حزيران الماضي.
اللجنة المركزية مؤلفة من معاون وزير الصناعة، نضال فلوح، كرئيس لها، وبعضوية رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، ومدير الاستثمار الصناعي بوزارة الصناعة، وتحمل مهمة الإشراف على عمل اللجان الفرعية الخاصة بالتواصل مع أصحاب المنشآت الصناعية في دمشق وريفها.
ونقلت صحيفة “تشرين” الحكومية عن وزارة الصناعة الإحصائيات التي جمعتها حول حجم الأضرار التي أصابت منشآتها الصناعية في الغوطة، وبلغت الخسائر المباشرة للشركات الصناعية، وفق التقديرات الدفترية لوزارة الصناعة والمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية، 81 مليار ليرة سورية، بينما تحتاج إعادة إعمارها وعودتها إلى أضعاف الرقم المذكور، وفق الأسعار الحالية المعمول بها على أساس أسعار الصرف الحالية.
“مناطق آمنة”.. هل تشجع على الاستثمار؟
تمكنت قوات الأسد من السيطرة على كامل المناطق المتاخمة للعاصمة دمشق مع حلول شهر أيار الماضي، ما يشجع أكثر على الاستثمار وعودة الأموال والكفاءات المهاجرة بحسب تصريح سنان ديب، وهو خبير اقتصادي لوكالة “سبوتنيك” الروسية.
وأشار ديب إلى أن عودة الأراضي الزراعية والمهن والحرف التي كانت منتشرة في المنطقة، كصناعة الأثاث المنزلي وغيرها، سيحدث فرقًا اقتصاديًا واضحًا.
ويرى المحلل الاقتصادي يونس كريم، خلال حديثه لعنب بلدي، أن لريف دمشق دورًا كبيرًا بتنشيط اقتصاد النظام من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية فإن عجلة الاقتصاد متوقفة في سوريا عمومًا، وفي الغوطة بشكل كلي، ولا يمكن إعادتها إلى العمل في المنظور القريب.
وأشار يونس إلى تصريح حاكم بنك سوريا المركزي، دريد درغام، الذي قال إنه لن يمنح قروضًا إلا للذين وقفوا مع النظام السوري، قاصدًا بذلك التجار الذين دعموا النظام ماليًا، موضحًا أن هؤلاء لا ينوون العمل إلا بتجارة الرفاهية التي لا يمكن أن تنشط في منطقة كالغوطة الشرقية.
الفائدة الاقتصادية للغوطة
تشكل الغوطة الشرقية النسبة الأكبر من الأراضي الزراعية المتاخمة للعاصمة، وتستند على مقومات أبرزها الطبيعة الجغرافية ونوعية الإنتاج، مما يجعلها الخزان الغذائي للعاصمة دمشق لما لها من دور في تحريك عجلة الاقتصاد.
وتتميز المنتجات الزراعية في الغوطة بتنوعها، وخاصة من الخضار والفواكه التي تستخدم في مجالات الصناعة الغذائية التي تشتهر بها المنطقة أيضًا، وهذا ما أكده المستشار الفني في اتحاد الغرف الزراعية، عبد الرحمن قرنفلة، في حديثه لوكالة “سبوتنيك” الروسية، مشيرًا إلى أن عودة الزراعة في الغوطة ستضمن توفير السلع على نحو مقبول يكفي العاصمة ويسهم بتخفيض الأسعار على نحو تدريجي.
وبين قرنفلة أن أي تخفيض بسيط في الأسعار والميزانية سيكون له أثر إيجابي على الحياة اليومية للمواطن، متوقعًا أن يكون الانخفاض بنسبة 20% على الأقل في أسعار المواد الغذائية الأولية.
لكن يونس كريم قال لعنب بلدي إنه من الصعب جدًا أن تعاد المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة إلى العمل لعدة أسباب، أهمها نسبة التدمير في البنية التحتية، إضافةً إلى نقص الأيدي العاملة بشكل حاد لا سيما في المزارع التي كانت تعمل على الصناعات الغذائية بريف دمشق، لافتًا إلى أن العمالة بالمنطقة متوقفة بسبب التهجير.
ويرى كريم أن رقم 20% هو “رقم خلبي”، معللًا ذلك بأن البنك المركزي لا يملك احتياطيًا للتسليف وتشجيع حركة الإنتاج والمشاريع الصغيرة.
ونزح عن الغوطة الشرقية 185 ألف مواطن، بعد العمليات العسكرية للنظام السوري وحلفائه، التي أفضت إلى اتفاقات تسوية وقعت في الفترة الممتدة بين في 20 من آذار 7 من نيسان الماضي.
توزع المهجرون إلى 144 ألفًا في دمشق ومحيطها، بحسب أرقام وزارة الدفاع الروسية، بينما توجه الآخرون إلى إدلب في الشمال السوري، وأغلبهم من الشباب الذين كانوا مقاتلين في فصائل المعارضة أو مطلوبين أمنيًا للنظام السوري أو الخدمة العسكرية.
خطط متعاقبة.. تنظيم جديد
بدأت حكومة النظام بالعمل على مخططات تنظيمية جديدة للغوطة، بالإضافة إلى عملها على تأهيل المنشآت الحكومية والمعامل، لإعادة تفعيل الدورة الاقتصادية بالمنطقة التي كانت عليها قبل عام 2011.
وكانت محافظة ريف دمشق أعلنت أن شركات القطاع العام سبتدأ عملها بتأهيل الطرقات والجسور فيما ستمنح كل منطقة ما بين 100 إلى 150 مليون ليرة لدعم البلديات.
وكان وزير الإدارة المحلية، حسين مخلوف، قال في اجتماع خدمي سابقًا إنه سيتم تأهيل منشآت المفروشات داخل الغوطة، لا سيما في منطقة سقبا بقطاع الغوطة الأوسط، والتي كانت مصدرًا أساسيًا للمفروشات والموبيليا إلى بقية المناطق، بحسب ما نقلت الوكالة الروسية.
فيما اعتبر كريم أن النظام السوري هو مجتمع إعالة يعيش على الإغاثة من حلفائه ومن المقاتلين الأجانب، ولا يمكن أن تكون هذه الأمور عمودًا اقتصاديًا يضفي أي قيمة اقتصادية للدولة، مشيرًا إلى أن النظام غير قادر على “إنشاء أي مشروع حقيقي على الأرض، باستثناء بعض المشاريع العقارية لبعض رجال الأعمال المقربين منه، كرامي مخلوف وغيره، وهذا لن يشكل فارقًا لا للنظام ولا للدولة”.
وبحسب يونس، فإن اهتمام النظام الكلي هو بموضوع إعادة تنظيم المنطقة عقاريًا من أجل استجلاب الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا، ولا سيما دمشق.
ولكن عشرات العوائق قد تقف عائقًا في وجه الدورة الاقتصادية السريعة التي يتوقعها النظام، لا سيما غياب الأيدي العاملة وقلة الشباب المنتج بعد التهجير وحملات التجنيد الإجباري، ولجوء الآلاف إلى الدول المجاورة.
كما أن الدمار الذي ألقحته المعارك في الريف الشرقي لدمشق قد يكون أبرز تلك العوائق، في وقت يعتمد النظام بشكل أولي ورئيسي على مساعدة أصدقائه، من الجانب الروسي والعشرات من رؤوس الأموال في صفه، للعمل سريعًا على أرياف دمشق وكسب المعركة الاقتصادية إلى جانب المعركة السياسية التي يخوضها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :