رسائل “فيسبوكية” إلى حميميم.. تفاعل شعبي أتاح لروسيا تبييض صفحتها

  • 2018/07/08
  • 3:33 م

طائرات روسية في مطار حميميم العسكري في اللاذقية (سبوتنيك)

عنب بلدي – رهام الأسعد

أكثر من 150 ألف متابع، يراقبون ويستفسرون وفي بعض الأحيان يستنجدون بالقائمين على صفحة في مواقع التواصل الاجتماعي. يثار الجدل حولها فيما إذا كانت الناطق الرسمي أو الوهمي باسم قاعدة حميميم الروسية في سوريا.

عن صفحة “القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية” في “فيس بوك” يجري الحديث في الأشهر الأخيرة، حديث دار في أروقة وزارة الدفاع الروسية، التي تنصلت من كل ما ورد في هذه الصفحة، معلنة أنها “مزورة” ولا تمت للإدارة الروسية في سوريا بصلة.

وبغض النظر عما إذا كانت الصفحة رسمية أو لا، فإن ما لا يمكن إنكاره هو توجهات باتت معلنة لدى شريحة من الشعب السوري، أصبحت ترى في الوجود الروسي على الأراضي السورية مرجعية لها، إذ تجسد ذلك في رسائل أرسلها سوريون إلى صفحة “حميميم” في “فيس بوك”، تتضمن استفسارات وتحليلات لمجريات الأحداث وفي بعض الأحيان مطالب بتقديم المساعدة الإنسانية.

إنكار روسي “مقصود”

بدأ الجدل بشأن صفحة حميميم في “فيس بوك” حين تناقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء خبرًا عن الصفحة مفاده أن روسيا انسحبت من اتفاقية “تخفيف التوتر” في الجنوب السوري، هذا الخبر الذي أثار بلبلة تزامنت مع تصعيد عسكري روسي في محافظة درعا جنوب غربي سوريا.

الخبر ورد في الصفحة كإجابة عن استفسار أحد المتابعين، الذي سأل “هل نفهم من بدء العمليات العسكرية بدرعا انتهاء فترة خفض التصعيد بمحافظتي درعا وإدلب؟”، ورد القائمون على الصفحة بقولهم، “يمكن تأكيد انتهاء فترة خفض التصعيد جنوب سوريا بعد خرقها من قبل الجماعات المتطرفة والمجموعات المسلحة غير الشرعية التي تعمل ضد القوات الحكومية السورية، في حين لا تزال الاتفاقية قائمة في مقاطعة إدلب السورية”.

وما إن تصيدت التقارير الإعلامية تلك الإجابة، حتى أصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانًا قالت فيه إن الصفحة المسماة “القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية” في “فيس بوك” مزورة، مشيرة إلى أن انسحاب موسكو من اتفاق “تخفيف التوتر” في درعا “لا يطابق الواقع”.

من وجهة نظر الصحفي السوري المقيم في روسيا، نصر اليوسف، فإن صفحة قاعدة حميميم في “فيس بوك” هي صفحة “شبه رسمية” لكن روسيا لا تريد الاعتراف بها علانية، مشيرًا في حديثه لعنب بلدي إلى أن القائمين على الصفحة مطلعون تمامًا على “المطبخ الداخلي” السياسي والعسكري في سوريا، ولا يمكنهم تمرير أي شيء عبر هذا المنبر دون أن تكون إدارة قاعدة حميميم مطلعة وموافقة عليه.

اليوسف قال إن الهدف من الإنكار الروسي هو “اختبار رد الفعل لدى الشعب السوري”، فالإدارة الروسية تمرر ما تريد عبر تلك الصفحة لترصد ردود فعل الشارع السوري والدولي عليه، وتابع “في حال لم يحدث أي اعتراض تنفذ روسيا ما ورد فيها، وفي حال أحدث الأمر بلبلة تتنصل منه بقولها إن الصفحة لا تتبع لها”.

وبحسب الصحفي السوري المطلع على الشؤون الروسية، فإن روسيا لن تعترف بالصفحة ليسهل عليها إنكار ما ورد فيها، مشيرًا إلى أن هذا الغموض حولها “مقصود”.

وأنهى بقوله، “أنا على ثقة أن كل ما يكتب بالصفحة هو بأمر من روسيا ومن المترجمين الروس”.

هل تصبح روسيا مرجعية للسوريين؟

بعد أن وضع الروس أيديهم على الملف السوري، عسكريًا وسياسيًا، بدت المحاباة الروسية للشعب السوري واضحة ضمن مساعي موسكو لاكتساب حاضنة شعبية سورية تؤكد بها أن وجودها في سوريا شرعي، وجاء بناء على طلب الحكومة “الشرعية” وشعبها، ولطالما بررت روسيا وجودها على الأراضي السورية بأنه “لحماية الشعب السوري من الإرهاب”.

وتشير رسائل السوريين على صفحة قاعدة حميميم في “فيس بوك” إلى أن شريحة من الشعب السوري أقرت عدم قدرة النظام السوري على الإمساك بزمام القرار في سوريا، حين وجهت تلك الرسائل إلى من تظن أنهم أصحاب القرار في البلد، عوضًا عن توجيهها إلى النظام الحاكم.

يرى الصحفي السوري نصر اليوسف أن أسباب تلك التوجهات لدى الشعب السوري يمكن اختصارها بعبارة “الغريق يتعلق بقشة”، بقوله إن السوريين البسطاء أصبحوا يتعلقون بأي شيء أو شخص يمكن أن يقدم لهم استفسارات ويخبرهم بما قد يحصل مستقبلًا، عسى أن يحصلوا على أمل.

وأضاف، “المتفاعلون على صفحة حميميم يأملون أن يصل صوتهم إلى أصحاب القرار في سوريا”، مردفًا، “لا يخفى أن الروس أصبحوا أصحاب القرار الحقيقيين ولهم اليد الطولى في سوريا، لكن البعض، وخاصة المؤيدين للنظام السوري، لا يريدون الاعتراف بذلك”.

وفي سياق آخر، وجدت الإدارة الروسية في صفحة قاعدة حميميم سبيلًا نحو تلميع صورتها أمام الشعب السوري، وإبراز الجانب المدني من وجودها، الذي بدأ عسكريًا في أيلول 2015، ولطالما سعت روسيا منذ ذلك التاريخ إلى تحقيق مكاسب في سوريا بدأت بتوقيع اتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد ولم تنته بغزو اللغة الروسية للمدارس السورية.

فيما بدت صورة التقرب الروسي إلى الشعب السوري جلية خلال أحداث “التعفيش” التي تلت سيطرة النظام السوري على جنوبي دمشق، إذ ألقت الشرطة العسكرية الروسية القبض على مجموعة من العناصر التابعين لقوات الأسد بعد قيامهم بعملية سرقة في بلدة ببيلا، وأجبرتهم على الانبطاح أرضًا.

الموقف لاقى غضبًا من قبل مؤيدي الأسد وردود فعل واسعة، الأمر الذي دفع وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري إلى التنصل من العناصر بقولها إنهم ليسوا جنودًا من المؤسسة العسكرية على الإطلاق، وهم مطلوبون للأجهزة الأمنية.

لكن صفحة “القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية” أكدت أن القوات الروسية لا تسمح بحدوث انتهاكات في المناطق التي تم “تحريرها” بمشاركتها، و”قد تم إلقاء القبض على عناصر تابعين لإحدى الفرق القتالية البرية تنتهك القانون في مناطق جنوب العاصمة دمشق”.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع