ريف حماة – إياد أبو الجواد
عادت زراعة القطن بشكل تدريجي إلى سهل الغاب بريف حماة، بعد غيابها لسنوات نتيجة عدة عوامل أهمها تأمين سبل إنتاج القطن من البذار والسماد وأساليب الري وأسواق الإنتاج، في ظل صعوبات تعترض الفلاحين تتعلق بأسعار وقلة الدعم.
زراعة القطن، المسمى بـ “الذهب الأبيض”، غابت عن المنطقة منذ سبع سنوات نتيجة نزوح المزارعين جراء القصف المتواصل على أراضيهم، والذي أدى إلى اندثار زراعات عديدة في المنطقة، إلى جانب صعوبة تأمين مياه الري وقلة المياه السطحية الخاصة للري وجفاف سد قسطون، بحسب ما قال المهندس الزراعي عبد الجبار الحسن.
وأضاف الحسن، في حديث إلى عنب بلدي، أسبابًا أخرى لتوقف الزراعة منها غياب أسواق التصريف، فضلًا عن الأوضاع الأمنية غير المستقرة، التي منعت الفلاح من الوصول إلى أرضه.
كما لعب ارتفاع تكاليف زراعة المحصول مقارنة مع زراعات أخرى دورًا في عزوف المزارعين عنه، بحسب رئيس المجلس المحلي لقرية الزقوم، شجاع الصالح، الذي أشار إلى حلول كزراعة التبغ الأقل تكلفة مكان القطن.
عودة خجولة
بعد سبع سنوات عادت زراعة القطن إلى المنطقة لكن بشكل خجول.
وتقدر تكلفة زراعة الدونم الواحد بأربعة آلاف ليرة لحراثة الأرض، و15 ألف تكلفة السقاية، وتسعة آلاف ثمن السماد، إضافة إلى عشرة آلاف أجرة العمال، عدا عن تكاليف النقل والقطاف في أثناء جمع موسم الحصاد، بحسب ما قال محمد العبد الله، أحد مزارعي سهل الغاب.
وأشار الصالح إلى أن انتاج مساحة الدونم الواحد تراجع عما كان سابقًا، إذ كان الدونم ينتج 500 كيلوغرام في حين ينتج الآن 300 كيلوغرام، إضافة إلى اعتماد المزارعين في السقاية على المياه الجوفية، المكلفة بسبب ارتفاع سعر المحروقات، إذ تقدر تكلفة ساعة الري بحوالي ثلاثة آلاف ليرة سورية.
غياب المنظمات الداعمة
عودة زراعة القطن إلى المنطقة لم تلق اهتمامًا ودعمًا يتوازى مع أهميته، إذ اشتكى العبد الله من غياب الدعم اللازم بعد عودته إلى أرضه، البالغ مساحتها 20 دونمًا، متسائلًا “أين دور المنظمات المعنية والائتلاف وحكومة الإنقاذ بدعم المزارعين، حتى يتمكنوا من زراعة مساحات أكبر، فنجاح الإنتاج يحتاج إلى توفير عوامل نجاحه، أقلها قروض تشجيعية للفلاحين”.
الصالح أكد غياب المنظمات والمؤسسات المعنية، في حين نوه إلى أن التاجر يقوم بتسليف المزارعين المواد اللازمة لزراعة القطن من البذار والأسمدة، ويسترد ثمنها عند جني المحصول.
وحدد سعر طن القطن بـ 300 ألف ليرة سورية، وبحسب الصالح فإن المساحة المزروعة بمحصول القطن، في قرى الزقوم والدقماق وقليدين، تجاوزت 100 دونم.
واحتلت سوريا المرتبة الثانية عالميًا في إنتاج القطن من حيث وحدة المساحة، قبل بداية الثورة، كما احتلت المرتبة الثالثة آسيويًا في إنتاج القطن العضوي، لكن الحرب لعبت دورًا كبيرًا في تراجع إنتاجه بسبب عزوف الفلاحين عن زرعه نتيجة ارتفاع تكاليفه.
وكان إنتاج سوريا من القطن قبل الحرب يصل لأكثر من مليون طن سنويًا، انخفض بنسبة تصل إلى 93% في السنوات الست الماضية، ولم تتعد قيمة الإنتاج 50 إلى 100 ألف طن في 2015.
ويطلق السوريون على القطن “الذهب الأبيض” نظرًا لمكانته في الاقتصاد السوري، وهو ينافس النفط في عائداته، لا سيما أنه كان يوفر فرصًا لملايين العمال.
وأكد المهندس الزراعي عبد الجبار الحسن أن القطن السوري يمتاز عن غيره بأنه طويل التيلة، ويدخل بمجموعة من الصناعات الداخلية، أهمها صناعة الملابس والزيوت والأدوية، ويعتبر إحدى الزراعات الاستراتيجية في سهل الغاب.