السويداء – نور نادر
“لا للتعفيش.. لا تشتريه صاحبو عم يبكي عليه.. لا تشتريه مسروق”، حملات وهاشتاغات أطلقها ناشطون في مدينة السويداء جنوبي سوريا، ضد انتشار سيارات تابعة لعناصر من قوات الأسد محملة بأنواع الأثاث المنزلي المسروق من درعا، بما بات يعرف بظاهرة “التعفيش”، التي تعقب خروج أهالي أي منطقة هاربين من الحملات العسكرية.
مشهد دخول سيارات المسروقات أثار غضب أهالي السويداء، خاصة وأن سيارات التعفيش تدخل بسهولة للمحافظة في حين يجد النازحون صعوبة بالمرور عبر الطرقات، ما دفعهم لإطلاق حملة “لا للتعفيش”، التي لاقت صدى واسعًا بين الناشطين وأصحاب المحلات التجارية والقيادات المجتمعية، واستخدم ناشطو المحافظة هاشتاغات ضد التعفيش في منشوراتهم التي تدين هذا العمل على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومنع العديد من شباب قرى السويداء (عرمان والثعلة والمزرعة وملح وخلخلة ومدينة صلخد وشهبا وغيرها) دخول أي سيارة تحمل مسروقات إليها أو المرور عبر طريقها، كما أقدم عدد من مواطني بلدة الثعلة على حرق سيارة كانت تحمل أثاثًا مسروقًا من مناطق في ريف درعا.
وتعرضت محافظة درعا لحملة عسكرية شنها النظام السوري مدعومًا بروسيا ما أدى إلى نزوح أكثر من 300 ألف مواطن من ريف المحافظة الشرقي المحاذي للسويداء، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
وأنشأ ناشطون صفحة على موقع “فيس بوك”، تحت اسم “لا تعفش شايفنيك”، لنشر أسماء كل من يسهم في التعفيش أو بيع أو شراء الأثاث المسروق، في محاولة للردع الاجتماعي بواسطة التشهير بالأسماء ووصمها في مجتمع صغير.
عنب بلدي التقت إحدى الناشطات المساهمات في إطلاق الحملة، تحفظت على ذكر اسمها، وقالت إن الهدف من الحملة ألا يكون في المحافظة سوق يشجع هؤلاء على متابعة عملهم، الذي وصفته بـ”الشنيع والمثير للحقد والفتنة بين المحافظتين الجارتين”.
وحول أثر الحملة، أكدت أن السيارات باتت تتابع طريقها إلى دمشق ولا تتوقف في المحافظة، إضافة إلى تجنب الكثير من الناس شراء المسروقات، رغم حاجتهم وفقرهم، خوفًا من “الفضيحة”.
في حين قال الشاب الثلاثيني عمر لعنب بلدي، وهو من أبناء قرية سميع، إن سوقًا أنشئ في القرية لبيع المسروقات، وعندما سأل عن براد من نوع الحافظ 28 قدمًا وجده بسعر 50 ألف ليرة سورية، في حين أن سعره النظامي في الأسواق يتجاوز ألف دولار (440 ألف ليرة)، وسط إمكانية تخفيض السعر من قبل البائع.
عمر لم يشترِ البراد لكنه تحسر في حديثه على فقر الشعب وحاجته التي تدعو الناس إلى “شراء أحلام آخرين”.
وأعلن القائمون على الحملة أنهم سيقدمون ملفًا كاملًا إلى القضاء، عن طريق محامين، يتضمن أسماءً لأشخاص تم توثيق مشاركتهم في التعفيش، بحسب قانون العقوبات السوري.
وتقول “المادة 637” من قانون العقوبات السوري، “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من ارتكب سرقة في حالة العصيان أو الاضطرابات أو الحرب أو غرق سفينة أو أي نائبة أخرى، وكل من اشترك مع آخرين في شن غارة على أموال لا تخصه فنهبها أو أتلفها”.
رجال الدين ينضمون ويحرمون “التعفيش”
تحرك الناشطين ضد الظاهرة دفع حركة “رجال الكرامة” إلى إصدار بيان أدانت فيه “التعفيش”، كما أن “مشايخ عقل طائفة الموحدين الدروز” أصدروا بيانًا حرّموا فيه بيع أو شراء الأثاث المسروق، أو المشاركة في الظاهرة.
تحرك أهالي السويداء لاقى ردود فعل واسعة لدى أهل درعا، إذ قال “أبو محمد”، وهو نازح من درعا يقيم في السويداء منذ خمس سنوات، إن “موقف الأهالي ومحاربة الظاهرة في ظل انتشار النظام والأجهزة الأمنية موقف ترفع له القبعة، ومن لا يعترف بهذا الموقف المشرف فإما أعمى أو أن حقده الطائفي وفتن النظام قد أثرت على عقله وقلبه”.