عنب بلدي – العدد 147 – الأحد 14/12/2014
الروس يلعبون أيضًا دورًا لمبادرة بديلة عن «جنيف 3» في «موسكو 1»، لكنهم يهدفون من المبادرة إلى إحراج المعارضة وإظهار «تفاهم الأسد وقبوله للحلول السياسية التي «تنقذ» البلاد.
اعتاد السوريون على مبادرات مماثلة، بل ملّوا استثمارها كإبر المخدر لأوجاعهم التي لا تنتهي، خصوصًا وأنها -في كل مرة- تنتهي إلى استمرار القتال وتعنّت أكبر من جميع الأطراف المعنيّة.
على ميستورا -إن كان مؤمنًا بالوصول إلى حلول للأزمة- أن يكون عقلانيًا، ويضغط باتجاه سحب الدول المؤثرة لمقاتليها وإمكانياتها التي زجتها على الأرض السورية.
وإلا فإن ضغطًا أكبر على المعارضة المحاصرة، إضافة إلى موقفها بين فكي تنظيم الدولة ونظام الأسد، سيدفعها إلى الانفجار في المنطقة، على طريقة الأسد الذي هدّد دول العالم بزلزال يضرب المنطقة، حين حشر في الزاوية.
ثم إن المبادرة بمضمونها الحالي، تتيح للأسد تعزيز مواقعه في مناطق أخرى من البلاد وتزيح عنه قوة كبرى تؤرقه في حلب، ما لم يضمن مجلس الأمن «الإجراءات الرادعة» التي يتحدث عنها دي ميستورا.
وهو ما يعمل عليه الأسد في تسكين بعض البلدات والمدن خلال العام الماضي عبر هدن ومصالحات، ثم الضغط على مناطق أخرى والاستفراد بها، مستثمرًا ذلك لسدّ نقص تعداد مقاتليه في المعارك.
على الضفة المقابلة، على المعارضة أن تعيَ أنه لا سبيل للوصول إلى مبتغاها وسط تشتت مجالسها وهيئاتها وفصائلها، إذ ما زالت مساعي التوحد، بعد سنتين كاملتين على القتال، وسيلةً لنيل «دعم الغرب»، وليس انطلاقًا من كونه ضرورة أساسية لتحقيق النصر، كحال «القوة المركزية» في الجنوب.
نظرة إلى اللوحة من أعلى وخطوة إلى الوراء، ولنبحث عن حلول جدية وحقيقية توقف نزيف الدماء والمزيد من الدمار، لأن جيلًا نشأ على ثقافة الحرب كفيل في إضرام نارها عشرات السنوات.
هيئة التحرير