دروس المونديال بين الوسط والقمة
عروة قنواتي
يأبى المونديال، وهو يعبر صفحات أدواره باتجاه الحسم، إلا أن يقدم الدروس الجديدة تحت عبارة “لا كبير ولا مستحيل في كرة القدم”، وسرعان ما انقضى الدور الأول بكل التفاصيل والتحديثات، وخاصة تقنية الفيديو، التي أثبتت بأنها الضيف المرعب والمخيف في أصعب اللحظات، والمفرح والمبهج في لحظات ثانية.
دروس المونديال يمكن أن نخصص منها عبارة للمنتخبات العربية: ما هكذا تورد الإبل، أبدًا. لم تستطع المنتخبات العربية مع تفاوت المستويات فيما بينها اللعب والتحرك والتمتع بأجواء المونديال إلا عندما ضمنت الخروج من المنافسة، أي أن منتخبات العرب لم تتعلم بعد اللعب والمنافسة تحت الضغط.
نعم، حصدت السعودية فوزًا من مصر، والمغرب تعادلًا مثيرًا من إسبانيًا، وتونس فوزًا مستحقا على بنما، فقط لأن فرقنا تحررت من الضغط والمنافسة على التأهل أو على بطاقات التأهل، وهذه النكبة تضاف إلى سلسلة النكبات المتتالية والتي لا تبيّض بعض أسطرها سوى إشراقات المغرب في 86، والسعودية في 94، والجزائر في 2014، وكلها في الدور الثاني، وهذه حدودنا بالفعل.
درس جديد باللعب النظيف وأهميته لكل المنتخبات، فقد تأهلت اليابان على حساب السنغال (بعد التعادل فيما بينهما بالنقاط والأهداف والمواجهة المباشرة) عن طريق اللعب النظيف، إذ سجلت قوائم المونديال ست بطاقات صفراء للسنغال، وأربع بطاقات صفراء لليابان، وهي أول مرة تحصل في تاريخ المونديال.
درس الكبار، ورغم تكراره في بعض البطولات، يجمع الحيرة بالفوضى، كما حصل مع منتخب المانشافت الألماني، بطل المسابقة الماضية في 2014، فبعد هزيمته الافتتاحية مع المكسيك بهدف وحيد، عاد ليتحرك بقوة ويفوز على السويد في الدقيقة الأخيرة بهدفين لهدف، ويخرج بعدها من المونديال مبعدًا على الطريقة الآسيوية من المنتخب الكوري، الفاقد لآمال التأهل، بهدفين نظيفين.
نعم مجددًا، استهان المدير الفني يواكيم لوف بخصمه وبظروف المباراة، واعتقد أن كل شيء بات يصب في المصلحة الألمانية، وعليه تغيير شكل اللعب وإراحة النجوم للأدوار القادمة، وإذ به يطير إلى برلين مصحوبًا بالخيبة والهزيمة مع اختياراته ولاعبيه، وباحثًا كل يوم عن إجابات الصحف والعشاق: أين تكون الكرة الألمانية بعد اليوم؟
التانغو الأرجنتيني الذي انتفض وتأهل إلى ثمن النهائي بخبرة لاعبيه التي تفوقت على اندفاع الشباب النيجيري تارة وخوفهم تارة، كان درسًا لمن حسم خروج التانغو بنتيجة مباراتيه مع أيسلندا وكرواتيا، صحيح أن ميسي وزملاءه لا يقدمون الأفضل وشكل الفريق فنيًا من أسوأ أشكال الكرة الأرجنتينية في تاريخ المونديال بلا منازع، وهو ما أثبتته الخسارة أمام فرنسا في الدور الثاني، لكن حسم التأهل كان بالخبرة وهذا ما تفتقده بعض المنتخبات التي أضاعت التأهل بالنشوة المبكرة.
مع نهاية هذه الأسطر يكون الدور ثمن النهائي قد دخل بمعاركه ودموع لاعبيه وعشاقه، وما زالت دروس المونديال الجديد قيد التدوين والترتيب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :