خطأ بشري أم تقني؟
“VAR” تخلط أوراق الكبار في المونديال
“تقنية الفيديو لا تعني الكمال، وإنما نسبة نجاحها في مونديال روسيا قريبة جدًا من الكمال”، بهذا دافع الحكم الدولي السابق والرئيس الحالي للجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بييرلويغي كولينا، عن تقنية الفيديو بعد الجدل الذي رافق استخدام التقنية في مباريات الدور الأول من نهائيات كأس العالم المقامة حاليًا في روسيا.
الغرض من استخدام تقنية VAR كان التأكد من صحة القرارات الحاسمة التي يتخذها الحكام، والتي من الممكن أن تغير مجريات المباراة، لكن تطبيقها لأول مرة في المونديال الحالي لم يخل من أخطاء، وجاءت بردود فعل سلبية في العديد من المباريات، لتبدأ الانتقادات حولها ويطلق عليها وصف “تقنية VAR للكبار”، في إشارة إلى تطبيقها لصالح المنتخبات الكبيرة فقط.
ما هي تقنية الفيديو “VAR”؟
تأتي كلمة “VAR” اختصارًا لعبارة “The video assistant referee”، وتقوم التقنية على أساس استخدام نظام إعادة لقطات الفيديو لمراجعتها قبل اتخاذ حكم المباراة لقرار قد يؤثر على سير المباراة، أو للتأكد من صحة قرار اتخذه بالفعل.
سفير المدربين لدى الاتحاد الأوروبي ومدرب مانشستر يونايتد السابق، أليكس فيرغسون، قال، في آب العام الماضي، إنه “لن يقتنع أحد بشكل كلي، لا يمكننا وقف التقدم الذي أصبح شائعًا في كرة القدم، لذا دعونا نعطي الفرصة لتقنية الفيديو”.
يتكون نظام الفيديو من عدة شاشات مجهزة، في غرفة ملحقة بالملعب أو خارجه، لمتابعة اللقطات التي تصورها أربع كاميرات من عدة زوايا لتسهيل إعادة تشغيلها إذا استدعى الأمر ذلك، ويقوم على متابعة الشاشات فريق مكون من ثلاثة حكام ساحة، وتوجد على خط الملعب شاشة أخرى صغيرة خاصة بحكم المباراة، فيما يتواصل مع الفريق الثلاثي عبر سماعات الأذن للمناقشة حول القرار.
وأثار استخدام تقنية الفيديو لأول مرة في ملاعب كرة القدم جدلًا واسعًا في أوساط اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ولا يزال الجدل قائمًا بحجة أن التقنية لم تقلل من ارتكاب الحكام للأخطاء، بل زادتها في بعض الأحيان.
شروط استخدام “الفيديو”
حدد “فيفا” أربع حالات معينة لاستخدام تقنية الفيديو، ولجوء الحكام إلى الاستعانة بها وهي: الأهداف، احتساب ركلات الجزاء، البطاقات الحمراء المباشرة، وتصحيح القرارات.
وتنص لوائح “فيفا” على أن الحكم هو صاحب القرار النهائي الذي يظل قائمًا حتى يثبت خطأه تمامًا، وسيكون من حق الحكم مشاهدة الحالة المشكوك بها فقط.
وإذا كانت الكرة لا تزال في اللعب بعد انتهاء الحالة المشكوك بها، فعلى الحكم أن ينتظر حتى تصل الكرة لمكان محايد ثم يوقف اللعب ويلجأ للفيديو، وفي حال عدم ثبوت العقوبة يُستأنف اللعب بالإسقاط.
التقنية تهدد هيبة الحكم
تهدد تقنية الفيديو هيبة الحكم وسيادته في الملعب، كما تفقده الثقة في نفسه، فمن الوارد أن يحتسب الحكم أي قرار ثم يعود الفيديو ليغير قراره وهو ما كان مرفوضًا من قبل، الأمر الذي سيؤثر على سرعة المباراة وحماس اللاعبين والجماهير وحتى المعلقين مع التوقفات الكثيرة، فضلًا عن دوره في ضبط انفعالات وردود فعل اللاعبين والفنيين.
ويُعرف حكم مباراة كرة القدم بأنه أشبه بالقاضي بالمحكمة، فهو صاحب القرار، لكن الفوارق تختزل بسرعة تقدير حكم المباراة وإصدار قراره دون تأثره بمشاعر أو ضغوط قد تطرأ عليه، لذا يشترط على الحكم قوة الشخصية والتأثير وهي أولى النقاط التي تحسب للحكم في إدارة اللعبة.
الحكم الهولندي بيورن كيبرس يتراجع في الدقيقة 78عن قراره باحتساب ضربة جزاء للبرازيل في مباراتها ضد كوستاريكا ضمن المجموعة الخامسة في منافسات كأس العالم.
غياب آلية أو قواعد محددة تجعل من استخدام تقنية الفيديو مشروطة بظروف وجدل معين، لا يستطيع من خلالها الحكم أو مساعداه اتخاذ قرار صائب في الحالة، وهو ما ضاعف من الضغوط على الحكم، الذي ترك خيار استخدام التقنية مرهونًا بقراره.وكما شاهدنا مع كل التحام على مشارف منطقة الجزاء وداخلها، يتسارع لاعبو الفريقين نحو الحكم، رغم اتخاذ القرار لدفعه إلى مشاهدة تقنية الفيديو “VAR”.
المونديال دون “VAR”
ارتفعت نسبة القرارات الصحيحة للحكام في مونديال روسيا إلى99.3% بفضل تقنية الفيديو، وذلك بعد نحو 48 مباراة (مرحلة المجموعات)، لم تقع خلالها أي فضيحة تحكيمية، وفقًا لمسؤولين في لجنة التحكيم في “الفيفا”.
وأوضح رئيس لجنة الحكام في “فيفا”، الإيطالي بييرلويجي كولينا، أنه جرت مراجعة 335 قرارًا في مباريات دور المجموعات، علاوة على 17 قرارًا تمت فيها الاستعانة بحكم الفيديو المساعد.
ومع انتهاء دور المجموعات في المونديال الحالي، بلغ 16 منتخبًا الدور الثاني، وكان للجوء إلى تقنية الفيديو دور في تحديد مصيرهم وحسم تأهلهم، بالإضافة لتحديد هوية المتصدر والوصيف ضمن المجموعة، على عكس منتخبات أخرى تأثرت سلبًا، ولولا وجود التقنية لكانت في الدور 16.
ولعل أشهر ما تسببت به تقنية الفيديو، ما جرى ضمن الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الثانية في تحديد متصدرها ووصيفها، حين تقابلت إيران ضد البرتغال، وإسبانيا ضد المغرب.
اللاعب المغربي أشرف حكيمي
“استخدامها انتقائي وحسب قيمة الفريق المنافس”
فقد حرم حكم مباراة البرتغال وإيران التأهل للمنتخب الإيراني، بسبب رفضه استخدام تقنية الفيديو رغم مطالبة لاعبي ومدرب الفريق الإيراني احتساب ركلة جزاء، كانت قد توصل إيران بتسجيلها 7 نقاط إلى صدارة المجموعة، وتحل إسبانيا ثانيًا، ما يقصي البرتغال ويجعل إسبانيا في مواجهة الأوروغواي متصدر المجموعة الثانية خلال الدور الثاني، عوضًا عن روسيا وصيف المجموعة الأولى.
أما خلال مباراة إسبانيا والمغرب، فكانت الاعتراضات أكثر صراحة بعد أن قرر حكم المباراة التوجه لاستخدام تقنية الفيديو للبت في صحة هدف إسبانيا في الدقيقة 91 بعد أن كانت متأخرة بهدفين مقابل هدف، قبل أن يحتسبه متجاهلًا راية الحكم المساعد التي أشارت إلى تسلل.
ومن التعادل المريب كسب المنتخب الإسباني نقطة ثمينة جعلته في صدارة المجموعة، ولولا تدخل تقنية الفيديو، لأقصي مبكرًا.
عنونت صحيفتا “ماركا” و”موندو ديبورتيفو” الإسبانيتان بعد تعادل منتخبهما مع المغرب
“تعيش تقنية الفيديو”.. “شكرًا تقنية الفيديو”
من أخطأ.. “VAR” أم الحكم؟
لطالما كثر الحديث عن ضرورة إدخال التكنولوجيا في كرة القدم، من أجل كبح أخطاء أهدرت شقاء وتعب عدة فرق وحولته لهباء منثور، وسط جدلية لا تنتهي بين مؤيد للفكرة ومعارض لها، خوفًا من أن تقتل “روح اللعبة ومتعتها”.
وسبقت تقنية الفيديو عدة محاولات لإقحام التكنولوجيا في كرة القدم، لم تخل هي الأخرى من الجدل، ونتيجة لسوء أو قلة خبرة الحكام في استخدامها، ولعدم إرفاقها بقواعد وضوابط محددة واضحة لا لبس فيها، ومزاجية الحكام باللجوء إلى “التقنية” تارة ورفض استخدامها في أحيان أخرى، جعلها رهينة للأخطاء البشرية، التي أساءت استخدامها، ولم تحسن توظيفها.
زين الدين زيدان في 2016
“يجب علينا أن نتقبل قرارات الفيفا، لكني أعتقد أن استخدام الفيديو يؤدي إلى الارتباك”
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :