د. أكرم خولاني
من المعروف أن أكثر العلامات الحيوية شيوعًا لبداية الحمل هو الغثيان، فهي حالة تصيب معظم السيدات الحوامل في الأشهر الثلاثة الأولى للحمل، وغالبًا ما تبلغ أقصاها في الصباح لذلك تسمى (غثيان الصباح)، وقد يترافق الغثيان بالإقياء أيضًا، وربما كان الإقياء شديدًا فتسمى الحالة (الإقياء الحملي)، ويمكن أن تسبب حالة الغثيان أو الإقياء إزعاجًا طفيفًا لبعض الحوامل، ولكن يمكن أن يكون لها تأثير سلبي كبير على الأنشطة اليومية ونوعية الحياة لأخريات، وعندما تكون حادة جدًا قد تصبح خطيرة وتحتاج إلى علاج متخصص، وربما تحتاج للقبول في المستشفى.
ما المقصود بالغثيان، الإقياء الصباحي، الإقياء الحملي
هي حالة تبدأ قبل الأسبوع التاسع من الحمل، وعادة خلال الأسابيع الستة الأولى بعد انتهاء آخر دورة شهرية، تتمثل أعراضها بالشعور بالغثيان وفي بعض الأحيان التقيؤ أيضًا، وتتحسن هذه الأعراض مع تقدم الحمل، لتختفي بحلول الشهر الثالث من الحمل عند 90% من المصابات، ومع ذلك تعاني بعض النساء من الغثيان والإقياء مدة أطول.
ويبلغ الغثيان أقصاه في الصباح، لذلك يسمى بغثيان الصباح كما ذكرنا، ولكنه قد يمر على الحامل في باقي أوقات اليوم المتفرقة من النهار أو الليل، وبعض النساء يشعرن بالغثيان طوال اليوم.
وتتعرض 80% من النساء الحوامل لغثيان الحمل، وتتعرض 50% من الحوامل للغثيان والإقياء معًا، بينما لا تعاني البقية من هذه المشكلة، علمًا أنه من الممكن ألا تشعر الحامل بالغثيان أو القيء في حمل وتشعر بهذه الحالة في حمل آخر.
أما الإقياء الحملي فهو حالة تقيؤ حاد ومفرط خلال فترة الحمل، ولا يعتبر حالة شائعة جدًا، إذ يؤثر على حوالي 1-2% فقط من السيدات الحوامل، ويقال إن الحامل مصابة بالتقيؤ الحاد والمفرط إذا كانت:
- تعاني من تقيؤ حاد ومتواصل.
- لا تستطيع تناول الطعام والشراب من دون أن تتقيأ.
- فقدت أكثر من 5 بالمئة من وزنها الذي كانت عليه قبل الحمل.
- تعاني من الجفاف.
ما أسباب حدوث الغثيان أو الإقياء الحملي؟
- ارتفاع هرمون HCG، إذ يزيد الشعور بالغثيان والقيء بارتفاع هذا الهرمون، وتظهر بوضوح لدى الحوامل بتوأم ذوات النسبة العالية من هرمون HCG حيث يزيد عندهن القيء والغثيان بصورة كبيرة.
- ارتفاع هرمون الأستروجين ببداية الحمل بسرعة مسببًا الشعور بالغثيان والقيء.
- تعزيز حاسة الشم للروائح المحيطة.
- المعدة الحساسة، فأغلبية الحوامل تصبح معدتهن حساسة للطعام وسيئة الهضم.
- التعب والإجهاد والجوع.
- سوء التغذية، يعتقد أن نقص فيتامين ب 6 في النظام الغذائي يمكن أن يكون سببًا محتملًا للغثيان الصباحي، وهناك أدلة على أن ب 6 يمكن أن يساعد على تخفيف الأعراض.
ما العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بغثيان وإقياء الحمل؟
- الغثيان والقيء في حمل سابق.
- الجنين أنثى.
- سوابق عائلية من الغثيان أو الإقياء الصباحي في أثناء الحمل
- سوابق من دوار الحركة، على سبيل المثال عند ركوب السيارة، أو الصداع النصفي.
- سوابق من الغثيان في أثناء استخدام وسائل منع الحمل التي تحتوي على الأستروجين.
- البدانة، حين يكون مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر.
- الإجهاد.
- الحمل المتعدد، مثل توأمين أو ثلاثة توائم.
- الحمل الأول.
- الحامل شابة.
هل يشكل الغثيان والإقياء الحملي خطرًا على الجنين؟
يرتبط الغثيان والإقياء بارتفاع هرمون الحمل في جسم المرأة، ما يدل على أن الحمل يتطور بشكل سليم وصحي ويبعد خطر الإجهاض، ولذلك على الحامل ألا تقلق إذا تعرضت للغثيان بشكل مستمر، ولكن في حالة الإقياء الحملي الشديد فإنه من دون العلاج سيتزايد خطر أن يكون حجم الطفل أصغر من المتوسط عند الولادة.
كيف يمكن التخفيف من الغثيان والإقياء في أثناء الحمل؟
- تنظيم تناول الطعام، فيجب أن تتناول الحامل طعامًا خفيفًا في أثناء النهار وعند الاستيقاظ من النوم كي تخفف من شعور الغثيان صباحًا، كما يجب أن تتناول وجبة خفيفة قبل الذهاب للنوم بمدة تتراوح بين 20 إلى 30 دقيقة لتقليل نسب حصول الغثيان صباحًا، ويجب تناول وجبات صغيرة منتظمة عدة مرات في اليوم وتجنب البقاء لفترة طويلة بدون تناول طعام لأنه يحرض على حدوث الغثيان، إذ إن الأحماض الطبيعية الموجودة في المعدة عندما لا تجد ما تهضمه من طعام فإن ذلك يؤدي إلى الشعور بالغثيان.
- اختيار الغذاء بعناية: هناك نظام غذائي يجب على الحامل اتباعه ويمثل هرمًا غذائيًا يشتمل على كل العناصر الغذائية اللازمة للأم ولتكوين الجنين، يشمل هذا النظام مقدارًا من البروتينات وعلى منتجات الألبان وأيضًا نسبة قليلة من النشويات والبقول، وإن وجبة من المعكرونة المسلوقة فقط دون إضافة دهون أو بطاطا مشوية أو قطعة خبز من شأنها أن تُشعر الحامل بالراحة، كما يجب أن تتجنب الحامل الأغذية الحمضية والأغذية المحتوية على البهارات، والأطعمة المقلية لأنها تهيج الجهاز الهضمي وتتسبب في الشعور بالغثيان، وتناول الوجبات الدسمة، لأنها ترهق المعدة وتستغرق وقتًا في الهضم، وكذلك تجنب مصنعات اللحوم لاحتوائها على نسبة عالية من الأملاح والمواد الحافظة والدهون الضارة.
- تناول الطعام بحرارة معتدلة، وينصح بتجنب الطعام أو المشروبات شديدة البرودة أو السخونة.
- تجنب روائح الطعام إذ من الممكن أن تتسبب روائح الطعام بالغثيان.
- شرب الماء، فتناول الماء يساعد على تخفيف أحماض المعدة، لذلك ينصح بشرب كوب ماء كل ساعة أو ساعتين، وكذلك قبل النوم، لمنع تركيز الأحماض خاصة في الصباح.
- تناول المشروبات الدافئة وشاي الأعشاب، كالزنجبيل والنعناع.
- الحرص على تناول الموز بشكل مستمر كونه يحتوي على نسبة عالية من الأملاح المعدنية، كالبوتاسيوم، والكالسيوم والتي بدورها تخفف من حدة الغثيان.
- تناول الأدوية المضادة للإقياء في حالات الإقياء الحملي، ويجب انتقاء الأدوية بحذر وبوصفة الطبيب تجنبًا لأي تأثيرات ضارة على الجنين، وقد يصف الأطباء دواء ميكلوزين مع الفيتامين ب6، وأحيانًا مضاد هيستامين (مضاد تحسس) يعمل كمضاد إقياء.
في الإقياء الحملي يتم إدخال المريضة إلى المستشفى في الحالات التالية:
- إذا لم تضبط الحالة بالأدوية.
- إذا لم تستطع الحامل الأكل والشرب وأصبح وزنها ينقص باستمرار.
- إذا أصيبت الحامل بالجفاف أو بمضاعفات صحية.
- إذا كان الغثيان شديدًا مع وجود حالة صحية مستمرة كمرض السكري.
أخيرًا.. ننبه إلى أنه إذا بدأ الشعور بالغثيان بعد ثمانية أسابيع من الحمل، أو إذا كانت هناك حمى مرافقة أو ألم، فقد يكون هناك سبب آخر للغثيان والإقياء، مثل: اضطرابات في المعدة، التهابات الأمعاء، التهاب المجاري البولية، اضطرابات الكبد، التهاب الزائدة الدودية، أمراض الغدة الدرقية، أو الإصابة بمرض السكري. لذلك لا بد من مراجعة الطبيب.