عنب بلدي – ضياء عودة
اتجهت الحكومة التركية إلى استيراد أصناف محددة من المحاصيل الزراعية التي تشتهر بها مدن ومناطق ريف حلب الشمالي، وكخطوة أولى طرحت مبادرة لشراء محصول البطاطا من الفلاحين بشكل كامل، لمساعدتهم على التسويق ولسد جزء من النقص الذي تعاني منه، ما يخفض الأسعار في أسواقها المحلية.
يشتهر ريف حلب الشمالي والشرقي بمساحاته الزراعية الواسعة، وعقب السيطرة الكاملة عليه من قبل فصائل “الجيش الحر”، استأنف الأهالي زراعة محاصيلهم، والتي يتصدرها البطاطا والحبوب كالقمح والشعير والحبة السوداء.
وتأتي المبادرة التركية ضمن سلسلة عمليات تنظيمية بدأتها، في الأشهر الماضية، وكانت بداياتها في القطاعين الطبي والتعليمي، لتتطور حاليًا وتدخل في مجالات استثمارية وربحية، وهو ما يعزز وجودها في مختلف جوانب الحياة اليومية لسكان المنطقة.
أربعة آلاف طن.. دفعة أولية
وكدفعة أولى، استوردت الحكومة التركية أربعة آلاف طن من محصول البطاطا، وبحسب وزارة المالية التركية، تغطي هذه الكمية نسبة 1% من احتياجات السوق، مشيرةً إلى أن العملية انعكست على السوق، إذ انخفض سعر الكيلو من ثماني ليرات إلى ليرتين.
ويقابل الدولار نحو 4.6 ليرة تركية، بينما يتراوح سعر صرف الليرة التركية بين 95 و97 ليرة سورية.
وقال وزير المالية التركي، نهاد زيبقجي، إن تركيا بدأت باستيراد البطاطا السورية من المناطق التي تديرها في الشمال، من أجل مكافحة ارتفاع أسعار البطاطا في السوق التركي.
وأضاف في تصريحات ترجمتها عنب بلدي أن هذه الخطوة أسهمت بخفض الأسعار من ثماني ليرات تركية إلى ليرتين، معتبرًا أن الحكومة التركية أمامها خياران لمواجهة المضاربين: إما محاربتهم بالطرق القانونية، والتي يمكن أن تأخذ وقتًا، أو أن تتخذ طرقًا أكثر فاعلية عن طريق الاستيراد.
وشهدت تركيا في الأشهر الماضية ارتفاعًا ملحوظًا بأسعار الخضراوات، وخاصة البطاطا التي وصل سعرها في بعض المحافظات إلى خمس ليرات، وفي أخرى إلى ست ليرات، بعد أن كان في وقت سابق يتراوح بين ليرة ونصف إلى ثلاث ليرات للكيلو الواحد.
ولا تقتصر الخطة التركية في استيراد المحاصيل الزراعية من ريف حلب على البطاطا فقط، بل تجري دراسات حاليًا لاستيراد أصناف مختلفة، سواء المحاصيل الشتوية أو الصيفية.
الحبة السوداء والثوم قريبًا
ويوضح مدير شعبة الزراعة في مدينة دابق بريف حلب، نوري أحمد، أن مبادرة الحكومة التركية لشراء البطاطا لا تقتصر على المحاصيل فقط بل طالت البذار، إلى جانب المحاصيل التي تتطلب تسويقًا كبيرًا في السوق السوري الداخلي.
وحددت تركيا سعر شراء كيلو البطاطا الواحد بليرة وعشرة قروش تركية، كما حددت سعر محصول العدس أيضًا بليرة و90 قرشًا للكيلو الواحد، على أن يبدأ استيراد الأخير في الأيام المقبلة.
ويرتبط تفاوت الأسعار بنظافة المحاصيل ونوعيتها، واقتصر استيراد العدس على “المغربل” أي الخالي من الشوائب التي توجد فيه بعد عملية الحصاد.
وبحسب أحمد، يتم تسليم الحبوب والمحاصيل الزراعية المراد استيرادها من قبل تركيا في مركز “آفاد” القريب من معبر الراعي.
ومنذ مطلع حزيران الحالي، صدرت مدينة أخترين 50 طنًا من البطاطا إلى السوق التركية، على أن تتبعها دفعات أخرى، أما بقية المحاصيل فترك اختيار تصديرها بأسعارها في سوق المنطقة، ونية الفلاحين بيعها إلى الجانب التركي بالأسعار المحددة مسبقًا.
ويقول مدير شعبة الزراعة إن محاصيل القمح والشعير تباع في الداخل السوري بأسعار مرتفعة عن تركيا، وبالتالي لا ترغب الحكومة التركية بشرائها، بينما تتجه إلى الأنواع الأخرى من الحبوب كالكزبرة والحمص والحبة السوداء، بالإضافة إلى الثوم.
مساحات واسعة للزراعة
لا توجد معلومة دقيقة عن المساحات الزراعية من البطاطا في ريف حلب الشمالي، لكن مدير شعبة الزراعة يقول إن مدينة دابق تضم من 20 إلى 30 هكتارًا.
وينتج الهكتار الواحد من 40 إلى 50 طنًا من البطاطا، ويقارب هذا الرقم الإنتاج في بقية مناطق ريف حلب بينها مارع وأخترين ومنطقة الراعي.
وتدعم الحكومة التركية بعض المحاصيل التي تسعى لاستيرادها كالعدس والحمص، وتقدم للفلاحين مبيدات فطرية وحشرية، بالإضافة إلى دعمها للأشجار المثمرة كالفستق والرمان والكرز.
وتحظى الزراعة المروية بدعم أكبر من الزراعة البعلية، وبحسب أحمد، تدرس وزارة الزراعة التركية دعم الفلاحين أصحاب الزراعة المروية بمادة المازوت، بعد التأكد من ترخيصهم الزراعي والإحصائية التي يتم طلبها.
كما تسعى إلى دعم المزارعين أصحاب الآبار بالبذور والأسمدة في الموسم المقبل.