عنب بلدي – خاص
توصلت تركيا إلى “خارطة طريق” مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، حول منطقة تل رفعت الخاضعة لسيطرة قوات الأسد، ومدينة منبج الخاضعة لسيطرة “وحدات حماية الشعب” (الكردية).
“خطة دبلوماسية مزدوجة” اتبعتها تركيا مع الروس والأمريكيين، الخصمين المتنافسين في سوريا، لتفتح علاقة جديدة مع واشنطن عنوانها “تجميد التوتر” والتفاهم وتحسين العلاقات، بعد فترة جمود شهدتها العلاقات بين البلدين، بسبب عدة قضايا شائكة أهمها الدعم الأمريكي لـ “الوحدات” في سوريا، والتي تعتبرها أنقرة “إرهابية”.
في حين جاء الاتفاق مع روسيا، الحليف القوي للأسد، في تل رفعت تعزيزًا للتفاهمات والاتفاقات السياسية بين أنقرة وموسكو وتقوية للعلاقات بينهما، وتقاربًا في الملف السوري.
منبج وتل رفعت
بعد تهديدات تركية متكررة بشن عملية عسكرية ضد “الوحدات” في منبج في حال لم توافق أمريكا على خروجها دبلوماسيًا، اتفقت واشنطن مع أنقرة، أواخر الشهر الماضي، على إرساء الأمن والاستقرار في منبج، بحسب ما صرح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو.
واتفق الطرفان على خطة عمل من مراحل محددة، تبدأ بانسحاب قادة “الوحدات”، والذي سيكون في 4 من تموز المقبل، بحسب ما قاله أوغلو في مقابلة مع قناة “CNNTURK”، الخميس 21 من حزيران، يليها تولي عناصر من الجيش والاستخبارات التركية والأمريكية مهمة مراقبة المدينة، قبل تشكيل مجلس محلي وعسكري يوفران الأمن والخدمات للمدينة.
وبدأت تركيا بتسيير دوريات جديدة في المنطقة، الأسبوع الماضي، إذ دخلت عربات مصفحة تابعة للجيش التركي أطراف نهر الساجور الفاصل بين جرابلس ومنبج، كما بدأت القوات الأمريكية بتسيير دوريات مقابل منطقة الدادات أيضًا بالتزامن مع تسيير الدوريات التركية.
ولم تمض أيام قليلة على اتفاق منبج، حتى أعلنت تركيا إبرام اتفاق دبلوماسي مع الحليف الروسي حول مدينة تل رفعت مشابه لاتفاق منبج.
وينص الاتفاق على خروج قوات الأسد والميليشيات المساندة لها من المدينة، على أن يحل وجود تركي- روسي مشترك فيها، إضافة إلى دخول أهالي تل رفعت فقط إلى المدينة بعيدًا عن الفصائل العسكرية.
كما يمنع وجود السلاح في المدينة، ويُشكل مجلس محلي من شرطة محلية يتم انتقاؤها من شبان المدينة، بحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي عن بنود الاتفاق.
توازن تركيا في التعامل مع روسيا وأمريكا
التزامن بين الاتفاقين، اعتبره محللون عسكريون تسابقًا من قبل موسكو وواشنطن لسحب أنقرة إلى طرفهما، كونها حليفًا استراتيجيًا في المنطقة، وخاصة روسيا التي حاولت استغلال التوتر بين أنقرة وواشنطن، وماطلت سابقًا في ملف تل رفعت لإبقائه ورقة ضغط في وجه تركيا، قبل أن تقبل بالاتفاق عقب الاتفاق التركي- الأمريكي في منبج.
لكن الكاتب والمحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، رفض الربط بين ملفي تل رفعت ومنبج، إذ إن تركيا منذ البداية تتفاوض مع روسيا في ملف تل رفعت، وهو من ضمن عدة اتفاقيات تمت بين البلدين، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وأكد أوغلو أن كل طرف يحاول استقطاب تركيا لأنها لاعب أساسي في سوريا، إضافة إلى وجود أوراق ضغط بيد تركيا تمكنها من تخريب مخططات أمريكا وروسيا، مثل دعم المعارضة وتشكيل قوى عسكرية من “الجيش الحر”، لكن أنقرة لا تريد نزاعات طويلة مع الجانبين، خاصة وأنها غير قادرة على منافسة الروس والأمريكيين.
وحول الاتفاقين أشار أوغلو إلى أن تركيا تحاول توزيع القوى بين روسيا وأمريكا، وأن يكون لها دور متوازن من الناحية السياسية مع كليهما خاصة وأنهما متنافسان في سوريا.