المتلازمة الاستقلابية.. توقف عن الشرب والتدخين

  • 2018/06/24
  • 12:24 م
المتلازمة الاستقلابية

د. أكرم خولاني

من الملاحظ تزايد نسبة الإصابة بالبدانة في العالم بشكل عام نتيجة توفر الطعام والحياة المُرفهة، وقد تبين وجود مجموعة من العوامل المرتبطة بالبدانة التي تحدث مع بعضها وتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ومرض السكر من النوع الثاني (غير المعتمد على الأنسولين)، وسميت مجموعة تلك العوامل “المتلازمة الاستقلابية”، ورغم أن الارتباط بين هذه العوامل لوحظ منذ عشرينيات القرن الماضي إلا أنه تم وصف المتلازمة الاستقلابية للمرة الأولى في نهاية الثمانينيات.

ما المقصود بالمتلازمة الاستقلابية

المتلازمة الاستقلابية، أو المتلازمة الأيضية، أو متلازمة مقاومة الأنسولين، أو متلازمة إكس، هي مجموعة من الحالات المرضية التي تحدث نتيجة خلل في استقلاب الجسم وتشمل: زيادة ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، والدهون الزائدة في الجسم حول منطقة الخصر، وتغيُّر مستويات الكولسترول أو الشحوم الثلاثية بشكل غير طبيعي، وارتفاع في حمض البول  في الدم، وإفراز كميات كبيرة من البروتين في البول، والتي تحدث معًا لتزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري.

تعتبر المتلازمة الاستقلابية من الاضطرابات الشائعة، إذ إنها تصيب واحدًا من كل خمسة أشخاص، وتزيد نسبة الانتشار مع تقدم العمر، خاصة بعد سن الخمسين.

ما أسباب الإصابة بالمتلازمة الاستقلابية؟

لم تتم حتى الآن معرفة الآليات الدقيقة لحدوث المتلازمة الاستقلابية، إحدى النظريات تفيد بأن المتلازمة الاستقلابية تنشأ من اضطرابات تناغم الجهاز العصبي المستقل الذي يتكون من الجهاز العصبي الودي والجهاز العصبي اللاودي، ففي الأشخاص الأصحاء يوجد تناغم بين شقي هذا الجهاز بحيث يستغل الجسم الطاقة أفضل استغلال، فخلال فترة النشاط يسيطر الجهاز العصبي الودي.

وخلال فترة الراحة والخمول يسيطر الجهاز العصبي اللاودي، ويكون بينهما توازن وتناغم ليمدا الجسم بحاجته الفعلية من الطاقة، أما في حالات الكسل والخمول وفرط الأكل فيختل التناغم بين الجهاز الودي والجهاز اللاودي، ما يؤدي لحدوث أعراض المتلازمة الاستقلابية.

ويرتبط وجود المتلازمة الاستقلابية بشكل أساسي بالسمنة ووجود مقاومة للأنسولين في الجسم.

وهناك جدل حول ما إذا كانت السمنة ومقاومة الأنسولين هما سبب المتلازمة أو إذا كانا عبارة عن نتائج مترتبة على المزيد من العيوب الاستقلابية، وكما هو معروف فإن الأنسولين هو هرمون يفرزه البنكرياس ويقوم بتنظيم مستوى السكر في الدم.

وعند حدوث مقاومة للأنسولين فإن نسبة السكر في الدم ترتفع، فيسعى الجسم للسيطرة عليه عن طريق إفراز المزيد من الأنسولين، وهذا يؤدي لارتفاع مستويات الأنسولين في الدم، ما يؤدي على مر السنين إلى ظهور عدد كبير من أعراض الإصابة بالمتلازمة، إذ إن ارتفاع مستويات الأنسولين في الدم يؤثر على أداء الجهاز العصبي الودي وعلى امتصاص الصوديوم في الكليتين، ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، وزيادة إنتاج الشحوم الثلاثية في الكبد، وهذا يؤدي إلى اضطراب في مستويات الدهون في الدم.

كما أن الأنسولين المرتفع يؤثر على المبايض عند النساء مسببًا المبيض متعدد الكيسات، كذلك يزيد من نسبة حدوث سرطان الكولون والبروستات والثدي، وأخيرًا فإن الإفراز العالي والمستمر للأنسولين يسبب إجهاد البنكرياس ثم فشله في إنتاج كميات أكبر من الأنسولين، وبالتالي ارتفاع نسبة السكر في الدم والإصابة بالسكري الكهلي (النمط الثاني).

ومع أن الأسباب الحقيقية للإصابة بالمتلازمة الاستقلابية غير معروفة، إلا أن هناك مجموعة من العوامل التي يعتقد أنها تزيد من نسبة الإصابة، وهي:

  • زيادة الوزن.
  • عوامل وراثية.
  • التقدم بالسن (بعد عمر 35 سنة).
  • نمط الحياة المستقرة (انخفاض النشاط البدني).
  • الحمية الغذائية السيئة (الإكثار من السكريات والدهون المشبعة).
  • العادات غير الصحية (مثل التدخين).
  • الإصابة ببعض الأمراض (كالسكري الحملي، أو المبيض متعدد الكيسات).
  • بعض الأدوية (مثل مضادات الذهان).

ما المضاعفات التي يمكن أن تنتج عن الإصابة بالمتلازمة الاستقلابية؟

  1. الداء السكري، إذ تحدث مقاومة للأنسولين فتستمر مستويات سكر الدم في الزيادة، وهذا يؤدي فيما بعد للإصابة بالداء السكري.
  2. أمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يسهم ارتفاع نسبة الكوليسترول وضغط الدم في تراكم اللويحات في الشرايين، ويمكن لهذه اللويحات أن تؤدي إلى تضيق الشرايين وتصلبها، ما قد يؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.
  3. الالتهابات الضعيفة في مختلف أنحاء الجسم.

كيف تشخص الإصابة بالمتلازمة الاستقلابية؟

تشخص الإصابة عند وجود 3 على الأقل من الأعراض التالية:

  1. محيط الخصر أكبر من  102 سم للرجال و88 سم للنساء.
  2. مستوى سكر الدم الصيامي أعلى أو مساو لـ 100 ملغ/دل.
  3. مستوى الدهون الثلاثية أعلى أو مساو لـ 150 ملغ/دل.
  4. الكوليسترول الحميد HDL أقل من 40 ملغ/دل في الرجال وأقل من ٥٠ ملغ/دل في النساء.
  5. ضغط الدم أعلى أو مساو لـ 130/85 ملم زئبقي.

ما طرق علاج المتلازمة الاستقلابية؟

إن الخط الأول من العلاج هو تغيير نمط الحياة، كممارسة التمارين الرياضية وإنقاص الوزن والامتناع عن التدخين والكحول، وتناول طعام صحي (حذف السكر والحلويات والخبز الأبيض والبطاطا والرز الأبيض والدسم المشبع كاللحم الأحمر والحليب كامل الدسم ومشتقاته وزيت النخيل وجوز الهند وإبداله بالدسم غير المشبع كزيت الزيتون وزيت فول الصويا وزيت عباد الشمس والبندق والأفوكادو وزيت كبد الحوت وزيت الكتان).

والخط الثاني للعلاج هو استخدام الأدوية المناسبة لكل حالة، فيمكن استخدام الأدوية المدرة للبول ومثبطات ACE لعلاج ارتفاع ضغط الدم، ويمكن استخدام الأدوية الخافضة للكوليسترول والشحوم لتقليل مستويات الكوليسترول الخبيث LDL والشحوم الثلاثية ورفع مستوى الكوليسترول الحميد HDL، ويمكن استخدام الأدوية التي تقلل من مقاومة الأنسولين كالميتفورمين، واستخدام مميعات الدم كالأسبرين للوقاية من التخثر.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالمتلازمة الاستقلابية؟

  • بالمحافظة على الوزن المثالي، بأن يكون مشعر كتلة الجسم BMI (حاصل قسمة وزن الجسم بالكغ على مربع طول الجسم بالمتر) أقل من 25.
  • اتباع نظام غذائي صحي غني بالخضار والفواكه والحبوب الكاملة والدهون غير المشبعة.
  • ممارسة الرياضة 30 دقيقة يوميًا أربعة أيام أسبوعيًا على الأقل.
  • مراقبة مستوى الشحوم الثلاثية والكوليسترول والسكر وحمض البول والبروتين الارتكاسي C بشكل دوري كل 3-5 سنوات.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية