ضياء عودة | نور عبد النور | مراد عبد الجليل | أحمد جمال
دخلت الحواجز الأمنية عقب الثورة السورية إلى نظام حياة السوريين، لتحدد وجهات تنقلهم ومصائر الكثيرين منهم، فكانت “حفر جهنم” التي ابتلعت آلاف المواطنين، كما شكلت ضغطًا موازيًا للضغوط الاقتصادية، وسببًا موجبًا للرحيل من بلد لا يأمن فيه الناس خطوات أرجلهم.
بين حيّ وآخر، زرعت قوات النظام عددًا من الحواجز، يزيد وينقص حسب الأوضاع الأمنية لكل منطقة ووفق قربها أو بعدها عن المراكز الأمنية وأفرع المخابرات، لتمتلئ العاصمة منذ العام الأول للثورة بمئات الدشم الإسمنيتة المغطاة بالأعلام وصور بشار الأسد، يتولى إدارتها عناصر مسلحون، يقومون بمهام مختلفة بحسب الفرع الذي يتبعون له.
ومع تراجع العمليات العسكرية في محيط العاصمة، وسيطرة النظام على مناطق فصائل المعارضة قرب دمشق، بدأت عملية إزالة الحواجز الأساسية والفرعية تتكرر على نطاق واسع، شمل مناطق تابعة لريف دمشق إداريًا.
بعض السوريين أدرجوا عملية الإزالة تحت خانة الدعاية الإعلامية، فيما عزاها آخرون إلى الضغط الشعبي بهدف تخفيف الأزمات المرورية وتسهيل الحركة، واعتبر البعض أن دولًا داعمة للنظام أرادت صورة أكثر حضارية للعاصمة، فدفعت باتجاه “تنظيفها”.
ووسط تباين وجهات النظر، لا تزال الحواجز الأكثر قوة وتأثيرًا تمارس مهامها اليومية في دمشق، كشاهد على استمرار القبضة الأمنية للنظام.
لماذا يزيل النظام حواجز العاصمة
يرتبط مصطلح “إرهاب الدولة” بالممارسات غير الشرعية التي تقوم بها دولة ما، كاستخدام القوة والعنف تجاه المدنيين العزل، ويعتبر من أخطر أنواع الإرهاب الذي يعتمد على التخطيط والتنظيم الذي تتبعه الحكومات والدول لتغطية ممارساتها تحت ذريعة “حماية الناس”.
منذ مطلع أحداث الثورة السورية عام 2011، ارتبط المصطلح بالنظام السوري بعد استخدامه القوة والآلة العسكرية ضد المتظاهرين، وما تبعه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها في مختلف المناطق، وبشكل خاص بعد تحول الحراك السلمي إلى مسلح.
الحواجز الأمنية كانت إحدى هذه الممارسات، وكانت الأداة الرئيسية التي حاول من خلالها النظام السوري إحكام سيطرته على الشارع الداخلي لسوريا من جهة، ووسيلة لفرض السياسة العسكرية والأمنية التي يتبناها من جهة أخرى، والتي زُرعت في نفوس المدنيين على مختلف انتماءاتهم.
لم تقتصر الحواجز على منطقة دون أخرى، بل انسحبت على جميع المحافظات السورية، وتنوعت بتبعيتها، من المخابرات الجوية والأمن العسكري وصولًا إلى الأمن السياسي والوطني، وكان للعاصمة دمشق النصيب الأكبر، كونها المعقل الأبرز للمؤسسات الأمنية والحكومية.
بعد إعلان السيطرة على الغوطة الشرقية بشكل كامل، تصدرت أخبار إزالة الحواجز الأمنية مشهد العاصمة دمشق، فقد اتجه النظام بصورة متسارعة إلى إزالتها، وخاصة داخل الأحياء الشعبية والمتركزة على الشوارع الداخلية للعاصمة، حتى إنه لم يمرر يوم إلا وتعلن وسائل إعلام رسمية ومقربة من النظام، إزالة حاجز، معتبرةً أن الأمر يأتي بعد خلو المنطقة من “الإرهاب” وعودة الأمن والاستقرار.
تكنهات وتساؤلات دارت عن الأسباب التي دفعت النظام إلى هذه الخطوة، وبينما ربطها البعض بانتهاء المعارك بشكل كامل في محيط دمشق، عزاها آخرون إلى ضغوط روسية عليه لكسب الحاضنة الشعبية المتبقية في المدينة، في حين رأى طرف آخر أنها خطوة لتلميع صورة القتل والقمع التي وسم بها طوال السنوات الماضية.
تلميع صورة
يستبعد قائد الشرطة الحرة في حلب، العميد أديب الشلاف، أن تكون هناك ضغوط دولية على النظام السوري لإزالة الحواجز، ويعتبر أن الأمر يمكن تصنيفه في خطوات يقوم بها لتلميع صورته أمام السوريين من جهة وأمام المجتمع الدولي بشكل عام.
ويقول الشلاف، في حديث إلى عنب بلدي، إن التلميع يخص الإساءة التي عرفت بها الحواجز في السنوات الماضية تجاه المدنيين وخاصة النساء والشباب، معتبرًا أن الحواجز هي قمعية لتخويف الناس وإرهابهم أكثر منها أمنية.
وبحسب قائد الشرطة، الذي شغل سابقًا منصب إدارة منطقة الطبقة في الرقة تحت راية وزارة الداخلية، يركز النظام حاليًا في إزالته للحواجز على الجانب الإعلامي، دون الخوض في تفاصيل عملها والمناطق التي تغطيها، فالحواجز التي أزيلت ليست مهمة على المستوى الأمني والعسكري، قياسًا بأخرى لا تزال حتى اليوم على مداخل العاصمة وعلى الطرقات الرئيسية.
وركز النظام في إزالة الحواجز على تلك المنتشرة في الشوارع والحارات الفرعية، وخاصة القريبة من ساحة العباسيين، ومن بينها حواجز ساحة التحرير وصولًا إلى الساحة، بالإضافة إلى الحواجز المنتشرة في حارات دمشق القديمة، والتي تركز عملها على التدقيق الأمني للشباب عن طريق عملية التفييش المتعارف عليها محليًا.
وتشهد دمشق أكبر تجمع للحواجز العسكرية الأمنية، إذ يفوق عددها 300 حاجز، بدأ وضعها مع نهاية العام 2011، بعد تخوف النظام السوري من خروج دمشق عن سيطرته.
وبحسب الشلاف يستطيع النظام السوري أن يستغني عن جميع الحواجز، فالعمليات العسكرية توقفت، وفصائل المعارضة لم تعد تجهز لأي عمل عسكري، وهي في حالة استكانة للدول الداعمة، ولا تشكل أي تهديد أو خطورة قرب دمشق في الوقت الحالي.
لكنه يرى أن سوريا أصبحت محتلة بشكل كامل من الروس والإيرانيين، ولا يمكن أن يعود الأمن والاستقرار كما كان سابقًا، خلافًا لما يتحدث عنه النظام حاليًا.
الحواجز الرئيسية قائمة
من وجهة نظر أخرى، يعتبر مدير شبكة “صوت العاصمة” الإخبارية، رائد الصالحاني، أن إزالة الحواجز تعود لعدة أسباب، فعلى المستوى الشعبي والدعائي لم يعد لها أي دور بعد إعلان العاصمة “خالية من الإرهاب”.
أما السبب الثاني فيرتبط بتحسن الوضع الأمني بشكل ملحوظ، خاصة بعد سيطرة قوات الأسد على الغوطة الشرقية ومناطق سيطرة الفصائل وتنظيم “الدولة الإسلامية” جنوبي دمشق.
ويشير الصالحاني لعنب بلدي إلى أن 70% من حواجز دمشق ليس لها أي دور مهم على المستوى الأمني، فالشارع الواحد يحوي حاجزين وفي بعض الأحيان ثلاثة، وهو أمر لا يمكن تفسيره، لكن كثافتها كانت لغايات مادية من جهة، ولإرهاب المواطنين من جهة أخرى.
واتجهت الأفرع الأمنية في السنوات الماضية لوضع موطئ قدم لها في كل منطقة في دمشق، ويؤكد مدير الشبكة أن عددًا كبيرًا من الحواجز لا ضرورة لوجوده.
أما ما أحدث فارقًا خلال الأسابيع الماضية، فهو إزالة الدشم الإسمنتية، التي أدت إلى فتح الشوارع، وسهلت حركة المرور والمشاة في المدينة.
وتنتشر الحواجز الإسمنتية في معظم الأحياء، وخاصة في حي ركن الدين ومحيط ساحة التحرير وصولًا لباب توما، إلى جانب أحياء الصالحية وأحياء دمشق القديمة.
وبلغت نسبة إغلاق الشوارع بسببها حوالي 80 %، ويقول الصالحاني، إن الهدف الأساسي كان إجبار السيارات والمواطنين على المرور من الحاجز بشكل حصري، وكي لا يكون أي منفذ لهم غير ذلك.
وتختلف وجهة نظر الصالحاني عن العميد الشلاف حول وجود ضغوط دولية لإزالتها، إذ يعتبر أن للروس النصيب الأكبر في قرار الإزالة، ويقول استنادًا على معلومات أمنية اطلع عليها، إن روسيا تحاول أن تعيد الهيكلية الأمنية للعاصمة بعناصر تحت إشرافها، وخاصة في المناطق الحساسة على مداخل دمشق.
ومع ذلك يوضح مدير الشبكة، التي تختص بتغطية أخبار دمشق بشكل خاص، أن الحواجز الرئيسية لا تزال قائمة، ومن بينها حاجز المالكي وحاجز جسر الرئيس وحاجز تاون سنتر الكبير الذي يتبع للمخابرات الجوية.
ويقول إن حواجز حي دمر والريف الغربي وقدسيا، التي دار الحديث عنها، أزيلت من الجهة القادمة من دمشق، بينما بقيت الحواجز التي تعبر من خلالها السيارات والمدنيون بالاتجاه المعاكس.
ويستطيع النظام السوري أن يعوض الحواجز التي أزالها بالدوريات الجوالة (الحواجز الطيارة) والتي لا يزال عملها مستمرًا، وخاصة في الأسواق الرئيسية وفي محيط المساجد، وتعتمد في عملها الأمني على أجهزة للتدقيق المباشر وتتبع بغالبيتها إلى “الرباعية”، أي لأكثر من فرع أمني وخاصة الأمن السياسي، الأمن الجنائي، الأمن العسكري، الأمن الوطني، الشرطة العسكرية، بالإضافة إلى مباحث المرور التي تعمل على كشف السيارات المسروقة والمشتبه بها.
خطف واعتقال..
كيف قلّصت الحواجز أعداد السوريين
وصل علاء، الذي ينحدر من مدينة حمص، إلى دمشق في آذار من عام 2012 ليسكن في حي مساكن برزة، في ظل الحملة العسكرية للجيش السوري على حمص آنذاك، قبل أن تفقد عائلته أثره، وهو في مطلع العقد الثالث من عمره، في أثناء قيامه بزيارة أقاربه في منطقة جرمانا، إحدى ضواحي دمشق، برفقة صديقه عبد الكريم.
والدة علاء أطلعت عنب بلدي على قصة اختفاء ابنها وصديقه، بعد أن استوقفهما حاجز مشترك (أمني- عسكري) في ضاحية جرمانا ربيع عام 2012، لتنقطع أخبارهما عدة أيام، قبل أن يتصل شخص مجهول ليطلب فدية قدرها ثلاثة ملايين ليرة سورية، مقابل إطلاق سراح ابنها، دون أن تعرف العائلة لأي جهة ينتمي المتصل.
السيدة قالت في مستهل حديثها إن المتصل طلب الفدية عبر اتصالين يفصل بينهما 30 يومًا من الانتظار، “لم أتجاوب معه في المرة الثانية لأننا علمنا بأن صديقه عبد الكريم موجود في سجن عدرا، ظننا أن علاء لا بد أن يكون معه، لكن إلى اليوم لم نستدل على مكان وجوده، ولم نلمس أثرًا يدل عليه، كما أن طالب الفدية لم يتصل بعدها”.
أخطر الحواجز
قصة علاء وعبد الكريم، هي واحدة من مئات القصص التي تنوعت فيها ظروف الاعتقال أو الاختفاء، وما رافقها من أساليب ابتزاز مادي ونفسي، دفع بالسوريين معارضين وآخرين موالين إلى الهرب من سلطة تلك الحواجز والجهات المسؤولة عنها، بالسفر خارج البلاد أو التزام المنازل.
وشاركت الحواجز بشكل أساسي بتغييب 118829 شخصًا، لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في سوريا منذ آذار 2011 حتى آذار 2018، وفقًا لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادر في 8 من نيسان الماضي.
ويعد حاجز “شام سنتر” في منطقة كفرسوسة بدمشق، أحد أخطر حواجز العاصمة على الشباب، إذ وثقت الشبكات الصحفية والحقوقية مئات حوادث الاعتقال لمارين عبره.
حاجز المجتهد أيضًا، شكل عقدة لكثير من شباب العاصمة الذين أصبحوا يبحثون عن طرق أخرى بديلة لطريق مشفى المجتهد، تجنبًا للاعتقال.
في ريف دمشق، لا يزال حاجز القطيفة في مدخل العاصمة الشمالي يواصل عمليات الاعتقال للمسافرين، إذ يقوم عناصر الحاجز بتوقيف جميع السيارات وحافلات نقل الركاب، وجمع الهويات الشخصية لـ “تفييشها” (إدخال الرقم الوطني للهوية عبر قاعدة بيانات تابعة لأحد أفرع المخابرات لتحديد المطلوبين)، وفي حال لم تعد الهوية إلى الشخص في الحافلة أو السيارة، يكون مطلوبًا لأحد الأفرع الأمنية.
أعمال انتقامية
تتنوع تبعية الحواجز وفق الأجهزة الأمنية التابعة لها، كما يتبع بعضها لمتنفذين ومقربين من السلطة، بينما ترتبط حواجز أخرى بميليشيات محلية أو أجنبية تعمل بدوافع طائفية.
بعض الحواجز أقدمت على أعمال انتقامية، أو كما يطلق عليها بعض السوريون “تشبيحية”، على أساس عرقي أو طائفي أو مناطقي.
وعرفت بعض حواجز النظام باعتقال مواطنيين سوريين لانتمائهم لعائلات أو مناطق معينة، إذ واجه سكان درعا اعتقالات بالجملة في بداية الثورة على اعتبار أن مدينتهم انطلقت منها أولى المظاهرات.
سكان مدينتي الزبداني وداريا في ريف دمشق أيضًا تعرّضوا لاعتقالات تعسفية، تزامنت مع المظاهرات التي خرجت فيهما، ومع دخول فصائل المعارضة إليهما.
بينما تساهلت الحواجز مع مواطنين من طوائف عرفت بموالاتها للنظام، أو مع سكان مناطق ذات أغلبية موالية أو لم يشارك سكانها بالثورة بشكل ملحوظ، كسكان بعض المدن الساحلية أو بعض مناطق ريفي حماة وحمص.
وتخالف عمليات الاعتقال دون تبرير على الحواجز وما تبعها من تغييب قسري المواثيق الدولية والحقوقية، إذ تنص الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري على عدد من الضمانات الإجرائية للحيلولة دون اختفاء الأشخاص، من بينها “ضرورة الإبقاء على كل شخص محروم من حريته في مكان رسمي، أو تسجيله وتسجيل كل تنقلاته”، والأهم أنها تنص على “ضرورة السماح لكل محروم من حريته بأن يكون على صلة بالعالم الخارجي، وأن يكون على اتصال بعائلته ومحاميه”.
أتاوات على البضائع ويد على المساعدات..
مهام غير أمنية لحواجز النظام
لم تكن “الفوبيا” التي خلقتها حواجز النظام مقتصرة على الحالة الأمنية، وما تعكسه من احتمالية الاعتقال أو “السحب” إلى الخدمة العسكرية النظامية والاحتياطية، بل أخذت بعدًا آخر اتصل بأرزاق السوريين.
“سجائر الجلواز الأحمر” كانت أول ما دفعه السوريون لتسهيل مرورهم الشخصي أو تمرير بضائعهم على الحواجز، إضافة إلى مبالغ مالية لا تتعدى ألف ليرة سورية في بداية انتشار الحواجز عام 2011، لترتفع بعدها الأموال المدفوعة مع تزايد عدد الحواجز والعساكر المتمركزين على نقاط التفتيش.
وتناسبت شدة القبضة الأمنية طردًا مع زيادة المبالغ المدفوعة للحواجز، ما جعل من عمليات توزيع المزروعات والبضائع في العاصمة ومحيطها مكلفة للغاية، وأثّر بالتالي على الأسعار، وهو ما يؤكده ارتفاع أسعار السلع في دمشق مقارنة بالمحافظات السورية الأخرى الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
جباية الأتاوات
أغرت الحمولات الكبيرة من السلع في مدينة دمشق ومحيطها عناصر الحواجز، فكانت أغلب الشاحنات التي تحمل تلك السلع تتعرض لمطالبات بالتوقف وإفراغ الحمولات وتعطيل الشحنات، إلى أن يتم دفع “المعلوم”.
في بعض المناطق ضمن دمشق، قدّر هذا “المعلوم” بنحو مليون ليرة سورية، وارتفع في حالات عدّة بحسب كمية البضائع المنقولة وقيمتها التجارية.
حاجز دوار الزبلطاني الواقع بالقرب من مدخل سوق الهال في دمشق، والذي أزيل مؤخرًا، عُرف خلال الثورة السورية بـ “حاجز المليون” لفرضه أتاوات مالية على سيارات البضائع الخارجة من سوق الهال باتجاه مدينة دمشق.
وفي جبال ضاحية حرستا، أنشأت قوات “الفرقة الرابعة”، التي يقودها شقيق رئيس النظام، ماهر الأسد، العام الماضي حواجز شكلت عقدة جديدة لموزعي السلع والبضائع المضطرين للمرور من منطقة المكاسر.
وعلى اعتبار أن المنطقة تصدر يوميًا آلاف أطنان مواد البناء إلى منطقة دمشق وريفها، بدت صيدًا ممتازًا لعناصر “الفرقة الرابعة”، التي فرضت فور تسلمها المنطقة دفع 25 ألفًا على كل حمولة تخرج من المنطقة نحو مدينة دمشق.
حاجز جسر معربا إلى الشمال من دمشق، المعروف باسم “حاجز الحرس الجمهوري”، فرض أيضًا أتاوات وصلت إلى عشرة آلاف ليرة سورية على سيارات نقل البضائع.
أما في منطقة التل التي بقيت محاصرة لقرابة عامين حتى نهاية عام 2016، عانى فيها التجار من صعوبة الحصول على البضائع رغم الاتفاقيات التي عقدت بين لجان أهلية ولجان تابعة للنظام لإدخال المواد الغذائية، إذ اشترطت حواجز النظام السوري المنتشرة حول المدينة دفع 100 ليرة سورية عن كل كيلوغرام من المواد الأساسية التي تدخل المدينة بشكل نظامي.
وعقب التسوية التي أفضت إلى خروج فصائل المعارضة من المدينة، استمرت حواجز التل، وبالتحديد حاجز “طيبة” بفرض أتاوات كبيرة على شحنات الأغذية والبضائع.
تقليص المساعدات الأممية.. وبيعها
في آذار الماضي، وخلال العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، تحركت حافلات نقل مساعدات أممية عدة إلى الغوطة المحاصرة، لكن حواجز النظام استبعدت خلال عملية التفتيش نحو 70% من الإمدادات المتوجهة ضمن قافلة المساعدات المتوجهة للغوطة الشرقية المحاصرة، وفق تصريحات لمسؤول بمنظمة الصحة العالمية، نقلتها وكالة “رويترز”.
عملية استبعاد القسم الأكبر من المساعدات جاءت في سياقين، الأول باتجاه ممارسة مزيد من الضغط على المدنيين في الغوطة الشرقية، والآخر أدرجه ناشطون في خانة “سرقة” جزء من هذه المساعدات.
ورغم صعوبة إثبات عملية السرقة، تكررت هذه الحوادث في مناطق عدة من سوريا، ما دفع إلى تأكيد قيام عناصر النظام على الحواجز بسرقة المساعدات الأممية، وبيعها في أسواق خاصة.
حادثة السرقة الأبرز للمساعدات الأممية على يد حواجز النظام سُجّلت قرب مدينة المعضمية بريف دمشق في أيلول عام 2016، حين كانت المدينة لا تزال محاصرة، إذ وصلت إلى مشارف المدينة سبع حافلات محملة بالمساعدات الغذائية والصحية، لكن فصائل المعارضة رفضت استلام ست منها، مؤكدة أن حمولاتها غير مكتملة.
وتم توجيه اتهامات عدة لعناصر الحواجز المنتشرة في محيط المعضمية، بالمسؤولية عن إفراغ قسم كبير من مواد الشاحنات الست.
استطلاع رأي: إزالة الحواجز “دعاية إعلامية”
أجرت جريدة عنب بلدي استطلاعًا للرأي حول أسباب إزالة النظام لعشرات الحواجز في مدينة دمشق، عبر موقعها الإلكتروني وصفحتها على “فيس بوك”.
وطرحت الجريدة السؤال التالي ” برأيك.. ما سبب إزالة الحواجز العسكرية في دمشق؟”.
42% من المشاركين في استطلاع الرأي، والذين وصل عددهم إلى 630، اعتبروا أن النظام يرغب بتحسين صورته إعلاميًا بإزالة الحواجز، بينما رجّح %37 منهم أن يكون انتهاء العمليات العسكرية في محيط دمشق هو السبب في ذلك.
21% من المشاركين في الاستطلاع اعتبروا أن الضغط الدولي على النظام السوري، هو الذي دفع به لتخفيف الحواجز في العاصمة.
حواجز أزالها النظام في دمشق
شهد أهالي العاصمة السورية، خلال الشهر الماضي، إزالة عشرات الحواجز الرئيسية والفرعية في مدينة دمشق، تنفيذًا لوعود رسمية بإلغاء 80% من حواجز العاصمة.
صحيفة “الوطن”، المقربة من النظام، قالت إن عمليات تخفيف الحواجز العسكرية والأمنية ستتواصل داخل دمشق وفي أطرافها، تمهيدًا لإزالتها بشكل نهائي، وخصت بذلك الحواجز التي تسبب ازدحامًا داخل العاصمة.
وأضافت “الوطن” أن 21 حاجزًا تمت إزالتهم، خلال حزيران الحالي، مشيرةً إلى أن عملية تخفيف الحواجز ستتواصل لحين الانتهاء منها، بما فيها حواجز القوات الرديفة من “الدفاع الوطني واللجان الشعبية”.
مصادر محلية قالت لعنب بلدي إن السواتر الترابية والدشم الإسمنيتة التي كانت جزءًا من بعض الحواجز أزيلت بشكل كامل، ما أدى إلى تحسين مظهر بعض الشوارع وتخفيف الازدحام، في مناطق شهدت اختناقات مروروية يومية خلال الأعوام السابقة.
الزبلطاني
يلقب حاجز سوق الهال في منطقة الزبلطاني بـ “حاجز المليون” بسبب فرضه مبالغ طائلة على السيارات المحملة بالبضائع من سوق الهال، ويعرف بمضايقته لأصحاب البضائع، وأقامت قوات الأسد حاجزًا بديلًا عنه على الطريق الواصل إلى جسر الدباغات الواصل إلى الغوطة الشرقية، كما أزالت عدة حواجز ومفارز أمنية في المنطقة وصولًا لساحة العباسيين.
ركن الدين
تمت إزالة حاجز ابن النفيس الواصل إلى أوتوستراد الفيحاء، وأبقت “المخابرات الجوية” التي تسيطر على حواجز المنطقة، على الحاجز الفرعي باتجاه شارع أسد الدين.
دمشق القديمة
تمت إزالة حاجز باب الجابية باتجاه شارع البدوي، التابع لـ “فرع فلسطين”، وتسبب هذا الحاجز باعتقال مئات المدنيين بشكل تعسفي خلال سنوات الثورة، كما أزيلت حواجز الحريقة ومدحت باشا، لكن “فرع فلسطين” أبقى على بعض نقاطه ومفارزه الأمنية في محيط المنطقة ومنها حاجز نفوس باب الجابية ومدخل حي الشاغور.
كفرسوسة
وهي حواجز تابعة لـ “الأمن العسكري- سرية215″، وتمت إزالة حاجزي كفرسوسة والمتحلق الجنوبي، باتجاه “مول شام سنتر”، وباتجاه دوار الكارلتون، لكن الحاجز الأكبر قرب “مول شام سنتر” لا يزال موجودًا.
ساحة التحرير
تتبع حواجز هذه المنطقة للمخابرات الجوية، وتتشارك مع الدفاع الوطني في بعض نقاطها والدوريات المسيرة في المنطقة، واشتهر حاجز التحرير المؤدي إلى شارع حلب، بتشديده الأمني على المارة، وتحصين مواقعه بشكل كبير، نظرًا لقربه من محاور الاشتباك في حي جوبر.
وكانت المنطقة تعرضت لتفجير بداية عام 2013، أجبر النظام على زيادة الحواجز وزيادة أعدادها وتحصينها.
ومع إزالة حاجز الغدير باتجاه باب توما بعد أربعة أعوام، إلى جانب إزالة أربعة حواجز في محيط شارع بغداد وحي العدوي، أصبح الطريق الواصل من شارع بغداد إلى ساحة العباسيين مرورًا بساحة التحرير ووصولًا إلى منطقة باب توما، مفتوحًا بشكل كامل.
منطقة دمر
شهدت المنطقة إزالة أربعة من الحواجز المنتشرة على مداخل دمر البلد ومنطقة مشروع دمر، وهي: “الكنيسة، التعمير، كليوبترا، الربوة”، وتتبع أغلب حواجز المنطقة بشكل مباشر للحرس الجمهوري، كما تتبع بعض حواجزها للدفاع الوطني.
وشهدت حواجز المنطقة اعتقال آلاف الشباب من المناطق المجاورة، والواصلة إلى الريف الغربي الشمالي للعاصمة.
برزة
أصبح الطريق المؤدي من برزة إلى أوتوستراد حاميش، والواصل إلى مشفى “تشرين العسكري”، سالكًا بعد إزالة الحواجز والمتاريس من المنطقة، عقب أربعة أشهر على إغلاقه، دون فتح الطريق الواصل من برزة إلى بلدات معربا والتل.
عش الورور
يشتهر حاجز عش الورور بفرض الأتاوات على الخارجين من دمشق إلى بلدات القلمون الغربي، وتديره ميليشيات “الدفاع الوطني”، وتتبع المنطقة أمنيًا لفرع الأمن السياسي.
ويعتبر هذا الحاجز من أصعب الحواجز باعتباره نقطة تفتيش أساسية بين العاصمة والريف، في ظل إغلاق طريق حرستا الدولي لسنوات عديدة نتيجة المعارك في الغوطة.
ومن أبرز الحواجز التي أزالها النظام في الفترة الأخيرة، حاجز شارع خالد بن الوليد والزاهرة القديمة، وحاجزا باب مصلى القريبان من فرع الأمن الجنائي، باتجاه كراجات السيدة زينب ودوار باب مصلى.
وكانت وسائل إعلام النظام أعلنت مؤخرًا عن إزالة حاجز المجتهد، لكن مراسلة عنب بلدي نفت ذلك، وأفادت بتقليص أعداد العناصر المتمركزين عنده.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :