جريدة عنب بلدي – العدد 23 – الأحد – 8-7-2012
أسامة السلوم – إدلب
تمثل محافظة إدلب البوابة الشمالية لسوريا منها تطل على تركيا وأوروبا، ويبلغ عدد سكانها حوالي 1,500,000 نسمة. نالت المدينة نصيبها من التهميش في عهد الأسد إلى أن انطلقت شرارة الحرية من الريف وتحديدًا من مدينة الإبداع «كفرنبل» لتضع إدلب على الخارطة السورية ولتعلن بدء مشوار الثورة لإسقاط الطاغية بشار الأسد. حيث استجابت إدلب المحافظة بأكملها لنداء كفرنبل لنصرة أخوانهم في درعا فانتفضت بمظاهراتٍ سلميةٍ خرج فيها الأحرار يحملون أغصان الزيتون ويطالبون بالحرية ويرسمون بهتافاتهم طريق نصرٍ أكيدٍ فكان رد النظام همجيًا بإرسال ما كان يتسلح به من قوت السوريين لأعوامٍ طوالٍ من عدةٍ عسكريةٍ وعتادٍ وجندٍ لقمع المظاهرات.
دخل جيش النظام المدينة غير مرةٍ وارتكب الكثير من المجازر بحق أبنائها، وكان أولها اقتحامه مدينة جسر الشغور، وتوالت المجازر وتزايدت أعداد الشهداء الذين قاربوا الـ 3200 شهيد لتحتل إدلب بذلك المرتبة الثانية في عدد الشهداء الذين قضوا في ثورة الكرامة بعد حمص العدية. كما شهدت المحافظة سلسلة من الاعتقالات التي طالت عشرات الآلاف من أبنائها.
وسجلت إدلب أعدادًا كبيرة من المفقودين وهم يعتبرون في عِداد الشهداء. ففي بداية الأحداث كانت قوات الأمن تدخل المدينة تحت حماية قوات الجيش النظامي لتقوم بعمليات الدهم والاعتقال، كما شاركت قوات الجيش النظامي في عمليات الاعتقال, ومن المعروف وبناء على شهاداتٍ موثقةٍ من المعتقلين أن عمليات التعذيب التي يتعرّض لها المعتقلون في حواجز الجيش النظامي أشد قسوةً من تلك التي يتعرض لها المعتقلون في أقبية فروع الأمن، وقد سجلت الكثير من حالات الوفاة تحت التعذيب في حواجز الجيش النظامي والكثير من حالات الإعدام الميداني والقنص دون سبب.
وكان لإدلب فضل السبق في الإنشقاقات عن جيش النظام، فمنها خرج أول ضابط وهو المقدم حسين الهرموش ليعلن انشقاقه مع مجموعة من العناصر وليقوموا بعدة عمليات ضد جيش النظام في المدينة، قبل أن يعبر الحدود إلى تركيا ليؤسس هناك «لواء الضباط الأحرار» الذي شكل النواة التي انبثق عنها الجيش السوري الحر.
ومع استمرار إرهاب النظام وقمعه، يتوالى سقوط الشهداء في مجازر جماعية وحشية كمجازر كفرعويد والمسطومة وسرمين وتفتناز وابديتا وخان شيخون الأولى التي ارتكبت أمام أعين المراقبين ومجزرة مدينة إدلب واللج والبشيرية وكنصفرة وحاس ومعرة النعمان الأولى والثانية ومجزرة التح. واليوم أُعيد لخان شيخون موقعها في سلم المجازر مع مئة شهيدٍ قضوا قصفًا وإعداماتٍ ميدانيةً.
كما قام الجيش الأسدي بعمليات قصف عشوائي للمناطق الثائرة ما أدى إلى تزايد أعداد المنشقين عن صفوف جيش النظام والذين انضموا إلى صفوف الجيش السوري الحر, الذي بدأ نشاطه بحماية المظاهرات السلمية, ثم انتقل ليقوم بعملياتٍ هجوميةٍ على حواجز الجيش النظامي ملحقًا بها الكثير من الأضرار البشرية والمادية، مما شجع على المزيد من الانشقاقات. ولاحقًا بدأت ضربات الجيش الحر تزداد وطأة وبدأ بالحصول على أسلحة ذات فعالية أكبر كقواذف الآر بي جي والقناصات والرشاشات والألغام وبذلك يكاد تفوق جيش النظام يكون مقتصرًا على سلاح الطيران في ظل عدم امتلاك الجيش الحر لصواريخ مضادة للطيران. ومؤخراً سيطر الجيش الحر على عدد من العربات والدبابات التي كانت على حواجز الجيش النظامي، وأدت هذه العمليات إلى انسحاب الجيش النظامي من الكثير من المناطق التي كان قد دخلها في بداية الأحداث فلم يعد الجيش النظامي مسيطرًا إلا على الحواجز التي يقيمها والتي لم يعد قادرًا على التنقل فيما بينها إلا باستخدام الأهالي كدروع بشرية.