حماة – إياد عبد الجواد
تزايدت في الأسابيع الأخيرة وتيرة حالات إعلام أهالي المعتقلين في ريف حماة بوفاة أبنائهم في سجون النظام السوري، الذي يستخدم دوائر النفوس للتبليغ.
يبلغ عدد المعتقلين في سوريا أكثر من 118 ألفًا، 87% منهم في سجون النظام السوري، بحسب أرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وعادة تلجأ الأفرع الأمنية إلى إعطاء أهالي المعتقلين متعلقات أبنائهم الشخصية مع ورقة صغيرة تخبر أنهم فارقوا الحياة بسبب عارض صحي.
وتتوقف بموجب ذلك رحلة البحث والسؤال التي دأب عليها الأهالي لسنوات لمعرفة مصير أبنائهم.
وقد وصل عدد المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب إلى 13 ألفًا، حتى آذار 2018، الغالبية العظمى كانوا في سجون الأسد.
وبدأ النظام بتغيير استراتيجيته في تبليغ الأهالي، نتيجة الضغوط الدولية، ويقول رئيس المجلس المحلي في قبر فضة بريف حماة، عبد المعين المصري، في حديثه لعنب بلدي، “عمد النظام في الفترة الأخيرة إلى تبليغ أهالي المعتقلين عن طريق دوائر النفوس، من أجل إظهار أن الوفاة كانت طبيعية ومقيدة بسجلات النفوس، بعكس ما تروج له المعارضة عن الوفيات المغيبة، ومن أجل طمس الجريمة وإخفاء معالمها بوفاة طبيعية”.
ويواجه النظام حرجًا أمام المنظمات الدولية والحقوقية، بالنسبة لملف المعتقلين، إذ تطالبه المنظمات دائمًا بالإفراج عنهم.
وخاطبت دائرة السجل المدني في السقيلبية أربع عائلات من قرية قبر فضة للذهاب إلى الدائرة وإجراء معاملة الوفاة لأبنائهم، لكنهم رفضوا، بحسب المصري.
لماذا الآن؟
في حديث مع الناشط أبو البراء الشمالي، قال “منذ فترة شهر ونصف بدأت تصل أخبار موت معتقلين لذويهم”.
وأشار الشمالي إلى أن واقعة الوفاة تسجل في النفوس على أنها حدثت في عام 2015، مع مراعاة الأهل عدم الحديث عن هذه الوفاة لأحد.
وبلغت نسبة المعتقلين الذين بَلّغ عنهم موظفو النفوس وسطيًا اثنين في كل قرية بريف حماة الشمالي والشرقي.
وتساءل الشمالي عن توقيت لجوء النظام لهذه الإجراءات، مشيرًا إلى أنها تفتح الباب أمام مجموعة من الاستفسارات، كون هؤلاء المعتقلين توفوا عام 2015، بحسب رواية النظام، فلماذا لم يخبر ذويهم إلى الآن؟
ويُعتقد أن ذلك يعود إلى ضغط روسي يدفع النظام لتبييض السجون، وربما تكون محاولة لتلميع صورة رئيس النظام، وتكذيب ما يروى عن الاختفاء القسري وتصفية الناشطين داخل المعتقلات، على حد تعبير الشمالي.
ويعتبر ملف المعتقلين ورقة مهمة للتفاوض بين المعارضة والنظام، وكان وفد المعارضة خلال المؤتمرات السابقة يعتبره وسيلة ضغط على النظام.
“أم علي”، وهي زوجة لمعتقل من سهل الغاب اعتقل زوجها منذ عام 2012 في أثناء وجوده بالأرض الزراعية، تقول “منذ عام أخبرنا أحد الأفرع الأمنية عن وفاة زوجي بعد معرفة مكانه ولم نقم باستلام بطاقته الشخصية أملاً منا أن يكون لا يزال على قيد الحياة، والآن تم إخبارنا من قبل أمانة السجل المدني في مدينة السقيلبية بضرورة مراجعتهم من أجل تثبيت وفاة زوجي، ولكنني لم أتمكن من الذهاب كوني موجودة في تركيا وخشيت من اعتقالي”.
ويبلغ عدد المعتقلين في محافظة حماة حوالي ثلاثة آلاف معتقل، مع وجود عدد أكبر من ذلك لحالات لم يتم توثيقها، وخاصة في مدينة حماة والسلمية لأنهما تقعان تحت سيطرة النظام، وبالتالي يصعب التوثيق فيهما.