شركات تهرب البشر داخليًا بين دمشق وإدلب

  • 2018/06/17
  • 10:25 ص

كراج السومرية بالعاصمة السورية دمشق (البعث ميديا)

عنب بلدي – خاص

مع اتساع رقعة التهجير من مناطق ريف دمشق باتجاه الشمال السوري، وقع كثيرون على باب رزق جديد، من خلال تجارة التهريب وتنظيم الرحلات من العاصمة دمشق إلى إدلب وبالعكس.

وتزداد أعداد الراغبين بالهروب من شبح الخدمة الإلزامية في مناطق النظام السوري، أو أولئك العائدين من مخيمات الشمال باتجاه بلداتهم في الجنوب، ما يضطر هؤلاء لدفع أموال “طائلة” للوصول من ضفة لأخرى، سواء كانت تحت سيطرة النظام أو المعارضة.

انتقلت شبكات تهريب البشر داخليًا من شكلها السري إلى العمل علنًا، حتى صارت تروج لنفسها على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت وتنشئ صفحات خاصة بها تقدم نفسها على أنها شركات مرخصة أو مكاتب سفر.

حسناء الحمصي، وهي مواطنة من الغوطة الشرقية، اضطرت للنزوح من الغوطة باتجاه مراكز الإيواء بريف دمشق، في آذار الماضي، تقول لعنب بلدي إنها قررت الخروج من دمشق بعد خوفها من الاعتقال، مضيفةً أنها تواصلت مع أحد مكاتب النقل في قلعة المضيق بريف حماة، من أجل إيصالها إلى مدينة إدلب، والذي يتعامل مع الحواجز المنتشرة على طول الطريق.

200 ألف للمرأة و250 ألفًا للرجل

تتعامل هذه المكاتب مع باصات (فانات) توصل الركاب من دمشق إلى منطقة  السقيلبية بريف حماة، قبل أن تتبدل الباصات بسيارة تكمل الطريق، بحسب وصف حسناء.

وتضيف أن الاتفاق الذي كان مع المكتب حول تكاليف السفر هو 150 ألف ليرة سورية عن الشخص الواحد.

فيما بلغت التكلفة في شركات أخرى 250 ألف ليرة سورية، بحسب ما روت مصادر متقاطعة لعنب بلدي، من بينهم دعاء، وهي من سكان الغوطة الشرقية ووصلت حديثًا إلى إدلب. (الدولار يعادل 450 ليرة)

وتوضح دعاء (32 عامًا) أنها اتصلت مع شركة للنقل في جرمانا تسمى “الصقر” وهي على مستوى عالٍ من الشهرة، وفي اتصالها الأول كانت تكلفة الراكب الواحد 15 ألف ليرة سورية والتوصيل “مضمون”.

ومع خروج أهالي الغوطة الشرقية وجنوبي دمشق وسيطرة قوات الأسد على تلك المناطق، ازداد الطلب على الرحلات، ما رفع التكلفة على المواطنين لتصبح 250 ألف ليرة سورية للشخص الواحد.

تواصلت عنب بلدي مع شركة “الصقر” لكنها لم تلق ردًا، وفي اتصال آخر مع مكتب نقل في محافظة إدلب أوضح مديره، الذي يطلق على نفسه “أبو فاروق”، أن تعرفة الركوب من دمشق إلى إدلب تختلف بحسب عمر وجنس الركاب، فهي بالنسبة للنساء 200 ألف ليرة سورية، أما الشباب أو الرجال فالتسعيرة تزيد 50 ألف ليرة أخرى.

وتواصلت عنب بلدي أيضًا مع مكتب “اليمامة” في محافظة إدلب، والذي قال إن الطريق من دمشق إلى إدلب صعب للغاية، ولكنه سالك بالعكس.

وأوضح أن تعرفة النقل من إدلب باتجاه دمشق تبلغ 75 ألف ليرة سورية، لكنه رفض الإدلاء بأي تفاصيل عن تعرفة النقل من دمشق إلى إدلب، مكتفيًا بالإشارة إلى أنها “مكلفة كثيرًا”.

السقيلبية “نقطة ابتزاز”

“بالنسبة للطريق فهو مضمون، لا أحد يسأل الركاب من أين أو إلى أين يتجهون، خلال أربع ساعات يصلون إلى موقع المكتب في إدلب”، يقول “أبو فاروق”.

وتقول حسناء إن نقطة الانطلاق بدأت من كراج السومرية بعد أن حدد مدير المكتب الباص، وأخبر الركاب بما يجب قوله للحواجز على الطريق.

استغرق الطريق خمس ساعات من دمشق إلى منطقة السقيلبية، وكان الباص يقل عناصر لقوات الأسد ذاهبين باتجاه نقاطهم العسكرية، وتقاضى السائق 2000 ليرة سورية منهم.

وتضيف حسناء، “عندما وصلنا لقرية السقيلبية رفض الحاجز إدخالنا إلى قلعة المضيق وبقينا يومين في الطريق، وبعد الكثير من الجهد تمكنا من الوصول إلى أحد الأشخاص الذي يفترض أن يوصلنا إلى محافظة إدلب، ولكنه طلب منا مبلغ 200 ألف سورية إضافية على الشخص الواحد، الأمر الذي اعتبرناه ابتزازًا ورفضنا الدفع”.

وتدعم دعاء رواية حسناء بالقول “منعنا حاجز السقيلبية بالمرة الأولى من الدخول أنا وابنتي، وفي المرة الثانية توجهنا إلى مدينة حلب بعد اتصالنا مع مكتب يعمل بنقل الركاب من حلب إلى ريفها الشمالي، الذي تسيطر عليه المعارضة”.

رحلات دورية واضطرارية

مع الأرباح التي تؤمّنها هذه الشركات والمكاتب، بدأت تعمل على رحلات أخرى باتجاه تركيا بالشراكة مع مهربين على الحدود السورية- التركية، وباتت تضع عبر صفحات ومجموعات “فيس بوك” إعلانات عن طرق تهريب تصفها بـ “المضمونة” من دمشق إلى إدلب ثم تركيا.

وتصل تكلفة تهريب الشخص الواحد من إدلب إلى تركيا بالحد الأدنى إلى 600 دولار أمريكي، أي ما يقارب 300 ألف ليرة سورية، ما عدا تكاليف الخروج من دمشق باتجاه إدلب.

وتقول حسناء إنها كانت متوجهة إلى إدلب بهدف الوصول إلى تركيا، ولكن العملية كانت ستكلفها قرابة مليون ليرة سورية.

عمليات سرية محفوفة بالمخاطر

إلى جانب عمليات النقل العلنية، تنشط عمليات تهريب سرية من دمشق إلى إدلب فقط، ولكن الطريق محفوف بالمخاطر فقد اعتقل فرع “الأمن العسكري” 23 شخصًا حاولوا العبور إلى إدلب في ريف حماة الغربي.

وبحسب ما قال مراسل عنب بلدي في ريف حماة، فإن الشباب اعتقلوا خلال محاولتهم العبور من قرية قبر فضة غربي حماة، بعد وقوعهم في حقل ألغام بقرية الكريم، بينما وصل منهم عشرة أشخاص أربعة من بينهم مبتورو الأطراف جراء انفجار الألغام.

وتنشط حركة التهريب منذ خمسة أعوام تقريبًا، مع بداية حصار مناطق سيطرة المعارضة بريف دمشق وجنوبي دمشق، ولكن عناصر قوات الأسد والضباط كانوا المشرفين على عمليات التهريب، ويتقاضون مبالغ مالية تصل إلى أربعة آلاف دولار أمريكي للشخص الواحد.

اليوم، مع دخول عدد من الوسطاء والتجار على الخط، تراجعت عمليات التهريب هذه، وتقتصر حاليًا على بعض المطلوبين للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية