الإرهاب يُصدر قانونًا !
جريدة عنب بلدي – العدد 23 – الأحد – 8-7-2012
من جديد يحاول نظام الأسد إضفاء الشرعية على إرهابه وإظهار نفسه بمظهر الملتزم بالقانون. وسعيًا منه لقوننة جرائمه بحق أبناء الشعب السوري المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة وسيادة القانون، أصدر الأسد عدة قوانين تتعلق بمكافحة الإرهاب ليعود بسوريا إلى مرحلة جديدة من مراحل العمل بقانون الطوارئ الذي لم يتوقف العمل به طيلة خمسين عامًا هي عمر حكم البعث لسوريا. فمنذ أن استلم البعث مقاليد الحكم عام 1963 بدأ العمل بقانون الطوارئ حتى إشعار آخر!!!! ومنذ ذلك الحين تم وقف العمل بالدستور وعُطلت القوانين ونقل الاختصاص في المحاكمة من القضاء الدستوري إلى القضاء العسكري والاستثنائي الذي تضعف فيه الضمانات القانونيّة تارة، و تنعدم تارة أخرى، فصدرت أحكام جائرة عن القضاء الاستثنائي حتى غصّت السجون بالمعارضين السياسيين والأبرياء على حدّ سواء وغُيّبت الحريات العامة وانتهكت حقوق الإنسان.
وبعد أسابيع من انطلاقة الثورة السورية المطالبة بالحرية والكرامة وإسقاط النظام قرر رأس النظام رفع حالة الطوارئ المعلنة والمطبقة ليستبدلها بقوانين بديلةٍ تمنحه وأجهزته الأمنية المتسلطة الحق باعتقال أي شخصٍ لمدة ستين يومًا دون محاكمته ظنًا منه أن ذلك سيسهم في وقف المد الثوري -في واقع الأمر امتدت مدد اعتقال النشطاء لما يزيد عن السنة حتى الآن!-. إلا أن النظام لم يدرك مراده بذلك واستمرت الثورة وتنامت رغم ما مارسه الأسد وشبيحته من صنوف الإرهاب والقتل والقصف والتدمير والتهجير، فلجأ إلى العودة إلى قانون الطوارئ بشكل جديدٍ من خلال ثلاثة قوانين تتعلق بمكافحة الإرهاب. وليجنب نظامه انتقادات قد توجهها الأسرة الدولية بخصوص القوانين الجديدة، استفاد الأسد من النماذج الأميركية والأوروبية في قوانين مكافحة الإرهاب، ليظهر نفسه بمظهر من يكافح الإرهاب الدخيل على أراضيه مع احترامه لكافة مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي وميثاق حقوق الإنسان والأعراف الدولية .
وتنص القوانين الجديدة على:
معاقبة «المؤامرة التي تهدف إلى ارتكاب أي جناية من الجنايات المنصوص عليها» في القانون والمتمثلة بالانتماء إلى مجموعة إرهابية أو ارتكاب عمل إرهابي أو تمويل الإرهاب بالأشغال الشاقة ما بين خمس سنوات وعشرين سنة.
«أن يسرّح من الخدمة في الدولة من تثبت إدانته بحكم قضائي بالقيام بأي عمل إرهابي سواء كان فاعلًا أو محرضًا أو متدخلًا أو شريكاً أو قدّم أي عون مادي أو معنوي للمجموعات الإرهابية بأي شكل من الأشكال».
إضافة إلى المعاقبة «بالأشغال الشاقة من عشر إلى عشرين سنة وبالغرامة من خطف بالعنف أو بالخداع شخصًا بقصد طلب فدية». وتشدد العقوبات إلى الإعدام إذا أفضى الفعل إلى قتل شخص أو إيقاع عجز به .
من الجلي أن الهدف من هذه القوانين ليس مواجهة أخطار محدقة بأمن البلاد ومواطنيها وإنما الغرض منه فقط القضاء على الثورة «بلباس قانوني مشروع» ومواجهة معارضي النظام في الداخل سلميين كانوا أم مسلحين ممن اضطرتهم وحشية النظام وإرهابه إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وكرامتهم.
إنها محاولة جديدة لنظام الأسد لصرف نظر المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية عن الإرهاب المنظم الذي يقوم به بحق أبناء الشعب السوري من خلال خلال تصوير المسألة السورية على أنها أزمة إرهاب طائفي تقوده القاعدة في مواجهة الأقليات وتموله الدول التي تريد الخراب لسوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :