جريدة عنب بلدي – العدد 23 – الأحد – 8-7-2012
وبعد أسابيع من انطلاقة الثورة السورية المطالبة بالحرية والكرامة وإسقاط النظام قرر رأس النظام رفع حالة الطوارئ المعلنة والمطبقة ليستبدلها بقوانين بديلةٍ تمنحه وأجهزته الأمنية المتسلطة الحق باعتقال أي شخصٍ لمدة ستين يومًا دون محاكمته ظنًا منه أن ذلك سيسهم في وقف المد الثوري -في واقع الأمر امتدت مدد اعتقال النشطاء لما يزيد عن السنة حتى الآن!-. إلا أن النظام لم يدرك مراده بذلك واستمرت الثورة وتنامت رغم ما مارسه الأسد وشبيحته من صنوف الإرهاب والقتل والقصف والتدمير والتهجير، فلجأ إلى العودة إلى قانون الطوارئ بشكل جديدٍ من خلال ثلاثة قوانين تتعلق بمكافحة الإرهاب. وليجنب نظامه انتقادات قد توجهها الأسرة الدولية بخصوص القوانين الجديدة، استفاد الأسد من النماذج الأميركية والأوروبية في قوانين مكافحة الإرهاب، ليظهر نفسه بمظهر من يكافح الإرهاب الدخيل على أراضيه مع احترامه لكافة مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي وميثاق حقوق الإنسان والأعراف الدولية .
وتنص القوانين الجديدة على:
معاقبة «المؤامرة التي تهدف إلى ارتكاب أي جناية من الجنايات المنصوص عليها» في القانون والمتمثلة بالانتماء إلى مجموعة إرهابية أو ارتكاب عمل إرهابي أو تمويل الإرهاب بالأشغال الشاقة ما بين خمس سنوات وعشرين سنة.
«أن يسرّح من الخدمة في الدولة من تثبت إدانته بحكم قضائي بالقيام بأي عمل إرهابي سواء كان فاعلًا أو محرضًا أو متدخلًا أو شريكاً أو قدّم أي عون مادي أو معنوي للمجموعات الإرهابية بأي شكل من الأشكال».
إضافة إلى المعاقبة «بالأشغال الشاقة من عشر إلى عشرين سنة وبالغرامة من خطف بالعنف أو بالخداع شخصًا بقصد طلب فدية». وتشدد العقوبات إلى الإعدام إذا أفضى الفعل إلى قتل شخص أو إيقاع عجز به .
من الجلي أن الهدف من هذه القوانين ليس مواجهة أخطار محدقة بأمن البلاد ومواطنيها وإنما الغرض منه فقط القضاء على الثورة «بلباس قانوني مشروع» ومواجهة معارضي النظام في الداخل سلميين كانوا أم مسلحين ممن اضطرتهم وحشية النظام وإرهابه إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وكرامتهم.
إنها محاولة جديدة لنظام الأسد لصرف نظر المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية عن الإرهاب المنظم الذي يقوم به بحق أبناء الشعب السوري من خلال خلال تصوير المسألة السورية على أنها أزمة إرهاب طائفي تقوده القاعدة في مواجهة الأقليات وتموله الدول التي تريد الخراب لسوريا.