هنا الحلبي – عنب بلدي
وسط الحرب، يشهد القطاع التعليمي في مدينة حلب تدهورًا ملحوظًا بعد تدمير المدارس الناجم عن القصف، وانقطاع الدعم المالي أو قلته، عن المشاريع التي نشأت حديثَا لاستدراك النقص، في حين تحاول المدارس بالتعاون مع مديرية التربية في الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية تنسيق جهودها وتوحيد مهامها ومناهجها.
و«تعاني الكثير من المدارس من قلة الدعم بشكل كبير»، كما صرح «أحمد عتال» مدير مؤسسة «ارتقاء»، التي تعمل بشكل مستقل كجمعية داعمة وتشرف على دعم 7 مدارس تقريبًا.
ويلفت عتال إلى «نقص كبير في الكتب التي توزع من هيئة علم ومن وزارة التربية في الحكومة المؤقتة، بإشراف مجلسي المحافظة والمدينة»، لذا يلجأ المدرسون إلى الكتب المستعملة أو المصورة.
أما الدعم الأساسي من رواتب المعلمين والكلف التشغيلية، فتقدمها مؤسسات مشرفة على المدارس أو جهات فردية ومعارف وأصدقاء.
وعلى الرغم من وفرة هذه الجمعيات في حلب، وقد يصل عدد المدارس التي يشرف بعضها عليها إلى 12 مدرسة، إلا أن هناك شحًا كبيرًا في السيولة المالية، وأغلب المدارس تعمل بشكل تطوعي، ما أدى إلى خسارة هذا القطاع الكثير من المدرسين.
ويردف أحمد عتال أن مؤسسة «ارتقاء» التي يرأسها، لا تستطيع كغيرها من الجمعيات تأمين الرواتب بشكل مستمر، وقد تمر عدة أشهر بدون دفع رواتب.
«الدعم يدفعنا للخلف، وكأنه يُكبلنا» هكذا بدأت روان سامح، التي تعمل مع جمعية «أمل سوريا» المرخصة، في حديث لعنب بلدي، مضيفةً «تُفرض على المدارس التبعية للجمعيات الداعمة، مما يجعل منطق إمبراطوريات الجمعيات، يطغى على منطق البلد وما فيه مصلحتها».
«وهذه الطريقة تُقوض النهوض بالعملية التربوية، فتغيب ثقافة بناء الدولة» بحسب روان، التي أردفت «هناك وعي عند بعض الكوادر العاملة على الأرض لهذا الأمر، يدفعها لرفض الانصياع إلى كل إملاءات الداعم، لكن في النهاية عندما نحاول جميعنا توحيد جهودنا، لا نرى جهة مسؤولة كبيرة تقودنا وتكون مقنعة لنا».
وعزت روان التشتت في الدعم والتنسيق إلى «ضعف في المؤسسات الممثلة للثورة، أو قد يكون شح الإمكانيات المادية هو السبب الرئيسي لضعف تمثيلها وحضورها».
لكنها لا تغفل أن محاولات من مديرية التربية والتعليم التابعة للوزارة، برئاسة محمد مصطفى، بدأت مؤخرًا لضبط العملية التعليمية وتنظيم عملها تحت ظل المديرية، لكن جهودها «لم تترجم بعد على أرض الواقع، لأن الكلمة الأقوى تبقى للداعم».
بدوره يقول محمد مصطفى مدير التربية والتعليم «أطلقت الوزارة في الحكومة المؤقتة في 5 أيلول 2014، ونحن نعمل بتعاون وتنسيق كامل مع المكاتب التعليمية في مجلسي المحافظة ومدينة حلب، التي كانت تتولى مهام المديرية قبل إنشائها»، وهذا ما أكده رئيس المكتب التعليمي محمود قدسي، في مجلس مدينة حلب قائلًا «نحن على وفاق تام مع مديرية التعليم، ونقوم بدورنا بتوزيع الكتب والمعونات العينية على المدارس».
ويكمل محمد مصطفى «استطعنا بالعمل المشترك أن نوحد العمل التربوي بشكل جزئي في المرحلة الأولى من عمل المديرية، واتفقنا مع الجمعيات الداعمة على الالتزام بمعايير عمل مشتركة، ومنها عدم التدخل بالنواحي التربوية، وهناك خطوات بخصوص توحيد الأمور الإدارية، والمناهج، ومواعيد الامتحانات، والسجلات المدرسية»، لافتًا إلى أن المديرية «تمكنت من الحصول على اعتراف ومعادلة لشهادتنا بالشهادة التركية، وقبول في جامعات تركية».
ويختم محمد مصطفى «أما رواتب المعلمين، فلا إمكانية لوزارة التعليم على تغطيتها، حيث لا يوجد موازنة خاصة بالرواتب لدى الحكومة المؤقتة، وذلك يعود إلى أن الدعم الذي يصل إلى التعليم قليل جدًا مقارنة بما يصل للقطاعات الخدمية الأخرى».
فهل ستبقى المؤسسات الثورية خاضعة لهيمنة الدول الداعمة عبر تدخلها المباشر بأهم مرافق الحياة، أم ستسعى لتكون نواة لمؤسسات دولة لها السيادة في القرار؟