جريدة عنب بلدي – العدد 23 – الأحد – 8-7-2012
من مشاركات القراء
في حالة الحرب التي نعيشها اليوم، كثيرًا ما نسمع عن أشياء غريبة عجيبة. مجازر وجرائم يرتكبها النظام السوري بحق أهلنا في سوريا. جرائم تدمي القلب وتعذب الروح.
ما عاد غريبًا علينا ما نسمعه من فظائع ترتكب بحق شعبنا. ولكن هل كل ما نسمعه صحيح؟؟!! أم أن الناس تميل إلى تضخيم الأمور وتعقيدها؟؟ -مع العلم بأنه ليس هناك أي خلاف على أن هؤلاء الشرذمة المجرمة قادرة على فعل أي شيء.. أي شيء من أجل البقاء بالسلطة حتى ولو كان الثمن أرواح الآلاف من الناس التي تقتل يوميًا بشتى الطرق- ولكن النقطة المثيرة للجدل هي أن اختراع مثل هذه القصص المخيفة أحيانًا، يزيد من صورة الغول التي يحاول النظام رسمها لنفسه كي يثنينا عما بدأنا به منذ عام ونصف. فتؤثر بذلك على أولئك المتذبذبين بين الثورة والنظام، فتراهم قلوبهم مع الثورة أما ألسنتهم فلا تلهج إلا بخلاف الحقيقة وذلك خوفًا وترددًا.
مثلًا: كثيرًا ما نسمع بأنه لم يحدث بتاريخ الأمم كلها ما حدث في سوريا!! ولكن هل حقًا ذلك؟؟ هل حقًا بأن التاريخ لم يشهد ثورة ضد حاكم ووصلت الأمور بها إلى هذا السوء؟ هل من المعقول أنه لم يقدم أي شعب في العالم ما يقدمه الشعب السوري اليوم من تضحيات؟؟ ولكن ماذا عن الثورات الإسبانية والفرنسية والروسية وغيرها من الثورات. كل هذه الحالات كان عدد الضحايا فيها بمئات الألوف وفي غضون أشهر فقط!.
كلامي ليس استخفافًا بثورتنا المباركة، وليس بتقليل لأهمية التضحيات، ولكن دعونا نقول بأن هذه الثورة التي نعيشها اليوم هي واحدة من أعظم الثورات بالعالم وليست الأعظم. ليست الوحيدة أو الفريدة بل هي واحدة منها، وذلك لهدف أسمى هو أن لا نجعل هذا الغول أكبر وأكبر.. كي لا نؤثر على القلوب الضعيفة والمترددة.. كي لا نشعر بأن الله ابتلانا بما لم يبتل به أحد من قبل فتؤدي كثرة الأحزان إلى المساس بصبرنا وإيماننا وتوكلنا على الله. فيدخل الشك بدعم الله لنا إلى القلوب وبذلك نخسر الإيمان به وبنصره وفرجه القريب.
لا تجعلوا هؤلاء المجرمين يشغلون مساحة أكبر مما يستحقون -أنا لا أقول بأن نستخف بهم وبقسوتهم وجبروتهم- أنا أطلب فقط بأن لا تنشروا الخوف بين الناس بأقاويل ومعلومات مغلوطة ومزيفة.
فالإشاعات -وهي مثال آخر- حرب بحد ذاتها. حرب نفسية يمارسها النظام على الناس كي يستنزف طاقاتنا الروحية تمامًا كما يستنزف دماءنا بأسلحته الأرضية والجوية، الثقيلة والخفيفة، وخصوصًا أن معظم هذه الإشاعات تبدأ على ألسنة أعوان النظام وشبيحته الإعلاميين كي يصلوا إلى كسر أرواحنا ويجعلوا غولهم بعيوننا أكبر، ثم تنتشر هذه الإشاعات -مع الأسف- على ألسنة أصدقائنا وأهلنا وبالتالي يتم لهم ما أرادوا !.
ولذلك علينا أن نكون على قدر أكبر من الوعي. يجب أن ننتصر بالحرب النفسية تمامًا كما سننتصر بإذن الله بالحرب الفعلية على أرض الواقع.
بغضّ النظر عن الخلفيات الثقافية والاجتماعية والمستويات الفكرية للثوار وأنصار الثورة، بغض النظر عن كل ذلك يجب أن نقف يدًا بيد ونساعد بعضنا بعضًا على أن لا نصنع لهم صورة تخيفنا منهم فنتراجع ونفقد الثقة بثورتنا، خصوصًا وأننا نعرف بأنهم خائفون وحائرون ومرتبكون أكثر منا بكثير. نحن وصلنا لمرحلة «يا منعيش بحرية يا إما منموت» أما هم فليس لديه خيار سوى البقاء وموضوع الموت مرفوض بالنسبة لهم في خطوة منهم للتجبر وفرض الذات.
أنا أتوجه هنا بالحديث إلى الشباب الواعي المثقف في صفوف الثورة. أدعوهم فقط إلى نشر الوعي بين الناس. طالبوهم بالابتعاد عن المبالغة والتلفيق. اجعلوهم يقصون الواقع كما هو. يدرسون ويتدارسون ما يجري بحق، فإن لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك لسبب من الأسباب -كالخلفيات الاجتماعية والمستوى الثقافي- فساعدوهم ووضحوا لهم الأفكار واجعلوا الثورة على أعلى مستويات الفكر البنّاء.
والنصر لثورتنا