لصحافة الترفيه أخلاقيات أيضًا

  • 2018/06/10
  • 12:57 ص
منصور العمري

منصور العمري

منصور العمري

نشرت “جريدة عنب بلدي” في صفحتها على “فيس بوك”، فيديو “ترفيهيًا” قصيرًا يظهر رجلًا “يضع يديه في الزيت المغلي” ويفترض أنه يأكل الزجاج.

كأي تقرير مهني، على الصحفي الاستقصاء والتحقق أولًا من صحة المعلومات التي سينشرها للناس.

بدا واضحًا في الفيديو أن كل ما قام به الرجل كان عاديًا جدًا، ولا يبدي أي موهبة أو مقدرة خارقة، بل تهورًا وإيذاءً للنفس، والذي ظهر بشكل واضح في الثقوب بظهر الرجل بعد استلقائه على مسامير.

ساعد الصحفي الذي أنتج هذا الفيديو في التغطية على الحقيقة، فمثلًا حين استلقى الرجل على المسامير، رفع طرف ظهره الذي توضعت المسامير تحته ولم يضع كل وزنه ووزن الطفل الذي وقف فوقه، وهو ما صورته الكاميرا، وحاولت تجنب إظهار عدم استناد ظهر الرجل بشكل كامل على المسامير.

يستطيع الصحفيون تحريف الحقائق في مسألة معينة للحصول في النهاية على منتج “ترفيهي”. يمكن أن يكون لهذه الأفعال تأثير عميق على الجمهور وعلى الوسيلة بحد ذاتها، ما يجعل صحة جميع تقاريرها حتى الإخبارية موضع شك.

قد تقدم وسائل الإعلام الإخبارية الجادة، مواد ترفيهية لجذب مزيد من الجمهور، ولكن لا ينبغي أن يكون جذب الجهمور هو المقياس الوحيد، بل يجب أن يترافق بمهنية صحفية والحذر من تحول الوسيلة الإعلامية إلى منبر للصحافة الصفراء.

تقدم الصحافة الصفراء قليلًا من الأخبار بطريقة مهنية، وتعتمد على العناوين البراقة التي تجذب الانتباه لزيادة المبيعات أو الانتشار، وتشمل المبالغة في الخبر والترويج للفضائح وغيرها مما يثير غرائز البشر. يستخدم مصطلح الصحافة الصفراء اليوم لوصف أي صحافة تعامل الأخبار بطريقة غير مهنية أو غير أخلاقية.

كي تقدم الصحيفة مواد ترفيهية مهنية، يجب الاستعانة بصحفيين مختصين، فصحافة الترفيه هي نوع صحفي بحد ذاته.

أخلاقيات صحافة الترفيه

تعزيز الصور النمطية السلبية هو أحد المحاذير التي يجب على الصحافة الترفيهية الابتعاد عنها، فلا ينبغي تعزيز إيذاء النفس، والادعاءات المغلفة بتحرير مرئي، وتعتمد على جهل الجمهور، بل من وظائف وسائل الإعلام تعزيز الوعي لدى الناس.

قد تؤثر الصور النمطية السلبية على تصورات الناس عن أنفسهم أو تعزز السلوك غير المرغوب اجتماعيًا.

تعزيز هذه الممارسات المؤذية، بعملية “صناعة النجم”، ستؤذي أولًا “النجم” نفسه، وتتحمل الوسيلة الإعلامية المسؤولية في دفعه لمزيد من هذه الممارسات للحصول على الشهرة والأضواء، ومسؤولية تعزيز هذه الثقافة ونشرها، بما يؤدي إلى تقليده من قبل “معجبيه” الذين قد يكونون من الأطفال. بالطبع لا يكفي أن نرفق الفيديو بعبارة: “هذا الرجل يأكل الزجاج ويضع يديه في الزيت المغلي.. لكن لا تقلدوه”.

لا يكفي التنويه إلى عدم تقليد الرجل، بل قد يكون ذا مفعول عكسي. في دمشق مثلًا، اعتادت دور السينما على وضع لافتات كتب عليها: “يمنع دخول من هم تحت سن الثامنة عشرة”، وعندما تدخل السينما لن تجد سوى المراهقين!

الصحافة الترفيهية هي أي شكل من أشكال الصحافة التي تركز على أعمال الترفيه ومنتجاتها، مثل صحافة الموضة، وتغطية الأخبار الخاصة بصناعة الموضة، بينما تستهدف الجمهور العام بما يتجاوز العاملين في الصناعة نفسها. تشمل الأشكال الشائعة أيضًا التلفزيون والنقد السينمائي والصحافة الموسيقية وصحافة ألعاب الفيديو وتغطية المشاهير والسفر والرياضة وغيرها.

يمكن تسمية صحافة الترفيه، “إنفوتينمينت” أو الأخبار الناعمة، بحيث تقدم مزيجًا من المعلومات والترفيه، ولكن يبقى للصحافة “الجادة” اليد الطولى في العمل الصحفي المهني.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي