بدأت مؤشرات تصدع التحالف الروسي- الإيراني في سوريا تطفو على السطح، خلال الأسابيع الماضية، بعد سنوات من تحالفهما لهدف مشترك وهو حماية النظام السوري ورئيسه بشار الأسد.
وبعد تصريحات سياسية أطلقها مسؤولون روس، وفي مقدمتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن الوجود الإيراني، بدأت موسكو تحركات عسكرية على الأرض.
نية موسكو بتحجيم دور إيران وحلفائها من “حزب الله” اللبناني في سوريا، لم تعد تخفى على الحليف قبل الخصم، إذ أشار بوتين بتصريحاته خلال لقائه الأسد في سوتشي، الشهر الماضي، إلى ضرورة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا إلى إيران، قاصدًا بذلك الإيرانيين وقوات “حزب الله”، بحسب ما أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لسوريا، ألكسندر لافريننييف.
تحرك روسي في القصير
التصريحات السياسية أعقبتها لقاءات عسكرية بين روسيا وإسرائيل، وتوصل الجانبان إلى اتفاق يقضي بعودة سيطرة الأسد إلى الجنوب السوري على حساب فصائل المعارضة، بشرط انسحاب القوات الإيرانية من المنطقة بشكل مبدئي على أن يتم انسحابها نهائيًا من سوريا.
ولجس النبض ولطمأنة إسرائيل بدأت روسيا بالتحرك على الأرض، ونشرت عسكريين في منطقة القصير بريف حمص الغربي، واستلمت ثلاثة مواقع، الاثنين 4 من حزيران، ما أثار خلافًا مع الحزب، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين في التحالف الإقليمي الداعم للنظام السوري.
وقال مسؤول للوكالة، وهو قائد عسكري، إن قوات روسية انتشرت قرب الحدود اللبنانية “بتصرف منفرد”، ودون تنسيق مع حلفاء النظام والقوات الرديفة له، ما جعل “حزب الله” يعارض الخطوة غير المنسقة، ويتم حلها عبر سيطرة عناصر من قوات الأسد من “الفرقة 11″ على المواقع التي انتشر بها الروس.
وقال مسؤول ثان إن “محور المقاومة يدرس الموقف بعد التحرك الروسي غير المنسق”، في حين يرفض الحزب وإيران طلب موسكو بالانسحاب من مطار الضبعة العسكري والقواعد الموجودة في ريفي حمص الغربي والجنوبي الغربي، بحسب ما ذكره “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الذي أكد أن الحزب لم ينسحب، وما جرى من أنباء عن انسحابات، لم تكن إلا إعلامية.
لكن لم يتسن لعنب بلدي التأكد من صحة المعلومات التي أوردها المرصد.
“نصر الله” يتحدى العالم
الرد على التحركات الروسية قابله صمت من قبل النظام السوري ومسؤوليه، الذين تجاهلوا الاتفاق الروسي- الإسرائيلي حول إيران والحزب، في حين قابله تحد واضح وصريح من قبل الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، لروسيا خلال كلمة متلفزة في يوم القدس العالمي، الجمعة 8 من حزيران.
وقال نصر الله إن الحزب دخل إلى سوريا لسببين، الأول إيمانه بأن ما يجري هناك “مؤامرة كونية تستهدف محور المقاومة”، والثاني كان بطلب وموافقة القيادة السورية، مشيرًا إلى أنه ليس للحزب أي مشروع خاص في سوريا، التي يخرج منها بحالة واحدة فقط وهي بطلب من قيادة وحكومة النظام السوري.
وحول الدعوات التي وجهتها روسيا لمغادرة القوات غير السورية، والتحركات العسكرية في ريف القصير، أطلق نصر الله تحديًا لروسيا بالقول إنه” لو اجتمع العالم كله ليفرض علينا أن نخرج من سوريا لا يستطيع أن يخرجنا”.
حلقة جديدة تقبل عليها سوريا تحت عنوان “حلفاء الأمس خصوم اليوم”، لترسيخ الوجود في سوريا والحصول على المكتسبات الاقتصادية من خلال إعادة الإعمار بعد تبلور الحل السياسي الذي تسعى إليه موسكو وتستعجله عبر فرض وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية وتشكيل لجنة لبحث تعديل الدستور بضغط على الأسد والمعارضة.