السويداء – نور نادر
لم تكتف السويداء بالنهضة العمرانية التي تشهدها على أيدي مواطنيها والمستثمرين فيها خلال الفترة الأخيرة، بعد إهمال إعمارها وتطوير منشآتها لعقود، وإنما حظيت باهتمام خاص من حكومة النظام السوري.
الاهتمام كان عبر اختيار الهيئة العامة للاستثمار والتطوير العقاري ست مناطق سورية لتطويرها عقاريًا من ضمنها منطقة سوق الحسبة في السويداء، إذ قال المدير العام للهيئة، أحمد الحمصي، لصحيفة “الثورة” الحكومية، الأسبوع الماضي، إن الهيئة اختارت مجموعة من المناطق وعددها ست، لإعطائها الأولوية للبدء بالعمل فيها، استنادًا إلى مواقعها المتميزة والمناسبة وعائدية الأراضي في هذه المناطق للجهات الإدارية ما يؤمّن الإمكانية لإطلاق العمل فيها.
ويقع السوق في مركز مدينة السويداء غرب ساحة الرئيس بمساحة سبعة آلاف متر مربع، ويتبع إداريًا لمجلس مدينة السويداء ويضم محلات تجارية وبسطات عشوائية متنوعة من ملابس وأحذية، إضافة إلى مساحة كبيرة للخضراوات والفواكه القادمة بشكل يومي من القنيطرة ودرعا ودمشق، إلى جانب قسم للحوم والأسماك البحرية والنهرية.
وتتلاءم أسعار السوق مع احتياجات الناس من الطبقات الاقتصادية المتوسطة والضعيفة، إذ يقصده سكان قرى وبلدات ومناطق المحافظة بسبب انخفاض أسعاره عن بقية المحلات التجارية.
الحكومة تستثمر بحاجات الناس
الحمصي اعتبر أن سبب إطلاق المشروع هو إقامة أبنية برجية تحتوي على العديد من الفعاليات التجارية والاقتصادية والاجتماعية المتنوعة التي تؤدي إلى مواكبة المدينة لآلية التطوير الحديثة.
وأكد الحمصي أن المخطط التنظيمي موجود ومعتمد، وهذه ليست المرة الأولى التي يدور الحديث فيها عن تطوير السوق، إذ نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) في 2016، عن الحمصي نفسه، تأكيده ضرورة تفعيل الإعلان عن منطقة التطوير العقاري بموقع سوق الحسبة لإقامة المشروع المؤلف من برجين، وكل برج مكون من 19 طابقًا بينها ثلاثة طوابق تحت الأرض، وصولًا إلى البدء بالتنفيذ.
لكن هذه التصريحات لاقت استياء وسخرية مواطنين التقت بهم عنب بلدي في السوق، إذ اعتبر “أبو فراس”، وهو من سكان المنطقة وأحد زبائن السوق، أن الحكومة دائمًا تصدر قرارات غير آبهة بحجم ضررها على المواطن، فهم “يستثمرون بحاجات الناس الأساسية ويتاجرون بجوعنا وليس غريبًا عليهم أن يتخذوا قرارًا دون تحقيق بديل للمستهلك”.
وقال ساخرًا، “بكرا بيعملولنا أدراج متحركة عطلانة، ومكيفات مو شغالة بحجة الكهرباء، وبيسرقوا مواد بناء ليشبعوا، وآخر شي بيحطولنا على كيلو البندورة ضريبة رفاهية”.
كما سخر تجار التقت بهم عنب بلدي من القرار باعتبار أن الحكومة عاجزة عن تنفيذه، ولا تجرؤ على إجبارهم على ترك بسطات كسب رزقهم، في حين قال مرهف، وهو تاجر بسطة خضار في السوق “بدي روح بسّط قدام المحافظة، خليني ورجيهن المناظر السياحية لبلد عايفة حالها جوع وحرب على الأصول”.
تهديد بالسلاح لنقل السوق
تحرك الحكومة لـ “تطوير السوق” سبقه إقرار مجلس البلدية لسوق باسم “سوق العيد” قبل قرابة العام، ليتم نقل جميع البسطات والمحلات العشوائية من سوق الحسبة إليه بغية تخفيف الضغط والازدحام في المنطقة.
لكن التجار رفضوا القرار حينها بسبب معرفة المستهلكين بسوق الحسبة وموقعه في وسط المدينة، إضافة إلى أن أحد التجار حرض أصحاب المحلات على رفض القرار، بينما كان يسابقهم في الحصول على مواقع جيدة في سوق العيد، ما زاد من رفض تجار سوق الحسبة الانتقال لمنع هذا التاجر من التصدر في السوق الجديد.
وبعد تعرض البلدية للانتقادات والتهديد المسلح من قبل التجار، تراجعت عن القرار، خاصة وأن تجار البسطات العشوائية في السوق هم من حملة السلاح وتابعون لفصائل وتجمعات مختلفة، منها شبيحة النظام وقوات الدفاع الوطني، إضافة لجماعة الشيخ البلعوس.