النُخب : لماذا هذا الجفاء للعسكر ؟!

  • 2012/07/09
  • 2:45 م

جريدة عنب بلدي – العدد 23 – الأحد – 8-7-2012

  بشير – حماه

  لا شكّ أن ثورتنا المباركة هي صُنعٌ من الله، وبعثٌ منه سبحانه لآلاف الشباب الطّامحين الذين مضوا قدمًا في السيّر على طريق الثورة، وقد أظهرت الثورة وعلى شتّى أصعدتها مستويات خيالية من النضال والإبداع والتضحية، وأخصّ بالذّكر هنا الصعيد السلمي والمستوى الرفيع الذي ظهر من سلميّة الثورة في بدايتها وإلى الآن، فقد أظهر الشباب النّاشط وأخصّ بالذّكر الشباب المثقّف مواهبه وفجّر طاقاته في الكثير من الإبداعات السلميّة، وأوصل الثورة إلى العالم بأكمله، وضحّى بحياته لعلم الجميع في العالم أننا أصحاب حق وأنّ ثورتنا هي وعاء كبير ضمّ الجميع .

الركن السلمي من الثّورة كان صاحب النّصيب الأكبر من المثقفين ومن الشباب الجامعيين والحالمين بالنّهوض بالمقارنة مع الركن العسكري، ومع بداية ظهور الركن المسلّح من الثّورة وانطلاق الانشقاقات من الجيش -على قلتها في البداية- أخذ أمر العسكرة بالنّمو سريعًا والتضخّم بشكل كبير ليصبح الركن الأساسي من الثورة، بعدما أظهر نظام الأسد وجيشه العداء العلني لهذا الشعب وأعلنها حربًا ضروسًا لا تراجع فيها حتّى السقوط .

أعلن كيان الجيش الحرّ قبول التّطوع من المدنيين، وأنه على استعداد لتلقّي الرّاغبين بحمل السّلاح وضمّهم إلى صفوفه وقد صار هذا من ضرورات النّصر وأهمّ أسبابه، لكنّ المشكلة التي ظهرت هي تأخر النخب والمثقفين -إلى الآن- عن الالتحاق بالجيش الحر، وندرتهم في أغلب المناطق في سوريّة وانعدامهم في مناطق أخرى كثيرة .

وهنا برزت مشكلة القادة وهذه المرّة القادة العسكريون القادرون على إدارة أمور الجيش الذي يقاتل بين الشعب وضمن حاضنته، وظهر النّقص والضّحالة في المعلومات العسكرية وفي استخدام الأسلحة عند الكثير من المتطوعين، وانقلبت الأمور في بعض الأحيان إلى مشاكل -وهذا من البديهي طبعًا في أي عمل علاوة على العمل العسكري الذي دأب النّظام على التضييق على أصحابه بكل قوّته- هذه المشاكل أدّت إلى اقتحام أحياء بكاملها وتدميرها واعتقال أغلب القاطنين فيها ربّما، وأخطاء هنا وأخرى هناك وكلها تعود إلى الافتقار إلى التكتيك والتخطيط نتيجة قلّة القادة المنشقين مقارنة مع الأعداد التي مازالت تعمل لدى النّظام من جهة، وابتعاد الروّاد المدنيين عن الالتحاق بالعمل العسكري والتأخّر في زج المثقفين بأنفسهم في هذه الباب من جهة أخرى .

اذًا لم تعد المشكلة قلّة أعداد الراغبين بحمل السّلاح فالكلّ يعلم أنّ أعداد الأفراد الجاهزين لحمل السّلاح والقتال ضدّ هذا النظام الباغي يفوق بكثير أعداد الأسلحة الموجودة في سوريا -وربما هذا من أسباب عدم دعم المجتمع الدولي لثورتنا بالسلاح-، إنما المشكلة تكمن في الافتقار إلى القادة الميدانيين والمخططين العسكريين .

والحلّ برأيي هو عدم انتظار القوّاد أو بالأحرى المزيد من القوّاد وأصحاب العقول العسكريّة والتكتيكات الميدانيّة لينشقوا عن النّظام ويلتحقوا بالجيش الحر، وإنما على أصحاب العقول والنّخب والمثقفين الإنخراط بالعمل العسكري، وعدم الاستهانة أبدًا بإمكاناتهم، وعلى المنشقين وأصحاب الخبرات العسكريّة إقامة دورات تثقيفيّة عسكريّة تُجمع فيها المعلومات العسكرية وتدرّب فيها العقول المنفتحة على هذا الباب وتصقل فيها الأعمال القتاليّة وتُصنع فيها القادة!، وبخاصة بعد أن توفرت المناطق المحررّرة وازدادت لتكون أرضية خصبة لتضم أعمال ومشاريع كهذه وترقى في هذا الباب الذي هو الباب الرئيس للعبور إلى ميناء الحريّة.

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب