شهدت الأيام الماضية تصاعدًا في حدة التصريحات بين تركيا والعراق حول سد “أليسو” الذي أنشأته تركيا على نهر دجلة، والذي يؤثر بشكل واضح على المخزون المائي في العراق.
تركيا بدأت ببناء السد في 2006 في قرية أليسو جنوبي البلاد، قبل افتتاحه في شباط الماضي، ويبلغ ارتفاعه 140 مترًا، ويمتد على طول 1800 متر.
وبدأت أنقرة ملء السد مطلع حزيران الحالي، ما أسفر عن انخفاض ملحوظ بمنسوب المياه في العراق، بحسب صور وفيديوهات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت مدير مشروع سد الموصل، رياض عز الدين، إلى أن المياه التي تتدفق إلى العراق بعد تشغيل السد تقدر كميتها بـ390 مترًا مكعبًا في الثانية، بينما كانت في العام الماضي 700 متر مكعب في الثانية، وهذا مؤشر أن نسبة المياه في العراق تراجعت إلى النصف تقريبًا.
من جهتها اعتبرت الحكومة العراقية أن الإجراء التركي له تأثير واضح على المخزون المائي العراقي.
وقال رئيس الوزراء، حيدر العبادي، أمس، الأربعاء 6 من حزيران، إن الحكومة العراقية لا علم لها بإجراء تركيا بشأن سد “أليسو”، وإن ملء السد يعود بالضرر الكبير على العراق.
وأضاف العبادي، خلال مؤتمر صحفي أسبوعي نقله المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أنه من الخطأ أن تقوم تركيا بملء السد قبل شهر من موعده، معتبرًا أن هذه الخطوة تترافق مع الشح المائي في المنطقة.
وأثار ملء السد تخوفات واسعة لدى العراقيين، بعد انخفاض منسوب المياه، لكن العبادي، طمأن المواطنين بأن “مخزوننا المائي يكفي ومياه الشرب لا خطورة عليها، واتخذنا مجموعة إجراءات بهذا الصدد لمعالجة الأمر والموضوع لم يدخل في مرحلة الأزمة”.
في حين نقلت وسائل إعلام عراقية عن وزير الموارد المائية العراقية، حسن الجنابي، قوله إن الجانب التركي بدأ بملء السد، ولدينا اتفاق معه بشأن حصة المياه التي تخزن، وسيستمر هذا الاتفاق حتى تشرين الأول المقبل.
رد أنقرة كان عبر سفيرها في العراق، فاتح يلدز، الذي قال الثلاثاء، إن بلاده أبلغت العراق قبل عام من انتهاء تشييد سد “أليسو”، والاستعداد لملئه.
وأضاف يلدز، في مؤتمر صحفي عقده في مبنى السفارة العراقية في بغداد، “لقد أبلغنا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لدى زيارته إلى تركيا في عام 2017، بشأن السد”.
واعتر السفير التركي أن المعلومات المنتشرة على مواقع التواصل حول سبب انخفاض منسوب نهر دجلة بسبب السد “غير صحيحة”، لافتًا إلى أن الاجراءات التركية كانت بتنسيق مع الجانب العراقي.
ونفى يلدز ما تناقلته بعض الأطراف حول الوقت المقدر لملء السد، وقال نحتاج لسنة واحدة لملئه وليس خمس سنوات، بسبب حاجتنا الماسة لتوليد الكهرباء، مشيرًا إلى أن “تركيا تتعامل بكرم مع العراق”، بحسب تعبيره.
وبالرغم من تصاعد حدة التصريحات إلا أن المباحثات والبعثات الدبلوماسية مستمرة بين الطرفين بشأن أزمة المياه، بحسب ما قاله المتحدث الرسمي باسم الخارجية العراقية، أحمد محجوب، لوكالة “سبوتنيك”.
ويعاني العراق منذ سنوات من شح مائي، رافقه تدني كميات الأمطار المتساقطة، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، إذ يعمد العراق بشكل أساسي على النهرين في تأمين مياهه.
ووقع العراق وتركيا في 2014 مذكرة تفاهم، تضمنت 12 فقرة، كان أهمها التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة من النهرين، وزيادة استخدام المياه في المجالات الزراعية والصناعية ومياه الشرب.
وبحسب وكالة “الأناضول” فإن الاتفاقية تم تفعيلها في آذار 2017 بين البلدين.
وتقدر كميات مياه الأنهار في العراق بـ 77 مليار متر مكعب سنويًا في المواسم الجيدة، وينخفض المنسوب إلى 44 مليار متر مكعب سنويًا في غير ذلك، ويقدر معدل الاستهلاك لجميع الاحتياجات في العراق بنحو 53 مليار متر مكعب سنويًا.
–