ماذنب هذا الطفل الشريد؟
من زار مدينة اسطنبول، جنة الله على الأرض، لا بد أن يتعثر بأطفال سوريين يتسولون في المقاهي، أو ينتظرون بدرجة حرارة دون الصفر تحت المطر، من يتحنن عليهم بليرة.
بالقرب من جامع الفاتح، يجتمع غالبية هؤلاء الأطفال آخر الليل، ليعيشو شيئًا من طفولتهم، مرددين بعض الشعارات التي فتحوا أعينهم عليها “يسقط حكم العسكر.. الشعب يريد إسقاط النظام”.
ما ذنب هؤلاء الأطفال الذي أجبروا أن يعيشوا الأمرين معًا؛ النشأة كمتسولين منبوذين من أغلب فئات المجتمع، ممزوجة باضطرابات سياسية لم ينالوا منها سوا النزوح والألم.
إذا تتبعت أخبارهم أو تحدثت إليهم أكثر من مرة، تيقنت تمامًا أن هناك من يشغّلهم هذه المهنة الرخيصة على حساب دراستهم ومستقبلهم، حتى أن بعض الأهالي وجدوا في الأمر فرصة لكسب بعض المال دون عناء.
لا ننكر هنا أن فقدان العمل أو المعيل أجبر البعض على التسول، في مدينة لا عيش فيها دون كدح وجهد، لكن بالتوازي مع ذلك فقد قدمت الحكومة مخيمات للاجئين المحتاجين وخدمات تغنيهم عن افتراش الشوارع، حتى أن الشرطة بدأت بملاحقة المتسولين لأن الحكومة وفّرت لهم أمكنة تغنيهم عن التذلل للناس.
لقد عرف عن الشعب السوري ثقافة إتقان العمل، والاجتهاد في سبيل الأكل من “عرق الجبين”، لكن يومًا عن يوم، ومع طول أمد الصراع، تحل ثقافة الكسل والخمول، ما يهدد الجيل القادم بأن يكون بعيدًا عن الإنتاج والبناء، لتبقى سوريا مدمّرة لا تستطيع النهوض.
لا بد أننا، وبكل الأحوال، متعاطفون مع هؤلاء الأطفال، لكن الأهم هو محاسبة الذين أوصلوهم إلى هذه الحالة، وإيقافهم عند حدودهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :