د. أكرم خولاني
يعمل الصيام على إعطاء الكثير من الآثار الإيجابية على الصحة النفسية؛ يمكن أن نجدها في الرضا والطمأنينة، بسبب الأثر الروحي للصوم كنشاط ديني، وما نلاحظه من زيادة في العلاقات الاجتماعية خلال شهر رمضان، وكذلك مظاهر الفرح التي تعم جميع أفراد المجتمع.
وقد تبين أن الصيام يحدُّ من بعض الأمراض النفسية، كالاكتئاب والقلق والخوف والهلع، كما أن المرضى النفسيين يمكن أن تتحسن الأعراض عندهم على الصيام، ويحدث هذا التأثير من الناحية العضوية نتيجة انتظام عمل الجهاز العصبي اللاإرادي، وكذلك منظومة الغدد في الجسم المفرزة للهرمونات، فالصيام يؤدي إلى:
- زيادة الوسائط العصبية والهرمونات التي يفرزها الجسم، مثل: الأدرينالين، والكورتيزون، والدوبامين.
- انخفاض في إفراز هرمون الغدة الدرقية.
- زيادة إفراز الأندورفين، الذي يعد بمثابة مورفين طبيعي يفرزه الجسم.
وتختلف آثار الصيام والتوازنات الهرمونية المصاحبة له وفق أيام الصيام، إذ إن التغيرات التي تحدث في الأيام الأولى تختلف عن التغيرات التي تحدث في الأيام التالية لها، فعلى سبيل المثال تبدأ زيادة إفراز الأندورفينات بعد الصيام بحدود خمسة أيام، وتبدأ علامات التحسن المزاجي في الظهور بعد حوالي ثمانية أيام من الصيام.
وبهذا يتبين أنه ليس هنالك مانع طبي من صيام المريض النفسي، شرط استمراره بتناول أدويته بشكل منتظم وفق مشورة الطبيب المعالج، ويمكن تغيير موعد أخذ الدواء بما يتناسب مع فترة الصيام وتجنبًا لحدوث الآثار الجانبية المزعجة خلال النهار مثل جفاف الحلق والعطش، أو حتى تغيير العلاج إلى آخر بديل لا تنتج عنه تلك الآثار الجانبية، وقد يلجأ الأطباء النفسيون إلى استخدام العلاجات ذات المفعول الطويل التي تعطى مرة واحدة في اليوم وتغني المريض عن أخذ جرعات متكررة.
ولكن لا يستحسن الصيام لمرضى الفصام، خشية أن يؤدي التوقف عن استعمال الأدوية إلى نوبات من العنف والاعتداء على الآخرين، علمًا أن مرضى الفصام في الحالات المتقدمة التي تؤدي إلى ذهاب العقل لا يوجد عليهم تكليف شرعي أساسًا، ولا يطالبون بصيام ولا قضاء ما فات عند جمهور علماء المسلمين.
أخيرًا ننبه إلى أن تغير عادات الطعام في شهر رمضان تتسبب بالشعور بالنعاس نهارًا والشعور باليقظة في المساء والليل، مما يجعل الكثير من الناس يسهرون حتى السحور، وهذا يرتبط بانعكاسات نفسية سلبية في صباح اليوم التالي تتناسب طردًا مع النقص في ساعات النوم الليلية، وتشمل هذه الانعكاسات السلبية: انخفاض القدرة على التركيز، وبطء التفكير والاستيعاب، والعصبية الزائدة، لذلك نؤكد على ضرورة تنظيم أوقات النوم بما يتناسب مع البرنامج اليومي لكل شخص، والنوم لساعات كافية قدر الإمكان، تجنبًا لأي تأثيرات سلبية.
–