غلاء الأسعار يعكر “عودة رمضان” إلى دير الزور

  • 2018/05/27
  • 1:43 ص

الحياة في قرى الشعيطات شرقي دير الزور- 18 أيار 2018 (دير الزور 24)

أورفة – برهان عثمان

في مدينة شبه مدمرة ومعظم أحيائها خالية، تعيش دير الزور شرقي سوريا أيام شهر رمضان، وسط محاولة أهلها الحفاظ على ما بقي من طقوس هذا الشهر، بالرغم من سوء الوضع الخدمي وخاصة الكهرباء والماء.

خليل محمد (51 عامًا) من حي هرابش، قال لعنب بلدي إن “الأوضاع لا تزال سيئة رغم التحسن النسبي وعودة جزئية للماء والكهرباء ومساعدة بعض الأهالي، إلا أنها لم تغير كثيرًا”.

وأكد خليل الملقب بـ “أبو إبراهيم” أن حاجات الأهالي أكبر بكثير من الإصلاحات البطيئة التي تقدم لهم، معتبرًا أن “كل الوعود التي قدمت للأهالي والموظفين ليعودوا إلى المدينة كانت كلامًا فارغًا دون أفعال حقيقية”.

طقوس رمضان تعود لشوارع المدينة

المدينة غابت عنها الطقوس الرمضانية خلال السنوات الماضية، نتيجة الحروب المدمرة التي تعرضت لها بين عدة أطراف، وخاصة بين تنظيم “الدولة الإسلامية” والنظام السوري الذي سيطر على كامل أحياء المدينة، مطلع تشرين الثاني 2017، ليعلن تدريجيًا منذ ذلك الوقت عودة الخدمات والمؤسسات للعمل.

لكن شوارع المدينة شهدت عودة بعض الطقوس، كما قالت لطيفة (54 عامًا) لعنب بلدي، والتي أكدت أن حرارة الطقس لم تمنع من ممارسة طقوس رمضان ومنها اجتماع الجيران مع بعضهم على الأبواب، وحديثهم عن أحوال معارفهم وأقربائهم المنتشرين في كل مكان، إلى جانب طقوس صلاة التراويح، وعودة صوت مسحّر رمضان وطبلته في أوقات الفجر.

وتشفق لطيفة على أحوال مدينتها التي تحولت إلى أطلال يسكنها الخوف بعد تشرد أهلها، واصفة حالة الرعب التي لا يزال يعيشها المواطنون بالقول إن “الناس يدخلون إلى المسجد لأداء صلاة الفجر والتراويح بقليل من الكلام المحصور في السلام والاطمئنان على الأحوال ومصاعب الصيام ودرجات الحرارة، بسبب الخوف الذي يرافق الجميع من مخبري النظام وعيونه الذين يتصيدون كل كلمة بآذان مفتوحة، مشيرة إلى أن الأهالي “يحاولون العيش بأقل القليل رغم الصعوبات لاستعادة الحياة”.

مشهد الباعة غير تقليدي

عودة الطقوس والأجواء الرمضانية عكرها جنون الأسعار وغياب القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين، لأن رواتب الموظفين في الدولة يكفي أسبوعًا من الشهر فقط، بحسب لطيفة التي تساءلت من أين نأتي بالمال؟ لافتة إلى أن معظم المقيمين في المدينة من الموظفين مضطرون أن يقسموا مرتباتهم بين إيجارات المنازل المرتفعة وبين تكاليف المعيشة الأخرى، الأمر الذي يجعلهم يحجمون عن الشراء بسبب غلاء الأسعار في مدينة بلغ سعر قالب الثلج (البوظ) فيها 1800 ليرة سورية.

لكن بالرغم من ارتفاع الأسعار تحسنت حركة السوق قليلًا، بحسب ما قاله البائع أحمد (16 عامًا) لعنب بلدي، الذي يعمل على عربة متنقلة لبيع السوس والتمر الهندي، وفي بعض الأحيان يبيع الخضراوات مع أخيه عمر (9 سنوات)، للإنفاق على والده المريض ووالدته وإخوته الأربعة.

ويرى أحمد أن توافد المصلين إلى مساجد المدينة شكل مراكز جديدة للباعة الجوالين لممارسة تجارتهم، ومعدلات البيع والشراء في السوق ارتفعت مقارنة بالأشهر السابقة، باعتبار أن “شهر رمضان يحضر رزقه معه”، رافضًا أن يكون الباعة هم السبب في هذا الغلاء “المواد كلها غالية ولا نربح منها إلا القليل رغم تعبنا طول اليوم”.

مشهد عودة الحياة إلى شوارع المدينة ربما تبدو غريبة، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين شبوا على أوضاع الحرب والحصار، إذ يعتبرون مشاهد الباعة الجوالين وأصوات بائعي التمر الهندي والسوس والعصائر “غير تقليدية”.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية