عنب بلدي – وكالات
بعد رفضه سابقًا المشاركة بأي لجنة دستورية تشرف عليها الأمم المتحدة، اتخذ النظام السوري، السبت 26 من أيار، قرارًا بإرسال وفد لتشكيل اللجنة.
وسلمت الخارجية السورية سفير روسيا، ألكسندر كينشاك، وسفير إيران، جواد ترك آبادي، في دمشق لائحة بأسماء أعضاء لجنة مناقشة الدستور الحالي، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر رسمي في الخارجية.
اللجنة اتفق عليها المشاركون في اختتام مؤتمر سوتشي، في 31 من كانون الثاني الماضي، ويتم تشكيلها من ممثلي النظام السوري والمعارضة لإصلاح الدستور، وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي “2254”.
بوتين يحرك مياه اللجنة الراكدة
الحديث عن اللجنة غاب عن الأروقة السياسية طيلة الأشهر الأربعة الماضية، بسبب تصدر العمليات العسكرية واجهة الأحداث، وشن قوات الأسد بمساندة الطيران الروسي هجومًا على مناطق المعارضة وإحكام السيطرة عليها في كل من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي وريف حمص الشمالي ومناطق جنوبي دمشق.
وأدى انتهاء المعارك في هذه المناطق وخضوع بقية مناطق المعارضة إلى اتفاق “تخفيف التوتر” بين الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، إلى تحريك مياه العملية السياسية الراكدة عبر الحديث عن تشكيل اللجنة الدستورية.
وأعاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اللجنة إلى الواجهة عندما استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في سوتشي الروسية، الأسبوع الماضي، وأطلق تصريحًا نيابة عن رئيس النظام بأن “الأسد اتخذ قرارًا بإرسال وفد لتشكيل اللجنة الدستورية”، وأن روسيا ترحب بهذا القرار وستؤيده بكل السبل الممكنة، معتبرًا أن النجاحات الميدانية أسفرت عن تمهيد “ظروف إضافية ملائمة لإحياء عملية سياسية شاملة الأطر”.
ليوافق الأسد بقوله “اتفقنا، الرئيس بوتين وأنا، على أن ترسل سوريا أسماء مرشحيها إلى هذه اللجنة، للبدء في مناقشة الدستور الحالي في أقرب فرصة”.
وعقب ذلك حددت روسيا موعد إرسال أسماء اللجنة عبر نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، الذي أكد أن دمشق سترسل الأسماء، يومي الخميس أو الجمعة الماضيين، في إشارة إلى ضغط روسي على الأسد لتسريع تنفيذ التزاماته، بالرغم من الأصوات المخالفة، والتي ترى أن دستور 2012 لا يحتاج إلى أي إصلاحات.
وأوضح بوغدانوف خلال مشاركته في فعاليات “منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي”، الخميس 25 من أيار، أن موعد بدء عمل اللجنة الدستورية لم يحدد بعد.
ماذا وراء الاهتمام الروسي؟
اهتمام روسي بضرورة الإسراع في تشكيل اللجنة يخفي وراءه أهدافًا سياسية، إذ عاد الرئيس الروسي ليعلن خلال لقائه نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن “المهمة الأولوية هي تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف”.
وأكد بوتين على ضرورة مواصلة الجهود للمساعدة في إيجاد تسوية سياسية “بعيدة الأمد”، لا يمكن تنفيذها دون الاتفاق بين جميع الأطراف المتنازعة.
وتحاول روسيا الإسراع في تشكيل لجنة دستورية وتغيير الدستور عقب انتهاء العمليات العسكرية في دمشق ومحيطها، في حين يدرك نظام الأسد تمامًا أن أي تقدم في العملية السياسية يعني اقتراب نهاية منظومته الأمنية والعسكرية، بحسب ما قاله المعارض السوري فراس الخالدي، سابقًا لعنب بلدي.
وبالرغم من أن المرحلة السياسية الجديدة لسوريا لم تظهر ملامحها حتى اليوم، بحسب الخالدي، توقع الرئيس الفرنسي أن تكون الأشهر المقبلة حاسمة وأن تحقق اختراقًا في التسوية في سوريا، وأن “الحوار مع النظام وقوى المعارضة الديمقراطية، إضافة إلى اتصالات مع مجموعة أستانة والمجموعة الضيقة سيسمح بتحقيق تلك الأهداف”.