عنب بلدي – خاص
تميزت السنوات الأولى من تسلح الثورة السورية بزخمها العسكري الذي ضغطت فيه فصائل “الجيش الحر” على مواقع قوات الأسد والميليشيات المساندة لها، وأخرجت خلاله مساحات واسعة من الأراضي السورية من سيطرة النظام، تجاوزت 60% من الخارطة.
لكن عقب ذلك دخل الملف السوري في مرحلة جديدة فرضتها عمليات التبادل والتفاوض بين الطرفين وبرعاية دولية، قلبت المعادلة من جديد لصالح النظام السوري، بدءًا من مدينتي حمص وداريا.
وخلال عمليات التفاوض التي ترافق المعارك والعمليات العسكرية، برزت إلى الواجهة أسماء شخصيات تولت تنفيذ مراحل الاتفاق بين الطرفين، وضمنت إنجاز البنود المتفق عليها، وتعرض عنب بلدي أبرزها:
عمر رحمون.. وسيط اتفاق حلب
يحمل عمر رحمون درجة الماجستير في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق، وعمل إمامًا وخطيبًا في مساجد مدينة حلفايا بريف حماة الشمالي الغربي قبيل الثورة.
عقب انطلاق الثورة ضد النظام السوري في آذار 2011، شارك الرحمون في مظاهرات مدينته، وألقى خطبًا حضّت على الوقوف ضد الأسد ومواجهته، وأسهم بنقل أخبار ووقائع محافظة حماة لقناة “العربية” عام 2012، ليصبح مراسلها في حماة عدة أشهر، في ضوء اعتمادها على ناشطين محليين، وصعوبة إيفاد مراسليها المعتمدين إلى سوريا.
يوصف رحمون بأنه رجل “غريب الأطوار”، إذ ظهر في أيلول 2016 مع أحد ضباط النظام في دمشق، ليكشف فيما بعد أنه أجرى تسوية لوضعه الأمني، واستقر في مدينة حماة، وبات يتردد إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية.
عرض نفسه للمشاركة في إجراء “مصالحة” داخل الغوطة الشرقية قبل سيطرة قوات الأسد عليها، وقبلها في وادي بردى، كما رعى اتفاق تهجير أهالي الأحياء الشرقية من حلب إلى إدلب وريفها، كانون الأول 2016.
وحتى اليوم ينشر على حسابه في “تويتر” التطورات العسكرية التي قد تقبل عليها المناطق الخاصعة لسيطرة المعارضة في الأيام المقبلة، وخاصة ريفي حماة الشمالي والشرقي ومحافظة إدلب.
هشام خزامي.. وسيط “الحرس الثوري”
ينحدر هشام خزامي من مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وهو من مواليد عام 1970، يعود نسبه إلى عشيرة بني خالد، المنتشرة في مناطق مختلفة في سوريا، وخاصةً في محافظتي دير الزور وحمص.
يعرف نفسه بأنه معتمد من قبل “الدولة السورية” و”الحرس الثوري” الإيراني، ويؤكد على ذلك في كل عملية تبادل يقوم بها، مرفقًا تسجيلات مصورة للحظات التي تسبق تسليم واستلام الأسرى والمعتقلين.
النقطة البارزة في عمل خزامي هي عملية الترويج التي يقوم بها عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك”، ويعتمد بذلك على عرض الأسرى، سواء من جانب النظام السوري والميليشيات الرديفة له أو من فصائل المعارضة ضمن فيديوهات، وترفق إلى جانبها دعوات لمن يرغب بالمبادلة عليهم بأن يتواصل معه عبر رقم الهاتف الموجود في تعريف حسابه.
وبحسب معلومات عنب بلدي، عيّن “الحرس الثوري” الإيراني خزامي في السنوات الأولى للثورة كمسؤول تفاوضي ووسيط لعمليات التبادل مع الفصائل العسكرية المعارضة، الأمر الذي أكسبه شعبية كبيرة ومجالًا واسعًا لعمله “الحساس”.
تولى عملية مبادلة قائد “حركة أحرار الشام الإسلامية”، حسن صوفان، مقابل ضابط من قوات الأسد في 26 من كانون الأول 2016.
كنانة حويجة.. “وسيطة محلية”
أشهر مذيعات التلفزيون السوري، وأثار دخولها في عمليات التفاوض تساؤلات عدة، كونها انتقلت وبشكل مفاجئ من الدور الإعلامي إلى الدور المرتبط بالعمليات العسكرية على الأرض.
تحظى حويجة بأهمية كبيرة لدى النظام السوري، كونها ابنة الضابط إبراهيم حويجة، المدير السابق في أحد فروع الاستخبارات الجوية.
وبحسب معلومات عنب بلدي، مثلت حويجة النظام السوري بعدة صفقات، أبرزها في مدينة داريا عام 2016، بالإضافة إلى دخولها بشكل كبير باتفاق خروج المقاتلين من الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، وسابقًا في وادي بردى وخان الشيح وزاكية.
وظهرت مؤخرًا في تسجيل مصور ترتدي عباءة سوداء إلى جانب ضابط روسي، خلال الاجتماع مع الهيئة المسؤولة عن التفاوض في ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي.
اشتهرت حويجة في السنوات الأولى للثورة السورية ببرنامجها “سوريا تتحاور” على شاشة التلفزيون السوري، والذي روج لأفكار النظام حول طبيعة أي مفاوضات مع المعارضة، وتحديدًا في البلدات التي عانت حصارًا طويلًا في ريف دمشق وحمص.
وسبق أن تسللت إلى مناطق المعارضة السورية في العسالي التابع لحي القدم الدمشقي، عام 2015، وقال المجلس المحلي لحي القدم حينها إن “كنانة حويجة دخلت خلسةً إلى منطقة العسالي، وكانت محجبة على غير عادتها”.