د. أكرم خولاني
قد يعاني بعض الناس سرعة التعب والدوخة والخفقان إضافة لتشقق زاويتي الفم وهشاشة الأظافر وتساقط الشعر، ومع أن هذه الأعراض توحي بوجود نقص في معدن الحديد في الجسم إلا أنه ليس السبب الوحيد، لذلك لا بد من التأكد من وجود نقص الحديد ليتم العلاج بالشكل المناسب.
كيف يشخص نقص الحديد في الجسم
يتم تشخيص فقر الدم بعوز الحديد عن طريق:
التعداد الدموي الشامل:
انخفاض عدد كريات الدم الحمراء، انخفاض مستوى خضاب الدم (الهيموغلوبين) ونسبة خلايا الدم إلى نسبة البلازما (الهيماتوكريت)، انخفاض في الحجم الكروي الوسطيMCV، انخفاض خضاب الكرية الوسطي.
تحاليل مخزون الحديد:
انخفاض مستوى الحديد المصل (المستوى الطبيعي 50-150 مكغ/دل)، انخفاض الفيريتين (المستوى الطبيعي عند الرجال 50-150 مكغ/دل والنساء 10-150 مكغ/دل) ويعتبر الفيريتين المؤشر الأكثر دقة لنقص عنصر الحديد حيث ينخفض مستواه في وقت مبكر بالنسبة لظهور فقر الدم، زيادة في السعة الكلية للارتباط بالحديد TIBC (مستوى طبيعي 250-400 مكغ/دل)، انخفاض في نسبة الإشباع المئوي للترانسفرين (المستوى الطبيعي 10-50% والنساء 15-50%).
اللطاخة الدموية:
تظهر كريات الدم الحمراء تحت المجهر صغيرة الحجم ناقصة الصباغ ولذلك يدعى فقر الدم نقص الحديد بفقر الدم صغير الكريات ناقص الصباغ، ويظهر أيضًا باللطاخة الدموية اختلاف في حجوم الكريات الحمراء وأشكالها.
ولا ينتهي التشخيص هنا، بل يجب البحث عن المسبب الأساسي لنقص الحديد عن طريق إجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة سبب نقص الحديد تبعا للشك السريري، ففي حالة الاشتباه بأن فقر الدم ناتج عن فقدان الدم في الجهاز الهضمي يجب إجراء اختبار وجود الدم الخفي في البراز وربما إجراء منظار داخلي لفحص الجهاز الهضمي بشكل واضح وتحديد سبب النزف، وبالنسبة للدورة الكثيفة يجب إجراء فحص للرحم للتأكد من عدم وجود أورام ليفية قد تكون السبب وراء زيادة النزف.
كيف يعالج نقص الحديد في الجسم
العلاج ببساطة يتمثل في البداية في تناول المكملات الغذائية المحتوية على معدن الحديد، والاهتمام بالحمية الغذائية بالتركيز على الأطعمة المحتوية على الحديد والأطعمة المحتوية على فيتامين C الذي يعزز امتصاص الحديد كالعصائر الطبيعية والحمضيات بشكل عام، وتجنب كل ما يقلل امتصاص الحديد كالحليب والشاي والأدوية التي تقلل حموضة المعدة ، وكذلك معالجة سبب نقص الحديد بالتوازي مع تعويض الحديد، وهذا شرط مسبق ليتم مستقبلًا امتصاص الحديد من جديد وعدم ضياع الدم.
تعطى المكملات الغذائية على شكل حبوب فموية للكبار أو محاليل (نقط أو شرابات) فموية للرضع والأطفال، وأشهرها ما يسمى بكبريتات الحديد الثنائي (سلفات الحديد)، وتعطى عادة مرتين في اليوم على معدة فارغة، وقد يصاحبها الشعور بأعراض جانبية، كآلام البطن، والإسهال أو الإمساك، والشعور بالحرقة، وكذلك تحول لون البراز إلى اللون الأسود، فإذا ما عانى المريض بشدة من هذه الأعراض يمكن تحويله إلى غلوكونات الحديد الثنائي التي تحتوي على كمية أقل من الحديد، ويستخدم الحديد الثنائي لأن امتصاص الجسم له أسرع وأبسط من الحديد الثلاثي.
وقد يتم اللجوء في بعض الحالات النادرة إلى إعطاء الحديد على شكل حقن وريدية أو عضلية (وعادة يتم تجنب الحقن العضلية) في الحالات التالية:
- عدم التحمل أو عند الاستجابة للحديد عن طريق الفم.
- وجود نزف مزمن لا يمكن إرقاؤه.
- وجود أسباب تحول دون امتصاص الحديد عن طريق الجهاز الهضمي .
- الحالات التي تتطلب رفع مستوى خضاب الدم بسرعة.
يتم إجراء تعداد دموي شامل لمعرفة مدى تحسن المريض مع تعويض الحديد، وفي العلاج الناجح يجب أن يرتفع تركيز الخضاب بمقدار 1مغ/دل أسبوعيًا، ولكن يجب الاستمرار بالعلاج لمدة 3 أشهر حتى يتم ملء مخازن الحديد في الجسم.
ما سبل الوقاية من نقص الحديد
لتجنب نقص الحديد يجب الحصول على الكمية الكافية منه عن طريق الغذاء، وذلك عبر ما يلي:
أولًا، تناول نظام غذائي صحي ومتوازن، وذلك عن طريق اختيار طعام متنوع يحتوي الحديد من كلا المصدرين النباتي والحيواني.
وأهم الأغذية الغنية بالحديد من المصادر الحيوانية: البيض والسمك والكبد واللحوم الحمراء، ومن الخضار: الخضراوات الورقية كالسبانخ والخس، وجذور الزنجبيل، ومن الحبوب: الحبوب الكاملة، والعدس، وفول الصويا، ونخالة القمح، وبذور السمسم المحمص، والخبز المدعم بالحديد، ومن الفواكه: البلح والتين والخوخ والزبيب والعسل الأسود.
ولأن الحديد في الأطعمة الحيوانية ثنائي، يكون امتصاصه من المصادر الحيوانية أفضل منه من المصادر النباتية.
وبالنسبة للرضع يجب إدخال التغذية المتنوعة بدءًا من عمر ستة أشهر مع حليب الثدي أو الحليب الصناعي رغم كونه مدعمًا بالحديد، علمًا أنه حتى حليب البقر ليس مصدرًا جيدًا للحديد.
ثانيًا، زيادة منشطات امتصاص الحديد وتجنب مثبطات امتصاصه الموجودة في الوجبات؛ فالفيتامين C يساعد على امتصاص الحديد من المصادر النباتية لذلك، وعلى سبيل المثال يمكن إضافة الليمون إلى السبانخ وسلطة الخضار الورقية، أو تناول الحبوب المدعمة مع عصير الحمضيات أو الفريز، أما الشاي والقهوة والكاكاو وبعض البهارات (مثل الزعتر الأخضر) والجوز وحبوب النخالة والكالسيوم (خصوصًا في الحليب ومشتقاته)، كلها مثبطة لامتصاص الحديد، لذلك على سبيل المثال يمكن فصل فترة شرب الشاي عن فترة الغذاء بمدة ساعة تقريبًا.