عودة دون ملامح
أهالي عتمان بريف درعا يتفقدون أنقاض بلدتهم
عنب بلدي – درعا
اتبعت قوات الأسد والميليشيات المساندة لها سياسة التهجير القسري في المناطق التي سيطرت عليها من يد المعارضة، ولم تقتصر هذه السياسة على أماكن دون غيرها بل شملت معظم الأراضي السورية، ومن بينها الجنوب الذي كان لمدن وبلداته النصيب الأكبر من التهجير.
وعلى مدار السنوات الماضية، استعاد النظام السيطرة على مدينة الشيخ مسكين وبلدات خربة غزالة ونامر وعتمان ومناطق واسعة من مثلث الموت، وهجر بذلك أهلها ولم يسمح لهم بالعودة مرة أخرى، الأمر الذي أثار مخاوف دولية وإقليمية، وشكل ضغطًا كبيرًا على فصائل المعارضة التي باتت تعي أن أي خسارة عسكرية تعني تهجيرًا كاملًا قد يمتد لسنوات طويلة.
عودة بشروط
بلدة عتمان في ريف درعا غاب أهلها عنها منذ استطاعت قوات الأسد السيطرة عليها، في شباط 2016، ومنذ ذلك الحين فشلت محاولات عديدة من الأهالي للتوصل إلى اتفاقيات تسوية تسمح بعودتهم إلى منازلهم، أمام إصرار قوات الأسد على عدم فتح ملف البلدة بذريعة وقوعها على خط تماس مع فصائل المعارضة.
وشهدت الأسابيع الماضية تطورًا مفاجئًا لم تسبقه أيّ مقدمات، بعد أن تواصلت قوات الأسد مع عدد من أهالي البلدة المهجرين في درعا المحطة في مدينة درعا، وعرضت عليهم العودة إلى منازلهم، ما أثار بلبلة بين أهالي البلدة المنقسمين تهجيرًا بين مناطق سيطرة المعارضة وقوات الأسد.
“العودة إلى البلدة يستلزم أولًا مراجعة فرع حزب البعث في مدينة درعا والتقدم بطلب للحصول على الموافقة، مرفقًا بالهوية الشخصية وثبوتيات العائلة وتحديد موقع المنزل في البلدة”، بحسب ما تحدث أحد أهالي البلدة لعنب بلدي (طلب عدم ذكر اسمه).
وقال إن الإجراء الحالي يعني أن الأفرع الأمنية لقوات الأسد “ستجري دراسة عن مقدم الطلب وعائلته، وأين يقيم أفراد العائلة، وهل أحد أقاربهم من متزعمي فصائل المعارضة”.
وتستغرق النوعية هذه من “الدراسات” بين الأسبوع والأسبوعين، قبل أن يعاود مقدم الطلب مراجعة فرع حزب البعث للحصول على الموافقة في حال صدورها.
ولا يعني الحصول على الموافقة بالعودة إلى عتمان أن أبواب البلدة قد فتحت، وعلى مقدم الطلب الإمضاء على “تعهدات إلزامية” تتضمن عدة شروط، بحسب المصدر، الذي لخصها بعدم التواصل مع الجماعات المسلحة، والتعاون مع قوات الأسد بالإبلاغ عنهم والالتزام بالقوانين والتعليمات.
وتوجد عدة فقرات تتعلق بالمطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية وعدم التهرب منها، وبعد ذلك يحصل مقدم الطلب على ورقة تحمل اسمه، ويُسمح له من خلالها بالعودة إلى بلدة عتمان.
البلدة دون ملامح
يصف أحد أهالي البلدة ما شاهده عند العودة إلى البلدة، ويقول لعنب بلدي، “ليست كما غادرناها أبدًا، لكنها كما توقعنا بالضبط، فمشاهد الدمار الذي حلّ بالبلدة كانت متوقعة، وما تبقى من منازل لم تهدم كانت قد سُرقت بالكامل”.
وأضاف المصدر، “لك أن تتخيل كيف يكون المنزل قبل الكساء، المفروشات مسروقة بالكامل وتم فك وسرقة المطابخ والحمامات، حتى تمديدات الكهرباء والمياه لم تسلم من السرقة، وباختصار المنزل غير المدمر يحتاج إلى إعادة إعمار وإكساء جديد”.
ووضعت هذه الحال العائدين لتفقد منازلهم أمام خيارين، فإما إعادة ترميمها أو تركها على حالها والعودة إلى مكان النزوح في المناطق التي سكنوها طوال الأعوام القليلة الماضية.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن ما يُقارب 40 عائلة من بلدة عتمان استطاعت العودة وتفقد منازلها، وهو رقم ضعيف جدًا مقارنة بعدد سكان البلدة الأصلي الذي يتجاوز 1500 عائلة.
واختارت جل العائلات تأجيل أي عمليات ترميم إلى وقت لاحق، وربط المصدر ذلك إلى أن تتضح الأمور بشكل أكبر، وألا يكون المنزل عرضة للتدمير أو السرقة مرة ثانية، والأهم من ذلك حتى يعود عدد أكبر من الأهالي، فالبلدة بهذا العدد من السكان “مرعبة وموحشة”.
إعادة تحريك ملف عتمان، ربما يعطي بصيص ضوء لأهالي مدينة الشيخ مسكين وبلدتي خربة غزالة ونامر وقرى منطقة “مثلث الموت”، لعودة قريبة إلى منازلهم، لكن أمام التهديدات الإعلامية المستمرة لقوات الأسد وحليفها الروسي باجتياح قريب للمنطقة الجنوبية، فإن الأهالي في محافظة درعا يشغلهم اليوم منع تهجير سكان بلدات جديدة، أكثر من إعادة سكان البلدات المهجرة أصلًا، ليبقى توقيت إعادة فتح ملف بلدة عتمان من قبل قوات الأسد هو السؤال الأكبر، الذي قد يخفي الكثير من النوايا السيئة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :