فيلق القدس يحرر الجولان

  • 2018/05/13
  • 9:34 ص

إبراهيم العلوش

بعد الإسهام في تدمير سوريا ها هو فيلق القدس الإيراني يفطن للجولان المحتل، ويرشقه بعشرين صاروخًا ليفتح طريقه إلى القدس. ورغم أن أيًا من الصواريخ العشرين المنطلقة لم تصل الجولان، فإن المراقبين يتساءلون، هل تم قصف الجولان لتحريره على أيدي محور المقاومة، أم لإعطاء الجولان حصته الشرعية من التدمير والتهجير أسوة ببقية الأراضي السورية التي نالت حصتها من التعفيش والتخريب؟

منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي ترامب التخلي عن الاتفاق النووي بتاريخ 8 من أيار 2018، اشتعلت ردود الفعل الإيرانية ووصلت إلى الأفعال العصبية، حين قررت قصف الجولان في ليل الأربعاء- الخميس 10 من أيار 2018، مضحية بالسلام الاستراتيجي الذي وفره حافظ الأسد للإسرائيليين، منذ سبعينيات القرن الماضي، مقابل استمرار حكمه الطائفي، الذي نما وتجذر حتى أكمل تدمير سوريا على يد وريثه بشار الأسد.

رد الفعل الإسرائيلي كان في الليلة ذاتها، وفي صباح الخميس، وتمثل في الإغارة على خمسين موقعًا عسكريًا إيرانيًا في سوريا، لتدمير البنية التحتية العسكرية، التي بنتها إيران طوال سنوات، وهي تبني إمبراطوريتها الفارسية في سوريا.

ولكن لا الإسرائيليون ضربوا إيران، ولا الإيرانيون أطلقوا صواريخهم من إيران باتجاه إسرائيل، فالأرض السورية هي أداة الطرفين للصراع بينهما، والشعب السوري هو ضحية هذا الصراع الوحشي، بين طرفين لا يريان في الشعب السوري الأهلية، ولا الحق في العيش على أرضه، أو تقرير مصيره، فإسرائيل راضية عما يفعله بشار الأسد بالسوريين، وتبشر نفسها بأن تصبح زهرة قرب مزبلة سوريا الأسد. والإيرانيون لا ينظرون إلى السوريين إلا كخونة، وكشعب يثير الريبة، سواء كانوا معارضين، أو حتى مؤيدين لنظام بشار الأسد.

سكان دمشق لم يتمكنوا من النوم طيلة ليل الصواريخ الطويل، فالانفجارات وأصوات إطلاق النار، والغارات الجوية كانت تستكمل حياة الرعب، والاختناق، التي يعيشها السوريون في ظل دولة التشبيح الطائفي، ومدعوّيها من المحتلين الروس والإيرانيين.

الروس، شركاء الإيرانيين، اكتفوا بعدّ الصواريخ، ودعوا الطرفين الإيراني والإسرائيلي، إلى التهدئة، وعدم خوض حرب جديدة، غير الحرب على الشعب السوري، وتهجيره، وإعادة خلق خرائط تموضعه، أو ترحيله، الجارية على قدم وساق من قبل كل الأطراف. فنتنياهو كان طوال اليوم السابق للقصف، يقف مع بوتين على منصة الاحتفال الروسي في يوم النصر على النازية، واستعراض القوات الروسية التي ورثت النازية، وطورت إرثها في سوريا، إلى حدود الوحشية.

الإيرانيون وبعد القصف الإسرائيلي الواسع النطاق صمتوا للاستخارة، ولتغيير التكتيكات، وفجأة تبرؤوا من مسؤوليتهم عن إطلاق الصواريخ باتجاه الجولان، واعتبروا أن من قصف الجولان هو جيش الأسد، وأن المواقع المقصوفة من قبل إسرائيل هي مواقع سورية، وليست مواقع إيرانية، وعادوا إلى الأسطوانة المشروخة بأنهم لا يتدخلون في سوريا، لا بالمستشارين العسكريين، متجاهلين دائمًا تدخل حزب الله، ولا بالميليشيات الطائفية وحلفائها من الشبيحة، الذين يخضعون للأوامر الإيرانية، ووصل تعدادهم الإجمالي إلى مئة وستين ألف عنصر، كما تقدر الكثير من المصادر.

المحللون الاستراتيجيون الذين تموّلهم إيران، صمتوا بعد موجة كبيرة من البروباغاندا، التي تروج لإيران كدولة عظمى، وتمتلك قوى هائلة، ومدعومة من الروس، ومن الصينيين، وما إلى ذلك من منابع العظمة، ولكن الضربة الإسرائيلية بعد انسحاب الأمريكيين من الاتفاق النووي مع ايران، هبطت بالعملة الإيرانية إلى الثلث وهي لا تزال تتهاوى منذ صدور تنبؤات انهيار الاتفاق، وعودة العقوبات الأمريكية، بحجة برنامجها الصاروخي، وبحجة تدخّلها في المنطقة، وكأنها صدّقت أنها دولة عظمى، بينما هي لا تزيد عن كومة استبدادية، شبيهة بكوريا الشمالية، التي يجثو اليوم زعيمها الملهم أمام الأمريكيين، ويعلن انتهاء عصر الاستعراض النووي، والصاروخي، بعد أن أنهك الجوع والإفلاس دولته الكرتونية.

معارك الآخرين على أرضنا السورية استجرّها النظام، واستجرّ الاحتلال، وتسبب بفقدان تقرير المصير للشعب السوري كله، فالآخرون هم من يقرر شن الحرب، أو وقفها، ويرسمون خرائط التهجير، ونشر قواتهم في بلاد صارت شبه خالية بنظرهم.

وقد يقول قائل إن شبيحة النظام هم من يوزعون الشرائح الإلكترونية في المواقع العسكرية الإيرانية، نزولًا عند رغبة الروس، والغرب، للتخلص من النفوذ الإيراني المتعاظم قرب إسرائيل، وهذا وارد، ولكن ليس لتخليص الشعب السوري من هذه الفاشية الإيرانية، التي تكاد أن تكون مرآة لداعش، ولتجلياتها العدوانية. فهذا الدمار، وهذه الحروب الجديدة هي فوق أرضنا، وفوق شعبنا، وهي لن تحرر، لا الجولان، ولا حميميم، ولن تزيدنا إلا تدهورًا، وأيًا كان المنتصر، فهم يتنافسون على اقتسام لحمنا الذي يقدمه لهم هذا النظام على طبق من الخيانة.

ورغم قسوة ما جرى، ورغم كل الانتصارات الواهية لنظام الشبيحة، فالإصرار على الخلاص من هذا النظام، هو السبيل الوحيد لإنقاذ بلادنا وتحريرها، ولا تزال مقولة الثورة الأولى سارية المفعول: الشعب يريد إسقاط النظام!

فهذا الشعار ليس مقولة ساذجة وليس شعارًا ارتجاليًا، وإنما هو حقيقة تلخص كل الكلام، وكل الأهداف النبيلة التي قامت هذه الثورة من أجلها.

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي