مرسوم يستملك "حرم النبع"

سكان وادي بردى يخسرون اقتصادهم

camera iconقرية عين الفيجة يظهر فيها منشأة النبع - 2015 (ناشطون)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – أحمد محمد

بعد عام ونصف على تهجير أهالي قريتي عين الفيجة وبسيمة في وادي بردى، خسر الأهالي أملاكهم على حرم نبع الفيجة، الذي يعد المصدر الرئيسي لمياه العاصمة دمشق، بموجب قوانين رسمية بدأت حكومة النظام السوري بتطبيقها على الأرض.

وأصدر رئيس النظام، بشار الأسد، القانون “رقم 1”، في 18 من كانون الثاني الماضي، الذي حدد بموجبه حرمي النبع “المباشر وغير المباشر”، إضافة إلى تحديد حرمي النفق المائي المار بتلك القرى والواصل إلى دمشق.

المرسوم الرئاسي لـ “حرم نبع الفيجة”

وبحسب القانون، يُنشأ حول مركز نبع الفيجة حَرَمان (مباشر، غير مباشر)، ورغم أن القانون لم يحدد أبعاد الحرمين بدقة، جرفت حكومة النظام السوري دائرة نصف قطرها 210 أمتار من محيط النبع باعتباره نقطة ارتكاز، على أن يتم تنزيل حدود الحرم المباشر وغير المباشر على الواقع بواسطة علامات ثابتة.

كما ينشأ على طول نفقي جر المياه (القديم والجديد) من نبع الفيجة إلى دمشق حرمان أيضًا، ويحدد عرض الحرم المباشر لنفقي جر المياه بمسافة عشرة أمتار، وفقًا للمخطط المرفق المعد من قبل الشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية، ويحدد عرض الحرم غير المباشر لنفقي جر المياه بمسافة 20 مترًا لكل طرف من النفق اعتبارًا من محور النفق متضمنًا الحرم.

ونص القانون على استملاك العقارات وأجزاء العقارات الواقعة ضمن الحرم المباشر، وفق المخططات المرفقة بالقانون، ووفق تعويض معادل للقيمة الحقيقية للملكية.

أعمال “محظورة”

ووفق القانون الجديد، يسمح للقرى القائمة في الحرم غير المباشر لنبع الفيجة ونفقي جر المياه من نبع الفيجة إلى دمشق القيام بأعمال محددة، هي ممارسة الزراعة البعلية دون استعمال مبيدات أو مخصبات ذات أثر تراكمي، وتربية المواشي بطريقة الرعي الحالية، بالإضافة إلى ترميم المساكن القائمة فقط.‏

ويعاقب مخالفو الأحكام السابقة بالحبس من ستة أشهر إلى سنة، وغرامة قدرها 500 ألف ليرة سورية.

كما يمنع منعًا مطلقًا، في الحرم المباشر لنبع الفيجة ونفقي جر المياه، القيام بأي من الأعمال التالية، حفر الآبار وردم الحفر ونقل الأحجار أو الأتربة أو الرمال وإحداث مقالع لها.

ويمنع بناء أي من المنشآت السكنية أو الصناعية أو التجارية أو السياحية، وإقامة الطرق وتعبيدها، بالإضافة إلى إقامة أي تمديدات أو خزانات مهما كان الغرض من استعمالها.‏

بسيمة تخسر ثلثي مساحتها.. وعين الفيجة تخسر ثقلها

رئيس المجلس المحلي السابق لقرى وادي بردى، سالم نصر الله، اعتبر أن القانون جائر بحق السكان كونه يؤدي إلى استملاك مساحات واسعة من ممتلكاتهم.

ويمتد النفق المائي القديم في قرية بسيمة إلى مسافة قدرها كيلومتر واحد، وهذا يعني أن مساحة 2000 كيلومتر مربع تعتبر ضمن حرمي النفق المائي “الجديد والقديم” في قرية بسيمة، وهذه مساحة مستملكة.

إضافة إلى وجود حرم لسكة القطار وحرم للنهر، لتضاف تلك المساحات إلى حرمي النفق المائي، وبالتالي فخسارة قرية بسيمة لوحدها تبلغ ثلثي مساحة القرية لصالح حرم النفق المائي والنهر وسكة القطار، بحسب نصر الله.

بينما خسرت عين الفيجة نصف مساحتها لصالح حرم النبع، وهذه المنطقة تعتبر الأكثر كثافة سكانية وتوجد فيها معظم المنشآت السياحية والحيوية والإدارية، ومن ضمنها السوق الرئيسي للقرية.

“أبو أحمد ع”، من سكان عين الفيجة، يقول لعنب بلدي “كنت أملك مطعمًا في القرية على ضفاف بردى، وكان مصدر رزقي الوحيد، قبل أن يدمر جراء الحملة العسكرية، ويزال بعد الحملة بحجة حرم النبع المباشر والأمن المائي”.

وأكد خسارته لمنزله ومنازل أخواته لذات الأسباب، في حين لم يتم تعويضه ماليًا حتى الآن ولم يعرف ما هي إجراءات التعويض والقيمة التي ستقدّر بها الأرض.

منع “أبو أحمد” من العودة إلى أرضه وحتى إلى ركام منزله ومطعمه، ويقول “أنا الآن مهجّر في ضواحي العاصمة، وأتكلف شهريًا مبالغ كبيرة لإيجار المنزل والمصاريف الشهرية. خسرت كل شيء بلا سبب ولا تعويضات، وتحولت منازلنا وأحياؤنا الى مناطق عسكرية ومنشأة للنبع”.

“مصطفى ن”، من قرية بسيمة المجاورة، قال لعنب بلدي إن حرم النفق المائي يمر فوق أرضه التي تبلغ عدة دونمات.

“تهجّرنا منذ سنة ونصف وخسرنا شقاء السنين، ليأتي المرسوم الجديد ويقضي على ما تبقى لنا من أمل بالعودة”، أضاف مصطفى، مقللًا من إمكانية العودة إلى قريته.

السكان ممنوعون من العودة

المنطقة خضعت لسيطرة فصائل المعارضة لعدة سنوات، قبل تعرضها لهجمة من قوات الأسد بمساندة الطيران الروسي، في 25 من كانون الأول 2016، إذ استهل النظام حملته بقصف مكثف بالطيران الحربي والمروحي، وتركز القصف على قريتي عين الفيجة وبسيمة دون سابق إنذار، رغم إدراج المنطقة في اتفاق “تخفيف التوتر” في أستانة.

ودمرت منشأة النبع والمراكز الحيوية والإدارية في عين الفيجة خلال الحملة العسكرية، ومنها مقسم المنطقة والبلدية والناحية والنفوس والمراكز الطبية، قبل التوصل إلى اتفاق مع الفصائل بالخروج الى شمال سوريا، في 31 من كانون الثاني 2017، ليعلن النظام سيطرته الكاملة على المنطقة.

وعقب انتهاء الحملة العسكرية منعت حواجز النظام السوري أهالي بسيمة وعين الفيجة من العودة إلى المنطقة، رغم الوعود السابقة في الاتفاق.

رئيس المجلس المحلي السابق لقرى وادي بردى، سالم نصر الله، قال لعنب بلدي إنه عقب انتهاء الحملة العسكرية وخروج فصائل المعارضة إلى الشمال السوري، أغلق النظام مداخل قريتي بسيمة وعين الفيجة ومنع دخول السكان، معتبرًا تلك القرى “منطقة عسكرية”.

وأشار نصرالله إلى أن أحد الضباط قال لسكان بسيمة، عندما طالبوا بالحصول على بعض أغراضهم الشخصية من القرية، “خسرتم الحرب، وهذه القرية بما فيها تعتبر غنائم حرب لنا ولا حق لأحد بها”.

وبحسب شهود من أهالي المنطقة لعنب بلدي فإن الطيران استهدف بشكل مباشر نبع عين الفيجة خلال الأيام الأولى من الحملة، ما أدى إلى قطع المياه عن كامل مدينة دمشق، الأمر الذي أدى إلى “أزمة مائية” في العاصمة، عانى خلالها السكان من أزمة مياه لقرابة شهر.

واستهدف النبع بشكل مباشر خلال الحملة العسكرية من الطيران الحربي، وفق مصادر متقاطعة لعنب بلدي، بالتزامن مع عرقلة المبادرات التي تقدمت بها فصائل المنطقة للجلوس على طاولة التفاوض والتوصل إلى حل، في حين ركزت الرواية الرسمية على أن فصائل المعارضة هي المسؤولة عن الأزمة المائية.

أهمية المنشآت السياحية لأهالي المنطقة

يعتمد سكان قريتي بسيمة وعين الفيجة على المنشآت السياحية من مقاصف ومطاعم ومنتزهات، لاشتهار المنطقة بالسياحة بشكل رئيسي، إضافة لأسواق تجارية على مستوى القرى، يعتمد أصحابها على رزقهم اليومي من خلالها.

وتعتبر منطقة وادي بردى من أهم المناطق السياحية في دمشق وريفها وأحد أهم المصايف في المنطقة، وتتسم بطبيعة يتخللها نهر بردى الشهير، وتعتبر عين الفيجة المقصد الأهم للسياح، وتحتوي ما يقارب 80 مطعمًا على ضفاف النهر وحول النبع، وتعتبر هذه المطاعم منشآت ضخمة من حيث المساحة والتكلفة المادية.

 

خريطة تظهر مساحات الاستملاك وفق القانون الجديد لحرمي عين الفيجة (عنب بلدي)

خريطة تظهر مساحات الاستملاك وفق القانون الجديد لحرمي عين الفيجة (عنب بلدي)

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة