عنب بلدي – درعا
شهدت محافظة درعا وعموم المنطقة الجنوبية، الأسبوع الماضي، أمطارًا غير مسبوقة، أدت إلى تشكل سيول في عشرات البلدات والقرى، وتسببت بتهجير العديد من أهالي المخيمات، بينما كشفت عما هو “مستور” في مناطق سيطرة قوات الأسد.
ورغم أن الأعين اتجهت إلى دمشق، لم تكن الحال أقل سوءًا في درعا التي عاش ريفها الشرقي أيامًا صعبة، وجرت المياه شرقي المحافظة في الشوارع وملأت السدود التي جفت منذ سنوات، وعادت أيضًا إلى وادي الزيدي، الذي لم يراه أهالي المنطقة فائضًا منذ ثمانينيات القرن الماضي.
محمد الحسن، أحد قاطني أطراف بلدة غصم، دخلت المياه إلى منزله، وقال لعنب بلدي إن السبب الرئيسي للسيول ليس الأمطار فقط، بل نتيجة فيضان سدود محافظة السويداء، ما اضطر المشرفين عليها إلى فتح بواباتها بشكل أكبر من المعتاد خوفًا من أن يلحقها ضرر، لتتدفق المياه بشكل كبير عبر الأودية إلى بلدات ريف درعا الشرقي، وبشكل خاص مدينة بصرى الشام وبلدات غصم والسهوة.
استنجد محمد وعشرات العائلات بفرق “الدفاع المدني” التي اضطرت إلى إخلاء الأهالي القاطنين على أطراف وادي الزيدي، وعملت لساعات على نقل خيم البدو المقيمين في السهول المحيطة بهذه البلدات، التي غمرتها المياه.
واقتصرت أضرار الأهالي على المادية فقط، وغمرت المياه ساحة المدرج في قلعة بصرى الشام، في مشهدٍ نادر الحدوث، وعادت الحياة إلى سد بلدتي المتاعية وغصم بعد سنوات من الجفاف.
المأساة كانت مشابهة في ريف درعا الغربي، رغم ابتعاده عن تأثير السدود، حيث تنتشر في المنطقة عشرات المخيمات للنازحين.
وأدت السيول إلى تضرر عشرات الخيم في مخيم زيزون بشكل خاص، ودفعت عشرات العائلات إلى مغادرة المخيم والبحث عن ملجأ آخر حتى انحسار العاصفة المطرية، ليعود بعدها الأهالي ويحصون خسائرهم.
الأمطار تكشف المستور
في المقابل كشفت الأمطار على مناطق سيطرة قوات الأسد مستورًا كان غائبًا عن الأعين خلال السنوات الماضية، إذ فاضت عشرات الأقبية في حي السحاري والسبيل وشمال الخط بالمياه، وأُغلقت معظم شوارع أحياء درعا المحطة بعد أن غمرتها المياه.
واستنجد الأهالي بفرق الهلال الأحمر وبلدية درعا لإنقاذ الأقبية من الغرق وفتح الشوارع.
وقال مصدر في “الهلال الأحمر” لعنب بلدي، إن الأحياء الأكثر تضررًا هي ذات المستوى المنخفض، وبشكل خاص حي السحاري والسبيل وشمال الخط والمطار، بينما كان الضرر محدودًا في حي الكاشف.
وكشف المصدر حقيقة ما حصل، لا سيما أن مدينة درعا تتمتع بشبكة تصريف مياه جيدة مقارنة بمناطق أخرى، ولم يسبق لها أن عايشت حوادث كهذه.
وقال إن قوات الأسد أغلقت جميع منافذ تصريف المياه الرئيسية بحواجز حديدية خوفًا من تسلل مقاتلي فصائل المعارضة من خلالها، وكان من المقرر أن يقوم عمال البلدية بعملية صيانة لهذه المنافذ وتنظيفها نتيجة تراكم الأوساخ الناجمة عن إغلاقها بالحواجز الحديدية، لكن عملية التنظيف لم تحدث، الأمر الذي دفع ثمنه أهالي المنطقة.
المزارعون لم يسلموا
المزارعون كذلك كان لهم نصيب من الخسائر، فقد تضررت محاصيلهم ذات الموسم الصيفي بشكل خاص، نتيجة الرياح الشديدة والأمطار الغزيرة.
المزارع هلال العجاج قال لعنب بلدي إن غزارة المياه وتشكل حبّات البَرد أدى إلى إصابة طلوق الليمون والبرتقال وكذلك أزهار الرمان، التي سقط كثير منها على الأرض وتضرر الموسم قبل بدئه.
وأشار المزارع إلى أن فلاحي المواسم الصيفية كالعجور والبطيخ تعرضوا للخسارة المادية بعد أن أصابت الأمطار محاصيلهم بالضرر، الأمر الذي سيلزمهم بتخفيض الأسعار والخروج من الموسم بأقل الخسائر الممكنة.
خلفت العاصفة والسيول المطرية الأخيرة خسائر مادية كبيرة للأهالي، وكادت أن تتسبب في خسائر بشرية، كما فعلت في مخيم الزعتري في الأردن، بعدما أدت السيول إلى غرق شاب نتيجة تدفق المياه الشديد إلى داخل المخيم.
ويبدو أن الأهالي عليهم التجهز مستقبلًا لمتابعة الأحوال الجوية لتحذيرهم من العواصف المقبلة بشكل مستمر، بذات الأهمية التي يتابعون فيها مراصد المعارضة العسكرية التي تحذرهم من أي غارات محتملة.